الشيخ أبو صالح عبّاس
"فحافظوا على المبادئ، المبادئ تعني الوليّ الفقيه، لا سيّما هذا الحكيم، المظلوم، الورع في التديّن، والفقه، والعرفان والمعرفة. فلتجعلوا الخامنئيّ العزيز عزيز أرواحكم، ولتنظروا إلى حرمته كحرمة المقدّسات".
•نعمةٌ نادرة
يوصي القائد الشهيد الشعبَ الإيرانيّ بالمحافظة على الوليّ الفقيه، المتمثّل بالإمام الخامنئيّ المفدّى دام ظله، ثمّ يعدّد له مجموعة من الصفات، وهي: الحكمة، والمظلوميّة، والورع في التديّن، والفقه، والعرفان والمعرفة، تضاف إلى توصيفه له بالعبد الصالح المتقدّم في مطلع الوصيّة. وهي صفات واضحة بيِّنة للعدوّ والصديق، وقد قال فيه ذات يوم الإمام الخمينيّ قدس سره: "إذا كنتم تظنّون أنّكم تستطيعون أن تجدوا في كلّ العالم شخصاً مثل السيّد الخامنئيّ، الملتزم بالإسلام، والخادم الذي جُبل على خدمة هذا الشعب فلن تجدوا. إنّني أعرفه منذ سنوات طويلة أنعمها الله علينا".
•مواقف بعض العلماء
ثمّة العديد من الأقوال عن كبار العلماء والفقهاء، وعن بعض رؤساء العالم والمفكّرين وكبار المسؤولين الدوليّين، تشير إلى بعض الجوانب المضيئة التي تمتاز بها شخصيّة الإمام الخامنئيّ دام ظله، أذكر منها على سبيل المثال، ما صرّح به سماحة العارف والفقيه الشيخ حسن زاده آملي (حفظه الله) في حقّ الإمام الخامنئيّ دام ظله من قوله: "قائدنا عظيم الشأن، فقيه، عالم، عادل، قائد، مؤمن، موحّد، زعيم سياسيّ محبوب، إنسان طاهر ربّانيّ، نزيه، معرض عن الدنيا. اعرفوا قدر هذه النعمة الكبرى التي أنعمها الله علينا، اعرفوا مقام هذا الوليّ الفقيه..."(1)، ومنها ما يُنقل عن الفقيه المحقّق آية الله السيّد محمود الهاشميّ الشهروديّ رحمه الله من قوله: "السيّد القائد آية الله العظمى السيّد عليّ الخامنئيّ دام ظله، هو بحقّ امتداد للإمام الراحل قدس سره، في وعيه للإسلام، وفي تشخيصه لمصالح الإسلام الكبرى، وفي علمه وتقواه، وفي مقدرته الحكيمة على الإدارة الناجحة"(2)، ومنها ما يُنقل عن الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين بعد لقائه الإمام الخامنئيّ دام ظله، من حديثه عن التجارب القيّمة لقائد الثورة الإسلاميّة(3)، مضافاً إلى الكثير من الإفادات الطيّبة التي قيلت في حقّ الإمام الخامنئيّ دام ظله، لا يتّسع المقام لذكرها.
والفقاهة والحكمة والورع كلّها عبارات يختصرها ما روي عن الإمام العسكريّ عليه السلام: "أمّا مَن كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه"(4)، وما ورد في التوقيع الرفيع عن الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف: "وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم، وأنا حجّة الله"(5).
•مظلوميّة الإمام القائد
إلّا أنّ الأمر اللافت الذي يستدعي التوقّف عنده مليّاً، هو كلامه عن مظلوميّة الإمام القائد دام ظله. وقد تكرّر ذلك منه ثلاث مرّات في متن الوصيّة؛ المرّة الأولى حينما قال: "اللهم إنّي أشكرك على أن جعلتني بعد عبدك الصالح الخمينيّ قدس سره الحبيب سائراً على درب عبد صالح آخر من عبادك الصالحين، مظلوميّته تفوق صلاحه،... الخامنئيّ العزيز روحي لروحه الفداء"، والمرّة الثانية قوله الآنف الذكر "المظلوم"، والمرّة الثالثة في آخر الوصيّة عند كلامه عن العلماء والمراجع العظام، وهو قوله: "إنّني أرى سماحة آية الله العظمى الخامنئيّ وحيداً، وفي منتهى المظلوميّة".
•عزيز أرواحكم
هنا بالتحديد، وبعد أن نوّه بتضحيات هذا الشعب الفدائيّ، وعدّد أبرز صفات القائد العظيم، أخذ يوصيهم بوضوح شديد بما يعبّر عن تحمّل المسؤوليّة في المحافظة على المبادئ، قائلاً: "فلتجعلوا الخامنئيّ العزيز عزيز أرواحكم، ولتنظروا إلى حرمته كحرمة المقدّسات".
في هذا المقطع من كلامه، يظهر بهيئة من يبوح بعشقه الدفين؛ إذ يعرب عن نظرته هو إلى قائده. نعم، لقد كان يراه عزيز روحه، وكان يرى فيه من الحرمة ما يراه من حرمة للكعبة الشريفة وسائر الحرمات الأخرى.
وهو الذي كان يقف بين يدَي الإمام الخامنئيّ دام ظله بكلّ خشوع، وعيناه تفيضان بالحبّ، وكلماته تنضح بكلّ معاني التقدير، وقلبه ينبض بالتسليم والطاعة المطلقة، وقد تجلّى ذلك كلّه في الصفات التي عدّدها له الإمام القائد الخامنئيّ دام ظله بعد شهادته، في كلمة له مع أهل قمّ بتاريخ 18/1/2020م، وهي:
- الشجاعة ورباطة الجأش.
- التدبير والإقدام.
- الإخلاص، والفعاليّة.
- الالتزام بالحدود الشرعيّة.
- الالتزام بخطّ الإمام الخمينيّ قدس سره.
- الذوبان في الثورة، والثبات عليها.
- المنطق المؤثّر، ودقّة البيان.
- العدالة، وتجنّب الظلم.
وهذه الصفات تعبّر عن الضياء الذي كان ينعكس من سلوك القائد الشهيد، والذي كان يراه الإمام القائد دام ظله بوضوح، وهي تجسّد حالة التعظيم التي تحدّث عنها لمقام الوليّ الفقيه. وأحسب أنّ بكاء الإمام القائد دام ظله عند شهادته، والذي ليس له سابقة معروفة في حياة القائد منذ رحيل الإمام الخمينيّ قدس سره، إنّما كان بفعل تقديره هو حجم هذه الصفات التي كان يمتاز بها القائد الشهيد.
•مقدّمة واجبة
لا شكّ في أنّ الأمر برفع المظلوميّة عن الإمام القائد دام ظله يعدّ في حقيقته أمراً بتحصيل مقدّمة واجبة، وهي المعرفة؛ لأنّ التعظيم لا يكون مع الجهل، ما يعني ضرورة أن تلتفت الأمّة عموماً، والشعب الإيرانيّ خصوصاً، إلى حجم هذه الدرّة الثمينة التي تعيش بين ظهرانيهم، وأن يحيطوا بالمفاصل الأساسيّة من حياته المليئة بالتضحيات والمواقف الحكيمة، وأن يتأمّلوا في كلماته، ويعملوا بوصاياه دون تسويف أو تأويل.
1.نقلاً عن تسجيل صوتيّ له موجود على اليوتيوب، منشور في 13/10/2018م.
2.نقلاً عن موقع الخيام الثقافيّ الإلكترونيّ.
3.نقلاً عن شبكة المعارف الإسلاميّة، بعنوان مجريات اللقاء الذي جمع الإمام الخامنئيّ دام ظله والرئيس فلاديمير بوتين في 23/11/2015م.
4.الاحتجاج، الطوسيّ، ج2، ص263.
5.(م.ن)، ج2، ص283.