ما بين الولادة والشهادة مرّ نور فاطمة عليها السلام سريعاً كالبرق الخاطف. فمن العشرين من جمادى الثانية من السنة الخامسة للبعثة وحتّى الثالث من الشهر نفسه في السنة الحادية عشرة ثمانية عشر عاماً اختصرت العمر المبارك الشريف لهذا الموجود الإنساني الذي قال عنه رسول الله: من عرف هذه عرفها ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد. وهي بضعة منّي وهي قلبي وروحي التي بين جنبيّ. فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله.
الله الله.. يا فاطمة! ما أعظم شأنك وأجلّ مقامك، وما أجهلنا لحقك وقدرك عند الله وعند رسوله! حيث لم يمنعك قصر العمر هذا من اختصار الكمالات الإنسانية والمعنوية كلها، فاجتمع في وجودك المقدس – كما عبّر الإمام الخميني قدس سره – كلّ التجليّات الملكوتية، الإلهية، الجبروتية، الملكية والناسوتية.
عزيزي القارئ
لعلّ في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فاطمة أمّ أبيها إشارةً إلى هذا، وكأن الـ"أم" هنا بمعنى القصد والمنتهى، ويصبح المراد من الحديث الشريف أنّ الكمالات الإنسانية والمعنوية التي اجتمعت على نحوها الأكمل والأتم في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، هذه الكمالات قصدت فاطمة عليها السلام وانتهت إليها فهي أم أبيها.
أليست هي بضعة مني وقلبه وروحه التي بين جنبيه؟
وإلى اللقاء.