نهى عبد الله
بعد أن نفخ بقوّة لتطير نشارة الخشب عنها، ظهرت اللّوحة بهيّة بخط بديع: "إنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ من أهل بيتي". لكنّ جمال حفره لم يجبه عن سؤاله، لمَ اختارها الزبون وثمّة كلمات أجمل؟ مضافاً إلى أنّ عمل الأصحاب يوم عاشوراء طبيعيّ جدّاً، ما المُميّز في عملهم إذا وقفوا مع صاحبهم؟!
حانت فترة استراحته، وبينما كان يوضّب أدواته، جذبت اللّوحة نظره ثانيةً، فجلس يرمقها ويتمتم في نفسه: "ما المميّز لديهم؟" ولم يلحظ أن تعبه قد حلّ عليه.
فجأة أطلّ عليه رجلان بهيئةٍ غريبة، وطلبا منه الذهاب معهما لعمل مميّز له، فحمل أدواته وذهب معهما، ولم يلحظ أن الطريق باتت ترابيّة، وأنّه وسط كثبان رمليّة، ولمح مجموعة من الناس يتهيّؤون للصلاة. تقدَّم أحد الرجلَين وقدّمه لشيخ كبير تجلّله هيبة نورانيّة لم يعهدها من قبل، ألقى عليه التحية، وفهم من الرجلين أنّ عمله المميّز يكمن في أن يقف إلى جانب هذا الشيخ وهو يصلّي؛ لأنّ خلف التلال ثمّة أعداء يتربّصون به، وسلّماه درعاً كبيراً يقي به نفسه من السهام، قال في نفسه: "عمل بسيط". ومع تكبيرة الإحرام بصوت الشيخ خشع قلبه، وأبصر سهماً قادماً، ودون أن يشعر نأى بنفسه عنه، ولحقه الثاني والثالث، وكلّ ما يأتي سهم يبتعد ويزيح عنه، خوفاً على نفسه... انتهت الصلاة وتنفّس الصعداء: "كادت السهام اللئيمة تصيبني"، لكنّه فجأةً تنبّه للاتفاق، نظر خلفه ناحية الشيخ، ووجد السهام كلّها نابتةً فيه. نظر إلى درعه، ولاحظ أنّه لم يستخدمه ولو لردّ السهام، بل خاف على نفسه وابتعد. كانت حياته أكثر قيمة في تلك اللّحظة التي أدركها الآن، وأدرك أين هو، وأدرك من هو هذا الشيخ العزيز.
ارتعدت فرائصه، ليجد نفسه جالساً في محترفه قبالة اللّوحة، لتجيبه عن سؤاله.
سوريا. دمشق .شارع السيد محسن الامين
ناهد صبحي نظام
2021-08-10 16:42:05
جميلة جدا ومعبره سلام الله على الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين فعلا اصحابه من اعظم واخلص الاصحاب التي ساعدت الامام على الانتصار