إعداد: محمود دبوق
الكتاب: وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام.
الكاتب: آية اللَّه الميرزا محمد تقي الموسوي الأصفهاني.
إعداد ونشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
"إنَّ نفس غيبة الإمام عجل الله فرجه وطبيعة مرحلة الانتظار تقتضي نوعاً من الواجبات والمسؤوليات الأخرى التي تضاف إلى قائمة الواجبات والتكاليف الإسلامية العامّة، وهذا الكتاب "وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله فرجه " يبيّن هذا النوع من التكاليف والمسؤوليات والوظائف... وما يجب على المسلمين القيام به على المستوى الإيماني الفردي والاجتماعي والسياسي والجهادي في عصر الغيبة، وكيف ينبغي أن تكون علاقتنا نحن المنتظرين بالإمام الحجة عجل الله فرجه". يتميز هذا الكتاب والذي لم تتجاوز صفحاته الأربع والثمانين من القطع الوسط، على أنه من الأهميّة بما لا يقدّر بمقابل أو ثمن وذلك لشدّة الخصوصية التي يحملها في الحديث عن مجموع الوظائف والأمور العملية المطلوبة من كل منتظر للإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه في زمن الغيبة حتى يأذن العلي القدير بخروجه لإقامة العدل بعد أن عمَّ الظلم والجور أرجاء العمورة.
* خمس وعشرون وظيفة:
ورد في الكافي عن الصادق عليه السلام أنه قال: "نفس المهموم لنا المغتمّ لظلمنا تسبيح". فالأمر الأول أو الوظيفة الأولى هي "الاغتمام لفراق الإمام عليه السلام ولمظلوميته" وهكذا دون مقدمات يدخل الكاتب في عالم الوظائف والواجبات المتوجبة على كل منا في زمن غيبة الإمام عجل الله فرجه، وليعدَّ في الجزء الأول خمساً وعشرين وظيفة، إضافة لفصلين الأول منهما في بعض الأدعية والزيارات. أما الفصل الثاني، فيتطرّق إلى الفوائد الحاصلة عند الدعاء لحضرة بقيّة اللَّه عجل الله فرجه. الوظيفة الثانية هي انتظار فرجه وظهوره، وقد ورد في ذلك عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: "أفضل العبادة الصبر وانتظار الفرج" أما الوظيفة الثالثة، فهي البكاء على فراقه ومصيبته، وروي عن الرضا عليه السلام: "من تذكّر مصابنا وبكى لما ارتكب منّا كان معنا في درجتنا يوم القيامة". أما الرابعة، فهي التسليم والانقياد وترك الاستعجال في ظهوره عجل الله فرجه، والخامسة أن نصله عليه السلام بأموالنا بمعنى أن يهدى إليه، وقد ورد في الكافي عن الصادق عليه السلام أنه قال: "ما من شيء أحبّ إلى اللَّه من إخراج الدراهم إلى الإمام، وأن اللَّه ليجعل له الدرهم في الجنّة مثل جبل أحد"...
أمّا السادسة والسابعة والثامنة، فهي التصدّق عنه عجل الله فرجه بقصد سلامته، ومعرفة صفاته والعزم على نصرته في أي حال كان، وطلب معرفته عجل الله فرجه من اللَّه عزَّ وجلَّ. وفي ذلك الدعاء المروي عن الصادق عليه السلام في الكافي وكمال الدين: "اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني". ويتابع الكاتب في الوظائف التاسعة والعاشرة والحادية عشرة، في المداومة على قراءة دعاء عن الإمام الصادق عليه السلام: "يا اللَّه يا رحمان يا رحيم يا مقلّب القلوب ثبت قلبي على دينك" إلى إعطاء القرابين نيابة عنه بقدر الاستطاعة، إلى عدم ذكر اسمه وهو نفس اسم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وتسميته بألقاب مثل: "القائم، المنتظر، الحجّة، الإمام الغائب وغيرها..." ومن الأمر الثاني عشر إلى الخامس عشر أمور وهي:
القيام عند ذكر اسمه وخصوصاً لقب "القائم"، إلى إعداد السلاح للجهاد بين يديه إلى التوسل به في المهمات والقسم على اللَّه تعالى به عليه السلام في الدعاء. الوظيفة أو الأمر السادس عشر هو الثبات على الدين القويم وعدم اتباع الدعوات الباطلة المزخرفة لأن الظهور لا يكون قبل خروج السفياني والصيحة في السماء كما ورد في أخبارٍ كثيرة، أما السابع عشر فهو العزلة عن عموم الناس للثابتين على أمر الإمام عجل الله فرجه في زمن غيبته إلى الثامن عشر وهو الصلاة عليه عجل الله فرجه، ومن التاسع عشر إلى الخامس والعشرين أمورٌ أخرى منها ذكر فضائله، وإظهار الشوق لرؤية جماله المبارك، ودعوة الناس لمعرفته وخدمته وخدمة آبائه الطاهرين، والصبر على المصاعب في زمان غيبته، وإهداء ثواب الأعمال الصالحة كقراءة القرآن وغيرها إليه، وزيارته وهذان الأمران غير مختصّين به فقط بل هما بشأن جميع الأئمة عليهم السلام إلى الخامس والعشرين والأخير في هذا الجزء وهو الدعاء لتعجيل ظهوره.
* فوائد الدعاء لحضرة بقية اللَّه عجل الله فرجه:
قبل أن نتعرض للفوائد الأربعة عشرة التي ذكرها الكاتب عند الدعاء لحضرة الإمام بقية اللَّه عجل الله فرجه فقد أورد وفي فصولٍ ثلاثة مختصرة ينهي بها الجزء الأول بعض الأدعية والزيارات منها المعروف ومنها ما ينصح بالاطلاع عليه في هذا الكتاب حيث لا محل أو متسع لذكرها في هذه القراءة، ليصل بنا المطاف مع كاتبنا السيد محمد تقي الموسوي الأصفهاني إلى ذكر أربعة عشرة فائدة هي المحصلة للدعاء لحضرته المباركة وهي: كون الدعاء سبباً لطول العمر، وأنه نوعٌ من أداء حقّه، وأنه سببٌ للحصول على شفاعة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وأن بالدعاء يساعد اللَّه الداعي ويدخل السرور عليه، وأنه أيضاً موجبٌ لدعاء صاحب الأمر للداعي وهو بالإضافة إلى ذلك تحصيلٌ لثواب الدعاء لجميع المؤمنين والمؤمنات، وهو أي الدعاء إظهارٌ للمحبّة والولاء له عجل الله فرجه، وكذلك أنه موجبٌ لدفع البلاء وأن الدعاء بتعجيل ظهوره هو تعظيمٌ للَّه ولرسوله ولكتابه، والدعاء أيضاً بالتعجيل له موجبٌ لتحصيل ثواب إعانة المظلوم، ومنها أيضاً ثواب الجهاد بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام، ومنها الحصول على أجرٍ لا يعلمه إلا اللَّه جلّ شأنه، وبه يدفع اللَّه البلاء عن أهل الأرض ويخرج بركاتها، ويختم الكاتب هذا الجزء بذكر اثني عشر حديثاً عن غيبة ذلك الإمام عالي المقام عن أبصار الأنام نقلاً عن الأئمة الكرام عليهم السلام. ويستفاد منها بالاطلاع عليها في محلّها.
* إظهار العلماء لعلمهم وإرشاد الجاهلين...
يعود الكاتب في الجزء الثاني إلى متابعة الوظائف التي يجب على أهل الإيمان المواظبة عليها في زمن غيبة الإمام "الحجّة بن الحسن العسكري عجل الله فرجه " وأن يجعلوها دستوراً لأعمالهم فيتحدث عن وجوب إظهار العلماء لعلمهم في الوظيفة السادسة والعشرين وأن يرشدوا الجاهلين إلى شبهات المخالفين كي لا يضلّوا وينقذوهم من الحيرة، وفي ذلك كما روي عن الإمام علي النقي عليه السلام أنه قال : "لولا من يبقى من بعد غيبة قائمكم من العلماء الداعين إليه، والدالين عليه، والذابّين عن دينه بحجج اللَّه والمنقذين لضعفاء عباد اللَّه من شباك إبليس ومردته، ومن فخاخ النواصب لما بقي أحد إلا ارتدَّ عن دين اللَّه، ولكنهم الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكّانها، أولئك هم الأفضلون عند اللَّه عزَّ وجلَّ". أما السابع والعشرون، فالاهتمام بأداء حقوق صاحب الزمان عجل الله فرجه من خلال خدمته وعدم إحزان قلبه بسيئاتنا على أقل تقدير والثامن والعشرون أن يبدأ الداعي بالدعاء له عجل الله فرجه بتعجيل ظهوره ثم يدعو لنفسه والتاسع والعشرون اظهار المحبّة والولاء له عجل الله فرجه، ومن الثلاثين إلى التاسع والثلاثين وظائف وأمور هي بمثابة مستحبات عبادية أخلاقية تعود بالفائدة العظيمة على متابعها وهي: الدعاء لأنصاره وخدّامه، ولعن أعدائه، والتوسل باللَّه تعالى أن يجعلنا من أنصاره، ورفع الصوت في الدعاء له وخصوصاً في المجالس والمحافل العامّة، إلى الصلاة على أنصاره وأعوانه، والطواف حول الكعبة المشرّفة نيابة عنه عجل الله فرجه، والحج نيابة عنه عجل الله فرجه، وإرسال النائب عنه للحجّ، وكذلك تجديد العهد والبيعة له عجل الله فرجه في كل يوم وفي كل وقتٍ ممكن، إلى استحباب زيارة قبور الأئمة الأطهار عليهم السلام نيابة عنه عجل الله فرجه.
* عدم تعيين وقت لظهوره عجل الله فرجه:
وفي متابعة الوظائف وحول سبل تكذيب كل مدّع أنه المهدي المنتظر، يتطرّق الكاتب في الأمر أو الوظيفة الأربعين إلى كيفية سؤال المدعي لإمامته عجل الله فرجه عن أمورٍ لا يصل إليها علم الناس مثل إخبار الجنين في رحم أمّه وفي أي وقت يولد والأخبار التي تضمر في القلوب ولا يعلمها إلا اللَّه سبحانه وتعالى إلى الحادي والأربعين تكذيب من يدّعي النيابة عنه عجل الله فرجه إلى الثاني والأربعين عدم تعيين وقت لظهوره وقد ورد في الحديث عن الصادق عليه السلام أنه قال لمحمد بن مسلم: "من وقّت لك من الناس شيئاً فلا تهابنَّ أن تكذّبه فلسنا نوقّت لأحد وقتاً" إلى الثالث والأربعين وكذلك الرابع والأربعين التوبة الحقيقية من الذنوب التي تتسبّب في إطالة خروجه عجل الله فرجه كما ورد في التوقيع الشريف المروي في الاحتجاج حيث يقول "فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه ولا نؤثره منهم". وفي الخامس والأربعين أن نسأل اللَّه تعالى أن نلاقي صاحب الزمان عجل الله فرجه ونحن مؤمنون ومعافون من ضلالات آخر الزمان، وفي السادس والأربعين أن يدعو المؤمن الناس إلى محبته عجل الله فرجه ببيان إحسانه إليهم وبركات ومنافع وجوده المقدّس لهم وحبّه عجل الله فرجه لهم.
* ما يرقّق القلب ويقسّيه:
في الوظيفة السابعة والأربعين يعرّج الكاتب على مسألة قساوة القلب بسبب طول زمان الغيبة فيذكر أموراً ترقّق القلب وأخرى تسبّب قساوته، ومنها فيما يرقّقه وينقّيه: الحضور في مجالس ذكر بقيّة اللَّه عجل الله فرجه ومجالسة العلماء العاملين وأهل الطاعات وزيارة القبور وكثرة ذكر الموت والمسح على رؤوس الأيتام والإحسان إليهم. وأما فيما يقسّيه فمنها: ترك ذكر اللَّه جلَّ شأنه، وأكل الطعام المحرّم، ومجالسة أهل الدنيا والأكل على الشبع وكثرة الضحك، وكثرة التفكير بالأكل والشرب، وكثرة الحديث فيما لا ينفع في الآخرة، وطول الأمل وعدم أداء الصلاة في أول وقتها، إضافة لمجالسة ومصاحبة أهل المعاصي والفسق والاستماع للكلام غير النافع في الآخرة، والذهاب إلى الصيد للهو واللعب، وتولّي الرئاسة في أمور الدنيا، والذهاب إلى المواطن الدنيئة المخجلة، وكثرة مجالسة النساء وكثرة أموال الدنيا وترك التوبة، كذلك الاستماع إلى الموسيقى وشرب المسكر وكل شراب حرام، إلى ترك مجالس أهل العلم، ثم يتمّم الكاتب ذكر هذه الوظائف بما تحمله من خصوصياتها إلى الوظيفة الرابعة والخمسين وفيها المرابطة في ثغور الإسلام وفيها تفاصيل هامّة إلى أن ينتهي الكتاب بفصل خاص في معرفة صفات وخصوصيات صاحب الأمر المتعلق به عجل الله فرجه وكذلك خصوصيات دعاء العهد المعروف كما ورد في كتاب "زاد المعاد" عن الإمام الصادق عليه أن من يقرأه أربعين صباحاً سيكون من أنصار القائم عجل الله فرجه.