سأطرح في هذه الجلسة أمراً يمكن أن يكون مثاراً لطرح أسئلة من قبل البعض، معتمداً في ذلك على كتابات الإمام. ثم إنه وإن كان أمراً مسلماً به بالنسبة إلي، لكني لا أرى أنه قد وصل من خلال ما طرح، إلى الآن، إلى مرحلة أصبح فيها منهجاً واضحاً، إن أكثر أبعاد الإمام مجهولية هو البعد العرفاني والفقهي، حيث كان الإمام يحل معضلات النظام من خلال طرح مسائل جديدة وقد كان ذلك يتم بصورة موجزة، ومن خلال أطر فقهية محكمة. ولكن الحرب والمسائل الداخلية لم تكن لتسمح لنا بالاستفادة من آرائه استفادة كاملة.
1- الإسلام دين عالمي كامل وشامل، وقد أنزل كآخر دين لإدارة العالم. نحن نعتقد أن الإسلام قادر على إدارة العالم بأفضل وجه. والأحكام الأولية تتكفل بهذا الأمر. والأحكام الثانوية (المسلم كونها من الإسلام) هي لموارد الاضطرار ولحل مشاكل المجتمع والمسلمين. ولكن أصل إدارة المجتمع يكون من خلال الأحكام الأولية، وإلا فلم يكن من المناسب أن تسمى أحكاماً أولية. الأحكام الأولية للإسلام تجيب عن كل حادثة وواقعة، إلا في بعض الموارد النادرة حيث تنشأ الحاجة للأحكام الثانوية.
فإذا اعتبرنا أن الأحكام الأولية للإسلام لا تجيب عن كل مسألة وأنه يجب على الفرد أو على المجموعة أن يجدوا الحلول الناجعة لمشاكل المجتمع بحيث تكون لمصلحة الإسلام والمسلمين ولو من باب الضرورة، فهذا يعني أنه يكفي لكل دين مجموعة أحكام كلية، أما بقية الأمور فتكون من مسئولية ولي المسلمين أو من مسؤولية كل مدينة وقرية: فعلى سبيل المثال قد يقول المسؤولون: إذا حذفنا الربا من البنوك فسوف تفلس، وإذا لم نعطِ المسؤول حرية التصرف في أموال الناس فسوف يسود الهرج والمرج. إذاً لا حق لأحد بالتصرف في أمواله. وإذا لم نأخذ أموال الناس إضافة لما نأخذه منهم خمساً وزكاةً فسوف تختل أمور البلد. إذن يجب أخذها بالقوة. وحاصل هذا الكلام أن الإسلام غير قادر على إدارة أمور المجتمع، بل يجب على المسلمين أن يقوموا باللازم لذلك أو أن ينصبوا شخصاً يجعلونه ولياً عليهم ويسن لهم القوانين وإذا كان الأمر كذلك فما حاجتنا إلى الدين إذاً؟
2- من ناحية ثانية: العالم بحاجة في كل حين لقانون جديد ويجب عليه انتخاب الطرق الصحيحة لحل مشاكل الناس والنظام. مثلاً، لو كان كل الناس في الصين مسلمين، فكيف سيحل الإسلام مشكلة حاجتهم للحم؟ هل يمكننا إدارة مليار مسلم بواسطة الغنم والبقر والجمال وبعض من الطيور ومجموعة حيوانات برية وبحرية أخرى؟؟ الذي يأتون من تلك البلاد يقولون؟ أنهم يصطادون كل ما يمكن أكله في البحر أو البر أو الجو كل شيء حتى الدود والحشرات والنمل و... ومع هذا فلا تُسد حاجة المجتمع إلى البروتين. ومن جهة أخرى يقول الأطباء العلماء: إذا لم يعطَ الناس هناك ما يكفيهم من البروتين فسيصابون بأمراض عديدة خطيرة. فلو قال الآن ولي المسلمين: كل شيء حلال، حتى إشعار آخر، فهل نستطيع الادعاء بأن الإسلام يجيب على كل مسألة. هذا ما يفعله المسؤولون في الصين، وحتى لو لم يفعلوه. فإن الناس تفعله.
3- المطّلعون على الفقه الإسلامي يعلمون كم هو صعب على الفقيه أن يغير حكماً في الإسلام حتى لو كان متعلقاً بمسألة اجتماعية. ومع ذلك فإن للأمر سوابق بين الفقهاء. وموارده ليست قليلة. حيث كان للفقهاء في مسألة معينة حكم حتى زمن معين وبعد ذلك تغير الحكم بفتوى أخرى، مثلاً مسألة النزح من البئر كانت مورد إجماع حتى زمان العلامة رضوان الله عليه. حيث كان الجميع يفتي بنجاسة ماء البئر بملاقاته للنجاسة. وقد وردت روايات مختلفة عن الأئمة ذ حول كيفية تطهيره. وقد ادعى الكثير من الفقهاء الإجماع على هذه المسألة، وقد كانت مسألة محكمة واضحة لما كانت عليه من حيث شدة الابتلاء بها، ولدينا حوالي الخمسين مورداً يسأل فيها عن كيفية التطهير إذا لاقت نوعاً من الحيوانات أو النجاسات ولكل نوع كيفية تطهير مختلفة. فإذا ما وقع الفأر فيه يجب إزالة كذا دلو ماء منه حتى يطهر، وإذا تفتت جسده فكمية أخرى وإلا فدلو واحد. أما المرحوم العلامة فقال: بئر الماء لا ينجس وحمل الروايات الآمرة بالنزح على الاستحباب وكانت النتيجة أن اشتهرت هذه الفتوى وصارت محل إجماع فكان الإجماع على نجاسة البئر مع الملاقاة قبل العلامة، ثم تحول عند المتأخرين إلى الطهارة مع الملاقاة، وفي هذه الحالة صار لدينا إجماعين متضادين. أي كانت كل أحكام الأئمة قبل العلامة واجبة الطاعة وصارت بعده غير واجبة الطاعة بحمل هذه الروايات على الاستحباب، حيث تمسك العلامة بروايات من قبيل: "ماء البئر واسع لا يفسده شيء"، وكان الفقهاء القدماء قد شاهدوا هذه الروايات أيضاً.
يقول أحد الفقهاء المعاصرين: لقد حل العلامة معضلة المسلمين حيث لم تكن رواية نجاسة البئر قابلة للخدش. وقد كانت هذه المسألة موضع ابتلاء جميع المسلمين آنذاك حيث كان يسقط يومياً فأر أو عقرب أو كلب أو هرة في آبار مياههم. مما كان يوجب عليهم إخراج كمية من الماء بالدلو ورميها خارجاً. وإضافة إلى قيمة الماء بحد ذاته لم يكن بمقدور المء القيام بهذا العمل لما يتطلبه من جهد وعناء فجاء العلامة وحل المعضلة وقال: ليس من الواجب إخراج شيء من الماء لأن الماء لا يتنجس في الفرض المذكور.
لقد طرح الإمام في زماننا الحاضر مسائل من هذا القبيل. إن هذه الفتاوى كانت معرض استهزاء البعض ولكنها كانت تحكي عن نظرة جديدة في كل الموضوعات. كلنا يعلم أن للقاضي في الإسلام حرية تامة في إصدار الحكم فلو ارتكب مثلاً أحد ما جرماً في تبريز فأصدر قاضي تبريز حكماً يتلاءم مع جرمه، ولكن لو قام بهذا الجرم شخص آخر في بندر عباس ولنفس الهدف وأصدر القاضي حكماً آخر. كان هذا الحكم ساري المفعول ولا يحق لأحد رده. ولكن إذا طُرحت مسألة أساسية في نظمنا الإسلامية وهي وحدة الرؤية في الحكم. لتصل إلى الأمام فيمضيها. هل يحق لنا أن نقول أن حكم الإمام هذا سببه الضرورة والظروف الاجتماعية والسياسية الخاصة فيجب العمل إلى أن تعود الظروف إلى عهدها السابق أو أن تستجد لدينا شروط جديدة؟ مع أننا نعرف أن الظروف تزداد كل يوم تعقيداً ولا تعود أبداً لسابق عهدها، وأن إمكانية الوصول إلى الشرائط الضرورية بعيد ويحتاج إلى سنين وسنين. ونفس الأمر ينطبق على الأحكام الأخرى، مثلاً: التراضي بين العامل وصاحب العمل من الأصول الإسلامية المسلم بها. فهل يمكننا أن نقول إذا كان أرباب العمل يأكلون حق العمال فعلى أصحاب العمل أن يقبلوا بهذه الشروط. مع أنه من المحتمل أن يكون العامل راضياً بالعمل دون تحقق تلك الشروط. فنقول أيضاً هذا الحكم ضروري حتى يصلح أرباب العمل. أوضاع وأحوال العالم تشير لنا أنه إذا كان البناء أن يحصل إصلاح فسيحصل في الظاهر فقط.
إذن إذا كان البناء أن نضع قوانين جديدة مكان قوانيننا الأصلية وأن نزينها جميعاً بعنوان الضرورة والاضطرار وما يشبه ذلك، فكيف يحق لنا الاعتراض على الذين يقولون بأن الإسلام غير قادر على إدارة العالم؟!
4- كلنا يعلم أنه إذا حصل تغيير أساسي داخلي في موضوع ما، كان له حكم جديد، كالكلب إذا تحول إلى ملح أو الخمر إلى خل. إذن إذا حصل تغير داخلي أساسي في الموضوع وصار شيئاً جيداً كان له حكم جديد، وكان الحكم الجديد حكماً أولياً له أيضاً.
بحثي الأساس يبدأ من هنا فكيف يكون الحال لو كان التغير ظاهرياً لا داخلياً؟ فلو تغيرت الظروف الاجتماعية في مجتمع أو تغيرت الأوضاع الاقتصادية بحيث تغيرت جميع العلاقات الاجتماعية والسياسية الحاكمة على المجتمع هل أن المواضيع توجد حكماً جديداً بدون أدنى تغيير أم لا؟!... طبعاً أنا أطرح المسألة هنا بصورة عامة ولكني أشير إلى مورد جزئي. نحن نعلم أنه إذا تحول الشراب إلى خل طهرت كل الآنية والأوعية المرتبطة به دون أن يكون قد حصل لها أدنى تغيير. إذا أفرغنا الشراب في وعاء آخر، وتركنا الوعاء السابق وغيره من الآنية في غرفة ثانية بقيت هذه الآنية نجسة. ولكن هذه الأوعية تطهر لوحدها إذا تحول الشراب في داخلها إلى خل دون أن نطهرا. كان هذا مثال أحببت ذكره.
والآن فلنعد إلى أصل البحث. يقول الإمام:
"وحول الدروس والتحصيل والتحقيق في الحوزات فأنا معتقد بالفقه المتعارف، والاجتهاد الجواهري، ولا أجيز التخلف عنه. الاجتهاد صحيح بهذه الطريقة، ولكن هذا لا يعني أن الفقه الإسلامي جامد، فالزمان والمكان عنصران أساسيان في الاجتهاد، والمسألة التي كان لها حكم قديماً والتي يبدو أنها نفس المسألة في الروابط الحاكمة على السياسة والمجتمع والاقتصاد لنظام ما يمكن أن ينشأ لها حكم جديد. بمعنى أنه مع معرفتنا الدقيقة للروابط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية يمكن أن يظهر لنا ظاهرياً أن هذا الموضوع لم يختلف عن الموضوع الأول، ولكنه يكون قد أصبح موضوعاً جديداً في الواقع وبذلك لا بد له من حكم جديد".
الإمام يقول: "الزمان والمكان عنصران أساسيان في الاجتهاد" طبعاً ليس مراد الإمام من ذلك مثلاً أن لحم الكلب حرام في الزمن العادي ولكنه حلال في زمن الجوع حتى لا يموت الإنسان وهكذا، فهذا الأمر قد قال به الجميع، ولا يمكن أن يكون قصد الإمام أن يوضح هذه المسألة في بيان سياسي عقائدي هام. المسألة شيء آخر والإمام أراد أن يثير هذا الموضوع حين يقول: يمكن أن يستجد لمسألة ما حكم جديد دون أن يكون قد حصل فيها أدنى تغيير ظاهرياً عن الزمن الماضي حين كان لها حكم آخر. نفس الموضوع لا يتغير أبداً، ولكن لم تعد الروابط الاجتماعية هي نفس الروابط الاجتماعية السابقة، أو أن الروابط الاقتصادية تغيرت وصارت أكثر تعقيداً، بحيث لم تعد الروابط الاقتصادية السابقة عموماً حاكمة على المجتمع.
كما أنه لم تعد الروابط السياسية هي نفس الروابط السياسية السابقة. لهذا فالأمر الذي كان حراماً حتى الأمس يصبح حلالاً اليوم دون حصول أدنى تغيير فيه لأن الروابط الحاكمة على السياسة والاقتصاد والمجتمع تغيرت. الروابط الاجتماعية الحاكمة على مجتمع تتغير، المعدن الذي كان تابعاً للملك الشخصي حتى الأمس أصبح تابعاً للدولة وملكها، وليس هذا حكماً ثانوياً، بل هو حكم أولي. لماذا يكون الحكم أولياً في الاستحالة ولا يكون هنا كذلك، فنحن نعلم أن الحكم الأولي للكلب النجاسة، والحكم الأولي للملح الطهارة، وعندما يتحول الكلب إلى ملح، يكون الملح طاهراً وهذا حكم أولي له. وهكذا في التغييرات الخارجية فمع أن الموضوع لم يتغير ولكن كان الحكم الأولي للمعدن تبعيته للمالك، ولكن الحكم الأولي للمعدن في الروابط الجديدة يسقط هذه التبعية. الموضوع لم يتغير بحسب الظاهر ولكنه تغير بالواقع. ولكن بالنسبة إلى التغييرات الخارجية مرة جديدة ألفت انتباهكم إلى كلام الإمام: "المسألة التي كان لها حكم سابقاً، نفس هذه المسألة في الروابط الحاكمة على السياسة والمجتمع والاقتصاد يمكن أن يصير لها حكم جديد، بمعنى أنه ومع المعرفة الدقيقة للروابط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للموضوع الأول الذي لا يبدو أنه تغير بحسب الظاهر عن القديم، لكنه يكون قد صار في الواقع موضوعاً جديداً ويحتاج إلى حكم جديد".
لهذا ومع كون الإمام قد أفتى بتبعية المعدن في الروابط الحاكمة على المجتمع القديم. فإنه وحين يُسأل من قبل هيئة المحافظة على الدستور عن أنكم سبق أن أفتيتم بتبعية المعدن للمالك وهذا من المسلمات، ولكن ما هو الحال في مسألة النفط هل النفط تابع للملك الشخصي كسائر المعادن أم لا؟ وفي قسم من جوابه يقول (رض):
"لو افترضنا أن المعادن والنفط والغاز موجودة ضمن الأملاك الشخصية ولكون هذه المعادن وطنية وترتبط بالأجيال الحالية والقادمة التي ستظهر على مر الزمان لذلك تستثنى من آلامك الشخصية".
ليس هذا الحكم حكماً ثانوياً واضطرارياً. بل هو الحكم الأولي للمعادن بحسب الروابط الجديدة.
قد يخال الإنسان أن الإمام يبحث في مسألة وسائل الإنتاج، ففي السابق كان الإنسان يحمل فأساً أو أية وسيلة بدائية أخرى ويعمل بها لكي يحصل على قوت يومه. وإذا أنتج أكثر من حاجته فلم يكن يترتب على ذلك ضرر عام بل كان يدفع خمس ذلك الناتج. حيث أن مسألة الخمس في المعادن مسألة مجمع عليها: ولكن عندما تقلب وسائل الإنتاج كل الروابط الاقتصادية رأساً على عقب، يخرج المعدن عن تبعيته للمالك، فكيف إذا كان البحث يرتبط بمسألة هل في المعادن خمس أو لا. مع أن المعدن معدن وذهب وفضة ونحاس، فما الذي حدث حتى يكون الفرد مالكاً له ثم يصبح من ضمن الثروات الوطنية. هذا هو المراد من كلام الإمام حين يقول: مع أن الموضوع لم يتغير أبداً، ولكنه يصبح مع الروابط الجديدة موضوعاً جديداً ويحتاج إلى حكم جديد، وبناءً على قول الإمام: "يدلع لصاحب الأرض قيمة الأملاك أو إجارتها (الأرض التي فيها معدن) تماماً كسائر الأراضي دون احتساب المعادن في القيمة أو الإجارة ولا يستطيع المالك أن يرفض ذلك" يجب علينا أن نلتفت أنه لم تزد قيمة الأرض أو الإجارة لصاحب الأرض التي فيها معدن عن الحد العادي المتعارف. هذا هو حكم الروابط الجديدة. التفتوا إلى جملة الإمام هذه أيضاً: يقول الإمام ضمن جوابه على رسالة السيد قديري: "بناءاً على ما كتبتموه.. من كون الأنفال قد حللت للشيعة، يصبح بإمكان الشيعة إذن أن يقضوا على الغابات بالآلات الحديثة دون أن يمنعهم أحد ليقضوا بذلك على كل ما يساعد على نظافة البيئة والمحيط والسلامة العامة، مهددين أرواح الملايين من البشر بالخطر، ولا يحق لأحد أن يمنعهم!!...".
كلام الإمام واضح، كانت وسائل الإنتاج في السابق بدائية، حيث كان أقصى ما يقوم به الفرد هو قطع مجموعة أغصان لتجهيز الحطب اللازم للشتاء أو لصناعة باب أو نافذة لمنزله ولم يكن هذا يسبب أي ضرر لا للبيئة ولا لأي فرد. أما اليوم فيمكن لأي رأسمالي مع الروابط الحاكمة على السياسة والاقتصاد أن يقضي ببضع آلات على عشرات الهكتارات من الغابات يومياً. ويمكنه أن يصدرها إلى الخارج بناء على سياسة اقتصاد السوق وحريته، ويحصّل أموالاً إضافية، لينتج في اليوم الثاني أكثر مما أنتجه في اليوم الأول يأكل حق الناس الواضح دون أن يكون لأحد الحق في الاعتراض عليه. الموضوع هو الغابات، والغابات في الماضي لا تختلف عن غابات اليوم، إذن لماذا حُلّلت في الروابط الاقتصادية السياسية الاجتماعية السابقة، ولم تحلل في الروابط الحاكمة على الاقتصاد والسياسة والمجتمع الجديد. ليس هذا إلا لأن التغييرات التي طرأت خارج الموضوع توجب أن يطرأ حكم جديد على الموضوع دون أن يحصل فيه تغيير باطني (بحسب الظاهر) وليست التغييرات الخارجية إلا الروابط الجديدة الحاكمة على السياسة والمجتمع والاقتصاد العالمي.
لهذا وبعد أن اعتبر الإمام الحكومة لدى المجتهد الواقعي فلسفة عملية لكل الفقه في كل زوايا حياة البشر يقول: "الهدف الأساسي هو كيف يمكننا تنفيذ الأصول الفقهية المحكمة في عمل الفرد والمجتمع، وأن نتمكن من إيجاد الأجوبة للمعضلات، وكل خوف الاستكبار يكمن في هذه المسألة وهي أن يصبح للفقه والاجتهاد جهة عينية وعملية ويصبح المسلمون قادرين على المواجهة".
"علينا أن نسعى لكسر حصار الجهل والخرافة حتى نصل إلى النبع الزلال للإسلام المحمدي الأصيل صلى الله عليه وآله. وأغرب شيء اليوم في هذه الدنيا هو هذا الإسلام، ونجاته تحتاج إلى تضحية، أدعوا صلي لكي أكون أحد فدائييه المضحين...".
بناءً على وجهة نظر الإمام، الهدف الأساسي هو حل معضلات المجتمع والناس في إطار الأصول الفقهية المحكمة. ولو أريد حل المعضلات من خلال قوانين تحمل العنوان الثانوي، فما هي الأصول الفقهية فهنا يمكن الإجابة أنه يمكن حل معضلات الناس والنظام من خلال القوانين التي يضعها مجموعة من الأخصائيين. فما دور الإسلام إذن؟ ولكن لو أوجبت الظروف الخارجية تغيير الحكم، كان كل حكمٍ هو حكم الإسلام، وبذلك لا نكون قد حقرنا أحكام الإسلام.
ويبقى موضوع أخير: ما هو مستند الإمام في الآيات والروايات حتى استطاع استنباط هذا الأمر؟. هذا الموضوع يبقى على عاتق المدرسين المحترمين في قم حيث يجب عليهم من خلال الوقت الذي يمتلكونه أو أنه ليس لديهم المشاغل الحكومية أن يبحثوا عنه في إطار الآيات والروايات. أليس لهذا البحث قيمة في الحوزات العلمية توازي بحث الطهارة أو الصلاة الذي كرر مرات ومرات وقالوا فيه آراءهم ويقولون؟ طبعاً هو كلام جديد يستحق ذلك. وقد قال الإمام:
"علينا أن نسعى لكسر حصار الجهل والخرافة حتى نصل إلى النبع الزلال للإسلام المحمدي الأصيل صلى الله عليه وآله. وأغرب شيء اليوم في هذه الدنيا هو هذا الإسلام، ونجاته تحتاج إلى تضحية، أدعوا لي لكي أكون أح فدائييه المضحين...".