نحن نموت، ومصوّرو الصحف يسرعون إلينا بكاميراتهم الدقيقة، يصوّرون موتنا، في الشوارع، وعندما يجمعون أجسادنا التي تتلاشى، في البحر، عندما نحاول أن نهرب من الذين لا يعرفوننا، ولا نعرفهم، ولا نعلم لماذا يقتلوننا. نحن نموت. ويصوّرنا مصوّرو الصحف الكبيرة: "تايمز"، "رويترز"، "ديلي تلغراف". نحن نموت... يصوّروننا عندما يُخرجون جثثنا وجثث أطفالنا، جثّة أحدهم قد يحمل في يده دمية قماشيّة. دون أن يطلبوا منّا أن نبتسم أمام كاميراتهم، ينشرون صورنا.
يضعون مليون "إعجاب" على دمائنا، ونحن نموت، في كلّ الشوارع. عندما نهرب من صوت الرشاشات، ومشهد هروبنا سيكون أفضل صورة عالميّة لمصوّر يحصل على جائزة بسببها، وما زلنا نموت... تحت الركام. عندما يشمّ كلاب الصليب الأحمر التراب؛ ليجدوا جزءاً من ملابسنا، يرسلون ألف خبر عن ذكاء الكلاب، وجهود الصليب الأحمر، ولا يرانا أحد. عندما يجمعون أشلاءنا في أكياسٍ بلاستيكيّة، وتبتعد سيّارة الإسعاف، ولا يسمع أحد في العالم شيئاً إلّا صفّاراتها. يقيم الزعماء جلسة فوريّة؛ ليعبّروا عن مدى قلقهم من موتنا، يبتسمون للفلاشات، يتصافحون أمام الكاميرات. ويركبون من جديد سيّاراتهم الكبيرة السوداء التي جاءوا بها... ويبتعدون... ونحن نموت... من جديد.
رقيّة كريمي