نهى عبد الله
بعد ستة أشهر من الحيرة الطويلة، عانتها المختصّة الاجتماعية في حلّ ملف شائك للسيدة الجالسة أمامها، لم تفلح محاولاتها في إقناع السيدة أنّ تصرفاتها الجافة وسلوكها المستفز هما سبب دمار أسرتها وسوء تعامل زوجها... وعبثاً تحاول، فما زالت السيدة تؤمن أنها الضحية الوحيدة في الكون، وأن على زوجها أن يدفع ثمن معاناتها، ويتوجب على المختصة أن تجد لها طريقة مؤلمة له... للانفصال عنه.
لم يكن هناك جدوى لنقاشها، وفي النهاية قررت المختصة اقتراح التالي: "ما رأيك أن تتظاهري بتحسين تعاملك معه، وتجاهل ما يغضبك منه... حتى يعود الوفاق بينكما... فإذا تحسنت الأوضاع وارتاح باله، فاجئيه بطلب الانفصال بشكل حازم، عندها ستكون خسارته لك أعظم، أما الآن فلن يهتم كثيراً". فكرت السيدة وابتسمت بمكر.
بعد شهرين، عادت لتزور المختصة، لكنها بدت أكثر سعادة وإشراقاً... روت لها إنجازها الكبير في استرجاع مودة زوجها وثقته، وأنها اكتشفت فيه وجهاً جديداً لم تعهده سابقاً...
وفي غمرة الحديث قاطعتها: "متى ستفاجئينه بالطلاق؟!" هبّت السيدة واقفة، وسحبت حقيبتها بعنف، ورمقت المختصّة بنظرة اعتراض غاضب: "أتريدين تدمير حياتي بعد أن استعدتها؟ أنتم تهدمون منازلنا باقتراحاتكم السخيفة"، وانصرفت بغضبها لغير رجعة. ختمت المختصّة الملف: تمّ علاج الحالة بتاريخ اليوم.
بعضنا قد لا يرى جدوى قوله تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ حتى يقوم الآخرون بالاحتيال عليه... قليلاً.