مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أول الكلام: توق إلى الغرَّة المحمدية

الشيخ يوسف سرور

 



أسوار الظلمة تعلو شبابيك المدن والقرى، وجحافل العتمة تغزو فضاءات النواحي والأرجاء. ضباب سميك يحيط بهذه الأرض، يمتزج بهذا الليل الطويل الممتد على طول الأيام، كلما امتدت السنون ازداد ادلهماماً، وكلما تطاولت القرون صارت أكثر إطباقاً وإحكاماً. لكأنّ الكون ينساق إلى دمار... إلى خراب... إلى زوال... أيادي العبث تفتك بالإنسانية، تضرب بيد شيطانية على كل معاني الخير في هذا العالم.

تتغلغل في أعماق النفوس، تنبش كل الشر، تستجمع فيها كل قوى الغرائز. لكأنّها توقظ في كل واحد وواحدة البهائم النائمة، أو الكامنة لتخرج في فضاءاتنا، تسيح في ساحاتنا والشوارع، تملأ براري الأرض فوح روائحها البغيضة، تقفل كل مسارب الفضيلة... تجول أمام أنظارنا، محاولةً الانسلال إلى دواخلنا، لتنقش في نفوسنا والأفئدة لوثتها الرمادية، الممزوجة بالرغبة والخطيئة. هذه عجلات التاريخ تصرّ متثاقلةً حاملةً صورَ القهر والظلم، تنبعث منها أنات المعذبين وآهات المقهورين... تفيض جنباتها أنهاراً من الدماء المسفوحة البريئة، التي لا ذنب لها سوى إشباع نهم الحكام، وإرواء عطش الظالمين. ظلم أهل الأرض يملأ كل الأرض، تتناسل صوره، وتتاولد أشكاله كما تتوالد الوحوش كل ساعة بصور الآدميين. صرنا كأننا لا نعرف للطهر معنى، ولا للنقاء قلباً... عميت الأبصار في وجوهنا، وفي قلوبنا البصائر. هذه حال الدنيا، ﴿كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ(النور: 40). نهيم في أزقة الأيام ومتاهات السنين، نسير لا نلوي على شي‏ء في فسحات البسيطة... بتنا تزهر في ربيع أيامنا أزاهير الحنظل، عوسجات المدائن والفلات.

بلى سيدي... بلى... بلى لقد مللنا قراءة أسماء قتلانا تترى كل ساعة. لقد سئمنا قراءة الصحف والنشرات المليئة أخبار جلدنا والإعدام. هذه السجون تكتظ بهامات أبنائنا كمثل يوم الحشر قبل أوانه. أدمنّا القهر والعسف يغطي كل صفحات الراهن والذاكرة. سئمت الأمم إحصاء سياط الجلادين، تنهال على أجسادنا المنهكة. سيدي... لا تصدق، إن هذا إلا حشرجة مكلوم أثخن جسده الزمن... نشيج ملتاعٍ يحبس زفرته إلا لك... نواح ثكلى تبحث عن أبنائها ترصف جثثهم أرصفة التاريخ، بكاء طفلٍ مروّعٍ بهدير الطائرات ودوي مدافع المعتدين، أنين أسير في سجون الظالمين نسيه القيمون وأهملته الأيام... سيدي... إن هذا إلا عويل شاب وشابة، يبحث عن أمان يلجأ إليه... يحميه من براثن ذئاب هذه الغابة. سيدي... مللنا الموت والقهر والسجن والعذاب... لكن... ما مللنا من انتظارك... تصبح علينا آخر هذا الليل المديد... قائدي... طال واللَّه الزمن... عيون الحيارى تبحث عن هامتك المخزونة في ظهر الغيب، تكحل أبصارها بغرة نورك المحمدية... تفتش عن أناملك العلوية تمسح رؤوس أيتامك الذين لوّعت قلوبهم سنوات الانتظار... تجول عيوننا في كل الزوايا... والمواسم... تقتفي الخبر... إمامي... ها نحن المعذبين المقهورين المنسيين، قتلى الشوق والحنين... صدور يعمرها التوق إلى لقياك... كل المقل شاخصة لتقتبس نوراً من سناك... كل الشهداء... كل المجاهدين... كل أمهات العشاق والمحبين... هذه مسيرة دولتك تنظر عطفك والإعلان... كل أبنائها يرددون... والخامنئي أمير القافلة... عجل... فكل أجسادنا والأرواح لتراب مقدمك الفداء.

أضيف في: | عدد المشاهدات: