مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

تحقيق‏: محبُّو علي عليه السلام من كل المذاهب والأديان‏

 

منهال الأمين‏


شخصية الإمام علي عليه السلام شخصية لامعة حازت على اهتمام الأدباء والشعراء والمفكرين فضلاً عن عامة الناس، وإن اختلفوا معها في الخلفية العقائدية والسلوكية. وهذا مرده إلى أن تلك الشخصية حملت من القيم والمبادئ والسيرة الذاتية ما جعلها تتميز كرمز إنساني نادر الوجود، وكحاكم مثالي ارتضى في يوم من الأيام أن يقف أمام القاضي ليأخذ منه الحق لمن ادعاه ولو كان يهودياً، رافضاً في الوقت عينه أن يعامل كأمير للمؤمنين قبل أن تظهر الحقيقة. والبشر بحاجة إلى هذه القدوة والمثال وإلى هذا النموذج الإنساني الخالص لكي يستنيروا به في سعيهم للسعادة المطلقة.

ومخطئ من يظن أن التأثر به محدود بالزمان والمكان والانتماء. فالإمام الذي رسخ المفاهيم والقيم الإنسانية الحقيقية بقي عبر العصور المتعاقبة شمساً ساطعة في هذا العالم. ومهما سألت الناس من أي فئة كانوا عن علي عليه السلام، لن تجد بينهم إلا من يكن له الاحترام والمحبة والتقدير، إلا الذين كفروا والجاهلين بالحق الذين عانى منهم الإمام طويلاً، ومن قريبهم قبل بعيدهم. واليوم من خلال تقصي آراء الكثيرين ممن تختلف انتماءاتهم الطائفية والمذهبية نجد أن شخصية الإمام علي عليه السلام حاضرة لديهم بقوة حيث يتفق الجميع على أنها شخصية عالمية، تركت بصمة في تاريخ الإنسانية لا تنمحي، وخطت للبشرية نهجًا في الجهاد والصبر والعلم والأخلاق الرفيعة ، وغدت قدوة لكل سالك على طريق نجاة.

* أهناك مؤمن لا يحب علياً!
جميل سعد (الدكوانة) بدا مطلعًا على كثير مما قيل في الإمام، يقول: بالفعل أنا أحب عليًا بن أبي طالب ابن عم النبي محمد وصهره أبا الحسن والحسين، لأنني تعلقت به كإنسان عبقري حكيم شجاع حليم حازم. ويردد جميل بيتًا من الشعر يحفظه:
 

صار من فرط حبه شيعيا

جلجل الحق في المسيحي حتى‏


ويُفاجأ حين يعلم أن صاحبه مسيحي هو الشاعر بولس سلامة. ويردف : لقد اطلعت عن كثب على كتاب جورج جرداق "علي صوت العدالة الإنسانية"، وخبرت كم كان هذا الرجل عظيمًا مفعمًا بحب الله قريبًا من الناس فارسًا شجاعًا عادلاً. ومن القصص التي استوقفتني أيضًا من سيرته تلك التي تروي عن تخاصمه مع اليهودي الذي لا يعرفه أمام القاضي، ولومه لهذا الأخير حينما أخبر اليهودي بحقيقة خصمه، وكيف أن الإمام أصر على أن يعامل كخصم وليس كأمير للمؤمنين في ذلك الموقف. إلياس صايغ (حمانا - طالب جامعي) يشرح كيف أنه منذ زمن طويل لديه الرغبة في فهم فكر ونهج الإمام علي، ويضيف إلياس: أول ما لفت انتباهي إلى البلاغة والحكمة عند الإمام علي قول مأثور عنه ورد فيه "كن على حذر من الكريم إذا أهنته ومن اللئيم إذا أكرمته ومن الأحمق إذا مازحته" هذه حكمة عملية جدًا في الحياة. وفي حكمته تعاليم مفيدة لكل شخص مهما كان انتماؤه الديني. إلياس الذي قرأ من نهج البلاغة الكثير، يقول عنه: فيه من المرتكزات العقائدية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية ما يعني جميع الأديان ويلامس كل القيم والمبادئ السماوية. ويتحدث إلياس عن شعوره تجاه الإمام علي فيقول: أحترم الإمام علياً كثيرًا كشخص حكيم، وأعتبر صراحة أنه من المعلمين الكبار في تاريخ الإنسانية، ومن أكبر المصلحين الاجتماعيين على مر العصور. وأرى في عضّه على الجرح عندما وقعت الأحداث العصيبة بعد وفاة الرسول موقفًا عظيمًا اتخذه الإمام ليحفظ الإسلام من الفتنة المحدقة به، متنازلاً عن حقه للمصلحة العامة. ناصر كيوان (طالب) يعتبر أن التعرف على الإمام علي عليه السلام صاحب هذه الشخصية العظيمة والقائد الفذ لا يكفي بل أن معرفته تستأهل أن يقف المرء عند سيرته طويلاً ليستلهم منها الكثير، وهو الذي لا تزال أقواله وحكمه ومواقفه حية حتى يومنا هذا. وخلده التاريخ كواحد من رجاله العظماء.

عادل فارس من الشوف يقول: لا شك في أنني أحب الإمام علياً، وأصلاً أنا أشك في أن يكون هناك مؤمن على وجه الأرض مهما كانت ديانته لا يكن المحبة في قلبه لمن هو أمير المؤمنين، هذا الرجل القدوة لكل المجتمعات بأفعاله وأقواله ودعوته الناس للخير والمحبة والسلام، من خلال تجسيده المطلق للخير والصلاح والرشاد، وسعيه جاهدًا لتطبيق شريعة السماء حسب أصولها الحقيقية. عادل الذي يحفظ للإمام حكمة يعتبرها معبرة جداً وهي: "إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً" يقول أنه لم يتسنَّ له الاطلاع على كتب الإمام علي عليه السلام والقراءة عنه كثيراً ويتمنى أن يدخل هذا الموضوع في صلب المنهاج الجامعي.

* عليٌ ليس لمذهب دون غيره‏
ميساء طاهر (طالبة جامعية) ترفض أن يُقال بأن الإمام علياً عليه السلام هو لفئة أو مذهب دون غيره، فحكمته لا تزال تجري على كل لسان، وهذا يدلل على أن الإمام لم يكن لفئة دون الأخرى، أو زعيماً في زمان محدد، بل هو أغنى الإنسانية بعلمه وفضله. وتستشهد بقول الشاعر بولس سلامة:
 

إن في كل منصف شيعيا

لا تقل شيعة هواة علي‏


فالإمام بما حواه من فكر وعلم صار للجميع، لكل طالب حق وباعث عن السعادة في الدنيا والآخرة. ميساء التي قرأت "نهج البلاغة" ولكنها لم تتعمق فيه كما يجب تقول: أجد نفسي مسؤولة عن سد النقص في ثقافتي حول أهل البيت عليهم السلام، وخاصة لجهة التعمق في فكر الإمام علي عليه السلام. دانيا نعماني طالبة في الجامعة الأمريكية تجيب بكل ثقة: أكيد أحب سيدنا علياً (كرم الله وجهه)، لأن الرسول صلى الله عليه وآله علمنا أن حبنا له يجب أن يكون أكبر من حبنا لأنفسنا وأن حب أهل بيته كذلك يجب أن يكون أكبر من حبنا لأهلنا، فمحبتنا لهم عليهم السلام هي من أفضل الأعمال عند الله تعالى. وتتحدث عما يميز الإمام علي في نظرها: كل الصحابة رضي الله عنه مميزون عن بقية الناس، ولكن سيدنا علياً هو من فضَّله الرسول حين قال صلى الله عليه وآله: "علي يزهو في الجنة مثل كواكب الصبح لأهل الدنيا". فبهذا القدر كانت محبة الرسول له. وهو رضي الله عنه تميز بشجاعة نادرة جدًا جدًا ، ورغم كل ما جرى من أحداث ومشاكل حول الإمام ، فإننا لشخصه ولحب رسول الله له لا نستطيع إلا أن نتعلق ونتأثر به، فهو تعالى على كل الجراح لمصلحة الإسلام العليا.

أما أجمل قدوة تراها دانيا في سيرة الإمام علي فهي: حياة سيدنا علي وسيدتنا فاطمة هي أجمل حياة زوجية عبر التاريخ، شكلت قدوة بل وحلمًا لكل زوجين لأنهما كانا مثال الثنائي الصالح السعيد. حيث أنهما فيما يؤثر عنهما أنفقا كل ما بحوزتهما للمسكين واليتيم والأسير، وكانا مع أطفالهما يبيتون جياعًا ويصبحون صائمين، ونزل فيهم قول الله عز وجل: "ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا"، فسجلوا بهذه الروحية مثلاً رائعًا في البذل والعطاء. وتتحدث عن أكثر ما يلفتها في كلامه: حديثه عن ذم حب الدنيا، وهو ذو أسلوب فريد من نوعه حين يقول مثلاً: "يا دنيا غري غيري طلقتك ثلاثًا لا رجعة فيها" أو قوله "حب الدنيا رأس كل خطيئة" وغير ذلك من أحاديث وحكم خالدة. زياد زين (هندسة كمبيوتر واتصالات - الجامعة الأمريكية) يقول: طبعًا أحب الإمام علياً، بل واعتبره من أهم الصحابة، وقد خدم الإسلام كثيرًا بعلمه الواسع ومواقفه الشجاعة، وقد سمعت وقرأت له الكثير من الحكم البالغة لا سيما ما ورد منها في كتاب نهج البلاغة. ومن مواقفه المشهودة مبيته في فراش الرسول صلى الله عليه وآله ليلة الهجرة ، معرضًا نفسه للخطر مفتديًا الرسول صلى الله عليه وآله كأول استشهادي في الإسلام، وهذه قمة الشجاعة التي خلدها القرآن الكريم بقوله تعالى: "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله".

عبد الهادي السيد (طالب في الجامعة الأمريكية) يقول: أحب الإمام علياً لما تميز به من العلم والفضل والزهد والتقوى وهو من الخلفاء الراشدين وعظمته لا تخفى على أحد. وهناك قول مأثور يهزني لعمر بن الخطاب حيث يقول: "لولا علي لهلك عمر". ويرى عبد الهادي أن الإمام هذا المجاهد البطل المقدام يمثل قدوة لكل المجاهدين في العالم اليوم. ويوجه عبد الهادي رسالة عبر مجلتنا لكل الناس، حيث يقول: أحب أن أوضح أننا كسُنَّة نعتبر الإمام علياً خليفة رسول الله، وهو شخصية عظيمة في تاريخ الإسلام ونقدسه ونحترمه أي تقديس وأي احترام، وفي الوقت عينه نحن لا نقلل من أهمية بقية الصحابة والخلفاء الراشدين. ونقدس الإمام الحسين وندين قاتليه، ونحترم سيدنا الحسن بنفس المنزلة، هذا هو في الواقع شعورنا تجاه أهل البيت والذين نفتخر بهم وبانتمائنا إليهم.

* ما أحوجنا إليه‏
سمير مصطفى من بيروت يؤكد حبه للإمام علي عليه السلام بقوله: هذا ما تربينا عليه في بيوتنا، أن نحب كل صحابة الرسول صلى الله عليه وآله. أما الإمام علي عليه السلام فلا يخفى على أحد أنه كان على علاقة مميزة بالرسول صلى الله عليه وآله، فهو ابن عمه وزوج ابنته وأبو سبطيه الحسن والحسين، وهذا يدل على أنه صلى الله عليه وآله كان يحبه حباً كبيراً، وإلا لماذا خصه بهذه المكرمة دون غيره من كبار الصحابة؟. ويضيف: كان الإمام علي عليه السلام المناصر الأول للرسول صلى الله عليه وآله وأعز أصحابه وأقربهم إلى قلبه، لم يكن يفارقه أبداً، وعمل بكل ما أوتي من قوة كي تصل دعوة الإسلام إلى كل مكان، وجاهد طويلاً لحفظ الرسالة الإسلامية بعد وفاة الرسول. ويتحدث عن ما يشده من خصال الإمام علي عليه السلام: لقد اشتهر الإمام علي بقلب طيب رحيم وصدر واسع رحب وحلم كبير شمل به كل الناس ، إلا أنه كذلك كان حازمًا عادلاً لا يهادن الظلم، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وينفذ تعاليم الرسول بحذافيرها. وما يميزه عليه السلام أنه كان عادلاً منصفًا بين الرعية، يسمع الشكوى من الجميع، يأخذ الحق للمظلوم ممن ظلمه دون تمييز. ولا يفرق بين المسلمين في المعاملة. سامر نجم (المصيطبة بيروت) يعتبر نفسه غير مثقف دينيًا ولكنه مطلع على تاريخ الإمام الذي يحترمه ويجله كثيرًا، ويرى أنه أعظم شخصية بعد رسول الله، ولهذا كان هو خليفته ووارثه في أهله كما ورد في الحديث. ويرى أن الإسلام قام على سيف علي، (ذي الفقار)، حيث سجل كرم الله وجهه مواقف مشهودة في بدر وأحد وخيبر والخندق وغيرها من غزوات بين يدي الرسول صلى الله عليه وآله. رشيد قواص (موظف حكومي) ربط حب الإمام علي بكرامة الانتماء إلى الإسلام التي كرمه الله بها. والإمام هو أحد أعمدة هذا الدين. رشيد الذي ينظر إلى الإمام علي عليه السلام كقدوة حقيقية للمسلمين يتأسف على واقعنا اليوم: هناك فرق شاسع بين زمان علي كرم الله وجهه، وزماننا الردي‏ء هذا. حيث نشهد تخاذلاً واضحًا ومعيبًا في الساحة العربية والإسلامية من هؤلاء الحكام الذين ينتمون بالإسم فقط إلى العروبة والإسلام. فما أحوجنا جميعًا للعودة إلى جذور الإسلام الحقيقية، إلى محمد صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام، حيث المنبع الصافي لتاريخ الإسلام العزيز، ولو كان علي (كرم اللَّه وجهه) لنا قدوة لما وصلنا إلى هذا الوضع المزري.

سليم فرحات من صور يتحدث عن أمير المؤمنين عليه السلام قائلاً: الإمام علي (كرم اللَّه وجهه) هو رمز من رموز الإسلام، وقد تربى على يدي الرسول في بيت النبوة، وكان مرافقًا له في أحلك الظروف، بحيث أن شخصيته تبلورت من فكر وروح الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله. وأعتبره مثلي الأعلى في كثير من الأمور ، بروحه المولعة بالتضحية والقدرات القيادية التي توفرت فيه. سليم يستدرك حديثه عن الإمام علي عليه السلام بكلام فيه شي‏ء من الحسرة: أعرف عنه الكثير وقرأت كتبًا عدة عن حياته وسيرته. وحاليًا أشعر بالتقصير الكبير تجاهه عليه السلام. ومما لا زلت أذكره خطبة الجهاد التي خطب بها في المسلمين وفيها يقول : "يا أشباه الرجال ولا رجال .. لقد ملأتم قلبي قيحًا وشحنتم صدري غيظًا...". وكم تنطبق هذه الخطبة على واقعنا الإسلامي اليوم!.

* حاضر فينا
رنا جعفر طالبة جامعية تعرف عن الإمام علي عليه السلام، أنه خاض الكثير من المعارك وانتصر فيها، وأن الرسول صلى الله عليه وآله أوصى المسلمين بطاعته، وهو زوج ابنته الزهراء وأبو الإمامين الحسن والحسين وهو صاحب الأخلاق العالية والصفات الحميدة. وحول ما يمثله بالنسبة إليها تقول: من خلال مجالس عاشوراء كل عام صرت أتعرف أكثر على أهل البيت، ومعاناتهم وتضحياتهم في سبيل الإسلام، فهم افتدونا بأرواحهم وضحوا من أجلنا لذلك صرت أستحضر سيرة الإمام علي عليه السلام وأهل البيت ومواقفهم وأخلاقهم النبيلة عند كل أمر يعرض لي. وكلما هممت بالدعاء إلى اللَّه تعالى توسلت بهم طلباً للاستجابة. سامية من صيدا تعبّر عن حبها للإمام علي وأهل البيت: أنا متيمة بأهل البيت، ورغم أنني غير محجبة إلا أن الرغبة تتملكني في التعمق أكثر في علم أهل البيت لأقتدي بهم وأسير على هداهم. ولكن ما الذي يمنعها عن ذلك؟ تجيب سامية: برأيي أن هداية اللَّه تعالى للإنسان هي نعمة عظيمة، ولكن هذا لا يكفي إن لم يكن المرء صاحب إرادة وعزم على إصلاح نفسه. ووجود شخصية كالرسول صلى الله عليه وآله والإمام علي عليه السلام وأهل البيت أمر ضروري ومساعد في عملية إصلاح النفس. بلال فران (موظف في شركة خاصة) يقول: هو رأس العدالة بل هو العدالة كلها، ولقد ضحى بكثير من حقوقه فداءً للإسلام. ومن تجليات عدالته أنه أعطى الإسلام على حسابه الشخصي ولم يقصر في بذل الغالي والرخيص في سبيل الله، ولم ينصفه أهل زمانه، وإنما التاريخ أنصفه فوصلت كراماته إلى كل إنسان وإلى كل أرض. باختصار أقول إن هذا الرجل أثر في تاريخنا ويؤثر في حياتنا وحاضرنا وسيظل يؤثر في المستقبل على كثير من مجريات أمورنا.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع