نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أمراء الجنة: الشهيد باسم فاعور "بلال"



كرار غير فرار، ترتسم في عينيه دنيا الشهادة، وتستلقي فوق شفتيه ابتسامة الزاهدين فيردد قول أمير المؤمنين "يا دنيا غريّ غيري" إنه الشهيد "بلال" باسم فاعور الذي ولد عام 1969 واستشهد عام 1991 وهو يطلق نداءات هيهات منا الذلة وبين الولادة والشهادة قضى اثنين وعشرين ربيعاً، عاملاً مثابراً مجاهداً لا يكل ولا معنى للتعب عنده.

كان الشهيد باسم منذ طفولته مطيعاً لوالديه وقد تابع دراسته حتى المرحلة الابتدائية، ثم توقف بعد ذلك عن متابعة الدراسة للعمل ومساعدة والده في إعالة وتعليم إخوته.
أما التزام الشهيد فكان منذ صغره حيث عاش ضمن جوٍّ إسلامي وذلك من خلال المسجد واستماع المحاضرات وكان منطق الشهيد منطقاً إسلامياً ومحور كلامه كان حول الإسلام.

عمل الشهيد الجهادي ضمن صفوف المقاومة الإسلامية بدأ قبل استشهاده بسبع سنوات تقريباً حيث كان في الخامسة عشرة من عمره، ومنذ ذلك الحين صار الهم الوحيد عند "بلال العاملي" هو جهاد العدو الإسرائيلي فخضع لعدة دورات عسكرية ليتابع بعدها عمله الجهادي، وقد أصيب عدة مرات لكنها لم تُصِب عزيمة الشهيد بل كان يزداد قوة وإيماناً وعزيمة وعشقاً للشهادة التي كان يعيشها في كل لحظة من حياته وكلن يهيء نفسه لها.
لقد عاش الشهيد سنوات العمل الجهادي المتواصل وقام بالعشرات من العمليات الجهادية وكان يحدث نفسه بتحرير أرض الشريط الحدودي من رجس اليهود.

* ميزات الشهيد
كان الشهيد عبارة عن همة وحركة لا تعرف الكلل أو الملل فعندما يأتي من محاور المقاومة ويجلس مع إخوته أو أبناء جيرانه يحدثهم عن أهل البيت والقرآن الكريم والأنبياء العظام صلى الله عليه وآله وسلم. عندما يذهب إلى الجنوب كان يقضي أشهر عدة دفعة واحدة ولا يتحمل البقاء في بيروت لمدة طويلة، وعندما يسأل لماذا لا يبقى في بيروت أكثر كان يقول مبتسماً: "إن ساعة يمضيها المرء في الجنوب تساوي مئة عام من زمن بيروت، آه ما أروعه ـ جبل عامل ـ إنني عندما أستيقظ باكراً وأصلي الفجر أحس بعظمة تلك الأرض الطاهرة وأشعر أنني بين يدي الله أناجيه فيسمع مناجاتي وأشعر بالقوة والعزيمة في داخلي تتجدد يوماً بعد يوم".
وكان يردد دائماً: "أن أرض الجنوب هي كربلاء هذا العصر وعلينا جميعاً التوجه إلى هناك للجهاد والشهادة".

ومن أهم العبارات التي رددها الشهيد "من يريد تهذيب نفسه من ذنوب الدنيا عليه الذهاب إلى الجنوب للالتحاق بصفوف المقاومة الإسلامية والجهاد معها".

* ولدي أدّى الأمانة المودعة لديه
في هذا اليوم، أنادي باسمه فلا أراه.. أنادي فيه الطفولة فلا أجدها.. أناديه شاباً فلا أسمع صوته.. أنادي "باسم" الذي كان يبتسم، "اسم على مُسمى" فلا أرى إلا ذكراه..
إنني لم أفاجأ باستشهاده، لأنني كنت أتصوّر ذلك كلما حمل جعبته على كتفه خارجاً من البيت ومودعاً بابتسامة مملوءة بالحنان، بل وبالشفقة علينا في أغلب الأحيان..

استشهد "باسم"، وارتوت بدمائه أرض وطنه الطاهرة، فأدى الأمانة التي كان يعتبرها مودعة في ذاته.. فبذل أغلى ما يملك مفضلاً الموت الشريف على حياة فيها من الذل والمهانة الشيء الكثير..
قضى "باسم" ولكني أراه في وجوه كل المقاومين.. أراه في نفوس كل الشرفاء.. عزائي أنه استشهد في سبيل اعلاء كلمة الحق، ملتحقاً بركب الأبرار ممّن سبقوه.. فلولا المقاومة الإسلامية واستشهاد المقاومين لما كان لنا وطن، فالمقاومة الإسلامية هي العامود الفقري للإسلام، والعرب إن كان قد بقي هناك من عرب!!

.. عهداً لك يا ولدي الحبيب، عهداً ليمينك التي قُطعت كما يمين أبي الفضل العباس عليه السلام.. عهداً لدمائك التي قدّمتها قرباناً على مذبح العشق الإلهي لدحر اليهود، وإعلاء كلمة الله في هذه الأرض.. عهداً لك يا فلذة كبدي أن نسلك الخط الذي سلكت.. خط المقاومة الإسلامية، وأن نحفظ النهج الذي حملت، نهج الإمام الراحل قدس سره وخليفته المسدّد الخامنئي المعظم حفظه الله علّنا بذلك نقرّ لك عينك وروحك التي ترفرف فوقنا.. ونكون لك أوفياء.. أوفياء..
ولك ولمن سبقوك جنّات الخلد.
(مقطع من خطبة ألقاها والد الشهيد في ذكرى أسبوع ولده "باسم فاعور").

* من وصيته
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الآيات القرآنية تدل المؤمنين على تجارة تنجيهم من عذاب أليم، ألا وهي الإيمان بالله وبرسوله وأهل البيت عليهم السلام.
والجهاد في سبيل الله أفضل تجارة نتاجر بها لنربح مكاناً عظيماً عند الله عزَّ وجلَّ وبواسطة الجهاد نكسب رضى الله، فالإنسان المؤمن عندما يشعر أن الإسلام أصبح بخطر ويرى كل شياطين الأرض يتآمرون عليه ويحاولون أن يمحوه لأنه يشكل خطراً عليهم، لا يقف مكتوب الأيدي، لا بد له أن ينذر نفسه ويعير جمجمته لله وينطلق لتلبية نداء الإمام الحسين عليه السلام: "يا لثارات الحسين" تاركاً وراءه همّ الدنيا وما عليها، تاركاً أهله وأقرباءه، تاركاً كل شيء وفي قلبه بركان يثور، يغلي على أعداء الله، فبعد أن رأيت الأعداء تتكالب على الإسلام، أمست الدنيا بالنسبة لي حقيرة، خرجت لنصرة الدين، والتحقت بصفوف المقاومة الإسلامية.

إخواني: أول وصية أوصيكم بها محاسبة أنفسكم محاسبة شديدة فلا تحاسبوا غيركم وتنسوا أنفسكم.
أريد السماح منكم، إياكم وأن تحقدوا على بعضكم، فالمؤمن أخو المؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً.اجتنبوا المشاكل الداخلية يا إخواني، أنتم قادة المسيرة، أنتم تعزون الإسلام بنصركم لا ذلكم، والتزموا بخط ونهج الإمام الخميني قدس سره وخط المقاومة الإسلامية.

وصية لأهلي:
إلى أمي،
أعرف بأن استشهادي صعب عليك ولكن لا تنسي أن الموت حق، فإن لم أمت على الفراش أموت شهيداً، كما قال الإمام علي عليه السلام: "ألف ضربة بالسيف أحب عليّ من ميتة على الفراش".
أمي لا تبكي عليّ، بل اجعلي بكاءك على مصائب أهل البيت عليهم السلام.

أبي كن راضياً بهذا الموقف، اعتز وافتخر لأن ابنك استشهد ضد أعداء الله، واعلم بأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، واحفظ خط ونهج الإمام الخميني قدس سره. وأطيعوا الإمام قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي.
الموصي "باسم فاعور" ـ بلال العاملي.
تاريخ الوصية 4/8/1991

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع