كان كميل بن زياد النخعي من خواص أصحاب الإمام علي بن أبي
طالب عليه السلام وأصحاب سرِّه، وكان يتمتع بشخصية عظيمة وثقة عالية عند الإمام
عليه السلام، فقد كان يحدِّثه بأمور لم يُطِلع عليها أحداً غيره، ولذلك فقد قيل عنه
أنه حامل سره.
وكان والياً له على "هيت" وهي بلدة تقع على الفرات من نواحي بغداد.
وربما كان اختيار الإمام ل"هيت" نظراً لما يتمتع به كميل من شجاعة وعلم ومعرفة
بتصريف الأمور ولما لهذه البلدة من موقعية استراتيجية في ذلك الزمان ذلك لأن "هيت"
تتصل ببادية الشام وبذلك تشكل حدوداً بين العراق وبين سوريا والتي كانت دمشق
عاصمتها مقراً لمعاوية بن أبي سفيان. وقد كانت بعض المدن الواقعة على الفرات تابعة
لحكم معاوية الذي كان وجوده وامتداد نفوذه يشكل خطراً على الخلافة الإسلامية في عهد
الإمام علي عليه السلام لذلك كان اختيار كميل حافظاً لثغر العراق من هذه الجهة، فهو
القائد المحنّك والوالي العارف بإدارة البلاد.
وإضافة إلى ذلك فقد كان القائد العابد الزاهد الورع ويروي عنه المؤرخون بأنه كان
رجلاً ركيناً وكان له إدراك وكان شريفاً مطاعاً في قومه وكان من أجلاّء علماء وقته
وعقلاء زمانه ونسّاك عصره وفضلاء أوانه وكان من رؤساء الشيعة وذُكر من جملة عُبّاد
أهل الكوفة. قتله الحجاج سنة 83هـ مع من قتل من أكابر العلماء وحفظة القرآن الكريم
وتقع مقبرته في حي الحنّانة من أحياء مدينة النجف الأشرف.