مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أمراء الجنة: شهيد الوعد الصادق فادي علي كاظم(كُميل)

نسرين إدريس قازان

 




اسم الأم: نهاد نحلة
محل وتاريخ الولادة: الطيبة 04/ 05/ 1968
الوضع العائلي: متأهل وله ثلاثة أولاد
رقم السجل: 99
محل تاريخ الاستشهاد: مواجهة الطيبة20/ 07/ 2006

عندما كانت الطائرات الإسرائيلية تُغير على قرية الطيبة، وقذائف المدفعيّة تدمّر أحياءها، كان فادي يركضُ في شوارعها حاملاً الكاميرا على كتفه ليوثق بالصورة وبصوته اللاهث حقيقة ما جرى هناك. الحقيقة التي قال عنها: "إنّه يوم القيامة". فادي كاظم الذي ترك عبر المشاهد التي صورها رسالة ذات وجهين، الأولى لمجتمع المقاومة، وهي مفعمة بالعزيمة والبأس والثبات والثانية للعدو الإسرائيلي، الذي دفع بجنوده دفعاً إلى ساحة المعركة، في الوقت الذي كان ثمة رجال عرض عليهم الرحيل ولكنهم أبوا حتى نالوا الشهادة.

* عشقٌ للإمام قدس سره
فادي كاظم، ابن قرية الطيبة، سافر مع والديه وإخوته إلى السعودية، بعد أن بلغ السادسة من عمره. ولكن جذوره المتعلقة بتراب قريته ظلّت تخنقه بحبل الحنين، فكان يتحين الفرص الصيفية ليعود إلى تلك الحقول التي لم يرَ قلبه أجمل منها.  الثّائر الصغير، والمتمرّد العنيد، كان كثير الشغب في المدرسة، فكثيراً ما استدعيَ الأب من قبل الإدارة ليسمع الشكوى عن ابنه الذي لا ينفك يكتب الشعارات المؤيدة للإمام الخميني المقدس على حائط ملعب كرة القدم، ولذا كان يُمنع من اللعب مع رفاقه.. ذلك العشق المتوقد للإمام الخميني قدس سره دفعه إلى تحصيل كل ما من شأنه أن يدفعه قُدماً في التزامه، وكان يُخبِّئ كتب الإمام قدس سره التي يقرأها خشيةَ أن تقع بيد أحدٍ فيتلفها. في العام 1990، وبعد أن بلغ فادي الثالثة والعشرين من عمره، عاد مع أهله ليستقرّ في لبنان. ولكنّ فرحته العارمة بذلك قابلتها غربة من نوع آخر، فالعائلة اضطرّت للسّكن في الضّاحية الجنوبية لبيروت، بسبب وقوع قرية الطيبة ضمن الشريط الحدودي المحتل آنذاك.

* العودة: مهمات عسكرية، عائلة وعمل
مع عودة فادي إلى لبنان، سارع إلى الالتحاق بصفوف التعبئة العامة. وإلى جانب عمله، خضع لدورات عسكرية عديدة أهّلته للمشاركة في بعض المهمات العسكرية، وأبرزها كان مشاركته في حرب عدوان نيسان في العام 1996. تزوَّج فادي ورزق بثلاثة أطفال أغدق عليهم الحنان والاهتمام، وحتى عندما كان الطيران الإسرائيلي يحوم على علو منخفض في الحرب، كان يُجلس ابنته الصغيرة في حضنه غير آبه بما يمارسه العدو من ترهيب وتخويف ويخبرها قصة ليهدئ روعها.. وعلى الرغم من الوضع المادي الضيّق الذي شدّ خناقه على فادي، إلا أن ما وجد في جيبه من مالٍ قليل، كان يسارع إلى إنفاقه على من هو بحاجة إليه أكثر منه.  كان فادي يهوى المطالعة كثيراً، ولهذا كوّن ثقافة واسعة، وكذلك الأمر كانت الكتابة الهواء الذي يتنفسه، وأجاد التخطيط أيضاً، ولكن الغريب في الأمر أن خطه كان بالكاد يُقرأ عندما يكتب ما يجول في خاطره، وهو صاحب الخطّ الجميل. وكثيراً ما كان يكتبُ على دفتره الأدعية والأحراز الخاصة به، فتراه يجمع من الأدعية جملاً يؤلف منها مقاطع متماسكة تشكل أدعية خاصة به يداوم على قراءتها.

* معاً.. لأداء الصلاة
عُرف فادي بمحبته الكبيرة للناس، فهو الرجل الحنون، الذي تبوح تقاسيم وجهه بالطيبة والسماحة، وهو الرجل الودود والاجتماعي، فإذا ما مشى في دروب القرية ظلّت الابتسامة على وجهه وهو يحيّي الواقفين والمارّين من حوله. وقد تسلم لفترة تدريب الشباب على لعب كرة القدم. وكان هذا التدريب بالنسبة إليه بوابة عبور إلى قلوبهم وعقولهم، فكانوا إلى جانب تقاذفهم للكرة يتقاذفون الأفكار ويناقشونها. وفي يوم طلب إليه أن لا يسمح لبعض الشباب باللعب في فريقه لأنهم غير ملتزمين، ولكنه أصرّ على اللعب معهم حتى إذا ما صدحت الصافرة لتعلن نهاية اللعب مشى وإياهم إلى المسجد لأداء الصلاة. تأثر فادي كثيراً بالشهيد الاستشهادي علي أشمر، وتاقت روحه إلى الانفلات من هذه الدنيا، التي صارت برحابتها ضيّقة عليه، ولم يعد يستطع مع الأيام صبراً.. حتى نظراته المفعمة بالنشاط والحيوية أسدل العتبُ على الأيام نقابه عليها، فمن رأى عينيه قرأ في صفحاتهما الكثير من الأسرار المرّة.

* وتحقّق الحلم!
قبل نشوب الحرب بسنتين عمل فادي في محلٍ لبيع المياه إلى جانب عمله في المقاومة الإسلامية، حتى إذا ما سمع بخبر أسر الجنديين في تموز، بانت تباشير الرحيل، فهو قد رأى في حلمه قبل 15 عشر يوماً من الحرب أن السماء تعجّ بالطائرات الإسرائيلية والناسَ تضج كأنه يوم القيامة، ولمّا أخبر زوجته بالرؤيا سألته: "ستظلّ تحلمُ بالحرب؟"، فأجابها: "نعم...". في بداية الحرب عمل فادي على تأمين المساعدات والمؤَن لأهل القرية، فإذا ما اشتد وطيس الحرب، وطُلب إلى جميع المدنيين مغادرة المكان حفاظاً على حياتهم، كان فادي ممن طُلب إليهم الرحيل. وكان يعاني من قصر في إحدى قدميه، ولكن من قال إنّ آثار الرجال تُقاسُ بسلامة مشيهم؟ فالطريق الشائكة والصعبة التي مشاها فادي عجز عنها الكثيرون...

* سنكون معهم
في 22 تموز، كانت الطيبة قد خلَت من أهلها، وبقي فيها المستبسلون من أبنائها وعدد من المجاهدين الذين كمنوا للعدو الصهيوني، حتى إذا ما حان وقت المواجهة كانوا حقاً "رجال الله" في الميدان، فهم الفئة القليلة التي غلبت الكثيرة، وقاتلوا حتى آخر طلقة رصاص، وكان في عداد السابقين إلى جنان الله، بعد المواجهة التي خاضوها في القرية، والتي كبدوا فيها العدو الصهيوني الكثير من الخسائر. كانت دماؤه تلمع تحت ضوء القمر, وابتسامته حملت هذه المرة معاني الراحة والطمأنينة.. وكانت الجملة الأخيرة التي قالها لزوجته قبل أن يُخرج عائلته من القرية: "هذه مسيرة كربلاء قد أتت إلينا ولن أتركها وأذهب، نحنُ فقط نقول يا ليتنا كنا معكم؟! الآن سنكون معهم.. هي سنّة الحرب يقودها الشرفاء.. ويحكمها الجبناء".

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع