فاطمة الحسيني
"صديقك يلّلي بدّك تبقيه لا تاخد منّو ولا تعطيه"
إنها مفارقة كبرى تطالعنا في هذا المثل الخاطئ. أجل أخي القارئ نقول مفارقة لأنّ الصداقة أخذ وعطاء متبادل بين الأصدقاء فكيف يكون الصديق صديقاً ما لم نأخذ منه أو نعطيه؟! والصداقة أيضاً هي الأخوّة وموضع الثقة تفرض على الصديق أن يساعد صديقه ويكون له عوناً في سرّائه وضرّائه بل ويسأل عنه في جميع أحواله.
وكما هو واضح في هذا المثل: "صديقك يلّل بدّك تبقيه لا تاخذ منه ولا تعطيه". فإنّه يتضمّن معاني غير محمودة تشوّه وجه الصداقة الحقيقية التي تعني العطاء والوفاء والإيثار وغيرها من المعاني السامية. ففي هذا المثل إشارة واضحة إلى أنّ الصديق يبقى صديقك ما دمت بعيداً عن جيُوبه أمّا لو حصل العكس فعندئذٍ ستتبخّر الصداقة.. وبكل محبة نقول لمن يتداولون هذا المثل ظناً منهم بأنّه صحيح وسليم نقول إسمحوا لنا بالقول إنّه ليس من الفضيلة أبداً أن نشوّه هذا الكنز وأعني به الصداقة أو أن نطعن بمبادئها، كما إنّه من غير اللائق أن نردّده أو نحتفظ به في قاموسنا فالصداقة الحقيقية أخي القارئ هي أن تصبح حال الأصدقاء واحدة وجيوبهم واحدة، وطالما أنّ العلاقة بينهم تكلّلها الثقة والأمانة والإخلاص فَلِمَ لا تكون جيوبهم مشاعاً لبعضهم البعض، فالصديق هو الذي يُعِين صديقه بنفسه وماله ولسانه ويده ورجله وإذا ما علم أنّ له حاجة بادر هو بنفسه إلى قضائها قبل أن يسأله إيّاها وغير ذلك الكثير ممّا هو من حقّ الصداقة علينا وواجباتنا تجاه الأصدقاء...
فإذاً، من حقّنا الآن أن نمحو هذا المثل ونستبدله بالقول: صديقك اللّي بدّك تبقيه خذ منه وأعطيه..
عندئذ يحق لنا أن نكون أصدقاء وأن نتكلم عن الصداقة.