مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

الصحة والحياة: الإنسداد الرئوي المزمن داء المدخنين‏

د. إيمان زهر الدين‏

 



إن داء الانسداد الرئوي المزمن مرض يصيب الرئتين إثر تعرضهما وخلال فترات زمنية طويلة وبشكل متكرر لمواد ضارة مما يؤدي إلى التهاب مزمن مع تشنج في القصبة الهوائية وتدهور في الوظيفة الرئوية.

* أسباب داء الانسداد الرئوي‏
إن أحد الأسباب النادرة لداء الانسداد الرئوي المزمن هو نقص في أحد الخمائر التي تحمي الرئتين من التلف (alpa 1 - protease inhibitor) وهذا النقص يؤدي إلى ظهور المرض في عمر مبكر أي قبل سن الأربعين. يعتبر التدخين (السجائر، النارجيلة، أو الغليون) سبباً رئيسياً لهذا الداء، فقد أظهرت الدراسات أن 15-10% من المدخنين يعانون من هذا المرض، ويساعد التلوث البيئي أو التعرض لمواد ضارة في أماكن العمل مثل الدخان الكيميائي والغبار العضوي (غبار الحبوب والقطن والصوف) على ظهور عوارض الانسداد الرئوي عند بعض المرضى، ولكن قليلاً ما يكون وحده مسؤولاً عن المرض. إن الأذى الناتج عن التدخين يزداد كلما كان العمر عند البدء بالتدخين أصغر، وكلما كان عدد السجائر يومياً أكبر وكلما استمرت عادة التدخين لسنوات أطول. إن عدم البلع واستعمال الفلتر يخففان ولكن لا يمنعان بشكل كامل الآثار السلبية للتدخين. وجدير بالذكر أن الأشخاص الذين يتعرضون لدخان سجائر زملائهم في العمل أو زوجاتهم في البيت يصابون ببعض الأمراض التي تكثر عند المدخنين وإن كانت أقل بكثير مقارنة مع المدخنين أنفسهم.

* العوارض‏
يمكن لبعض العوارض أن تسبق الإصابة بالانسداد الرئوي وتكون بمثابة إنذار، وهي تتمثل بسعال متكرر مع قشع (بلغم)، وللأسف غالباً ما يواجه هذا الإنذار المبكر بالإهمال والتغاضي من قبل المرضى مع العلم أن الإقلاع عن التدخين في هذه المرحلة المبكرة يمنع من تطور المرض ويسمح غالباً بالحفاظ على وظيفة رئوية طبيعية. في حال الاستمرار بالتدخين تبدأ عوارض أكثر جدية بالظهور فيشكو المريض ضيق التنفس بشكل يومي وفي نهاية المطاف تصبح عملية التنفس صعبة وشاقة وإن كان المريض ممدداً على فراشه. إن هذا التطور يتم على امتداد سنوات طويلة ويتميز بسورات (أو أزمات) دورية، خاصة في فصلي الشتاء والخريف، إثر الإصابة بإلتهابات حادة في القصبة الهوائية مما يؤثر سلباً على الانحدار المتواصل في الوظيفة الرئوية. إضافة إلى ما سبق، يمكن ملاحظة بعض العوارض الأخرى خاصة في الحالات المتقدمة، مثل: تورم القدمين، امتلاء البطن، الزراق (تغير لون الجلد إلى الأزرق)، رعشة في الأطراف أو اضطراب في حالة الوعي. يمكن للطبيب أن يشخص هذا الداء من خلال الفحص السريري ثم لتأكيد التشخيص يتم إجراء اختبار الوظيفة الرئوية (spirometry) وهو عبارة عن دراسة لكمية وسرعة الهواء الذي يستطيع المريض أن ينفخه عبر جهاز خاص. ويظهر الانسداد الرئوي كهبوط في سرعة جريان الهواء خلال الزفير. إن الصور الشعاعية للصدر تكون طبيعية في البداية وهي غير ضرورية للتشخيص. لكن أحياناً تظهر وجود كمية كبيرة من الهواء في الرئتين. وحسب حالة المريض فإن زيادة الفحوصات والصور يمكن أن تكشف التالي:

- إرتفاع نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون في الدم الشرياني.
- نقص الأوكسجين بالدم الشرياني.
- إرتفاع نسبة الحمض في الدم الشرياني.
- تزايد نسبة الكريات الحمر بالدم.
- ارتفاع في ضغط شرايين الرئة.
- تضخم في عضلة القلب اليمنى.
- تضخم في الكبد.
- تجمع سائل في جوف البطن.

* العلاج‏
هناك عدة أنواع من الأدوية التي يمكن استعمالها لعلاج داء الانسداد الرئوي المزمن:
1- أدوية موسعة للقصبات بعضها يعطى إنشاقاً أو بشكل رذاذ، وبعضها قصيرة الأمد ويدوم مفعولها من 12 إلى 24 ساعة، والبعض الآخر يؤخذ عن طريق الفم أو الوريد. إن الموسعات القصبية تخفف ضيق النفس ولكنها قليلاً ما تحسن الوظيفة الرئوية.

2- السيتروئيدات القشرية (أو ما يعرف عامة بالكورتيزون) وهي تخفف من تردد السورات، وغالباً ما تستعمل بشكل رذاذ وهي لا تسمح بتجنب الكثير من المضاعفات التي تظهر عند استعمالها لفترات طويلة (مثل: ترقق العظم، ارتفاع نسبة السكر بالدم، زيادة الوزن...). ويمكن استعمالها أيضاً عن طريق الفم أو الوريد وذلك عند الإصابة بالسورات ولمدة أسبوعين فقط.

3- الأوكسيجين ويستعمل بشكل متواصل أو متقطع حسب الحالة.

4- المضادات الحيوية تستعمل فقط عند السورات الناتجة عن إلتهابات حادة (ضيق نفس أكثر، إزدياد بكمية القشع وتحول في لونه نحو الأصفر والأخضر).

5- لقاح الأنفلونزا عند بداية كل خريف وهو يخفف من تردد السورات (الإصابات).

6- يمكن استخدام بعض الأجهزة التي تدفع الهواء تحت ضغط معين (يتم تحديده من قبل الطبيب) عبر كمامة حول الأنف أو الأنف والفم (BIPAP) وذلك في الحالات القصوى.
إن داء الانسداد الرئوي كغيره من الأمراض المزمنة بحاجة إلى علاج دائم مدى الحياة أي أن كل هذه الطرق العلاجية تمكن في أفضل الأحوال من السيطرة على العوارض لكنها لا تشفي تماماً.
لذلك فإن الوقاية هي العلاج الناجح الوحيد وتتجلى بالدرجة الأولى بالامتناع عن التدخين. ونلفت انتباه القارئ العزيز إلى أن الإقلاع عن التدخين بعد الإصابة بالانسداد الرئوي يخفف من حدة التدهور الوظيفي للرئة.

(*) جمعية الأطباء المسلمين‏/ أخصائية بالأمراض الصدرية

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع