نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

الهندسة النفسية أو البرمجة اللغوية العصبية

 Neuro-Linguistic Programing NLP

مقابلة مع الدكتور ميثم السلمان‏
إعداد: موسى حسين صفوان‏


الهندسة النفسية، هي المصطلح العربي المقترح لما يطلق عليه باللغة الإنكليزية Neuro-Linguistic Programing أو NLP والترجمة الحرفية للمصطلح هي (برمجة الأعصاب لغوياً)، أو البرمجة اللغوية للجهاز العصبي، وهي فرع مستحدث من علم النفس التربوي امتدت تطبيقاته إلى النشاطات الإنسانية كافة كالتربية والتعليم والصحة النفسية والجسدية والرياضة والتجارة والأعمال والدعاية والإعلان والمهارات البشرية كافة للإنسان المعاصر. ورغم أن هذا العلم انطلق في أميركا منذ منتصف السبعينيات، إلا أننا نتعرف عليه اليوم من خلال د. ميثم السلمان، البحراني الجنسية، الذي قدم أطروحة الدكتوراه في هذا المجال، ما دفعنا لإنتهاز فرصة وجوده في لبنان، في زيارة عمل، لنجري معه هذه المقابلة الشيِّقة، توخياً للفائدة المرجوة من التعرف إلى بعض تفاصيل هذا العلم...

* من هو الدكتور السلمان؟
ولد الدكتور ميثم السلمان في البحرين في العام 1970 ميلادية في عائلة متدينة، وانفتح على الحياة في ظل انتصار الثورة الإسلامية المباركة وهذا ما غذى اهتمامه، منذ صغر سِنِّه، بالقضايا الإسلامية ذات الطابع الأخلاقي، فكانت الكتب التي تجذب انتباهه كتب الشهيد دستغيب رضي الله عنه، وكتب الإمام الخميني قدس سره وخاصة الكتب العرفانية. توجه بعد نيل الثانوية العامة للدراسة في الولايات المتحدة الأميركية، ثم انتقل بعدها إلى بريطانيا، وفي تلك الفترة درس الموارد البشرية، وهناك بدأ بالدراسات الدينية إضافة لدراسته الأكاديمية، فجمع بين المدارس الحديثة للتربية النفسية وبين الدراسات الحوزوية... وهنا نترك له الحديث لينتقل بنا إلى عالم الهندسة النفسية.

* ما الذي جذبك لدراسة الهندسة النفسية؟
هذه المادة لها علاقة وثيقة بقضايا التدريب وآليات تحفيز وإدارة الطاقات البشرية... ففي عام 1995م ذهبت إلى كندا، وهناك لفت انتباهي موضوع (الذكاء العاطفي) لدانيال غولدمان، وبدأت أربط بين المضامين الموجودة في أبحاث هذا الموضوع مع الموروث التربوي الإسلامي الأصيل، فرأيت أن غولدمان هذا يطرح آليات بإمكانها الانسجام إلى حد ما مع القيم والمبادئ الإسلامية، فنشأ لدي اهتمام بانسجام آليات علم النفس الحديثة مع القيم والمبادئ الإسلامية بهدف طرح نظام تربوي إسلامي شامل يراعي نمو القيمة وإرساءها في الشخصية الإسلامية على أسس معاصرة.

* وهل تحتاج المبادئ التربوية الإسلامية لنظريات الهندسة النفسية لبناء نظام تربوي إسلامي شامل؟
الحقيقة أن الإسلام دين كامل، إلا أن المسلمين العاملين في مجال التربية الإسلامية اهتموا على مدى قرون بالجانب النظري من الموضوع، فقد وجدت خلال دراستي أن هناك إشكالاً حقيقياً في الرؤية التربوية الإسلامية يتمثل في الآليات والسبل التي تستخدم لبلوغ الأهداف التربوية الإسلامية، وتحويل المبادئ النظرية إلى خطوات عملية، لذلك عملت خلال سنتين على نيل شهادة الماجستير في (الذكاء العاطفي)، وحصلت على رخصة كمدرب للبرمجة اللغوية العصبية NLP، والتي لها علاقة وثيقة بهذا العلم.

* هنا بيت القصيد، فما هي "الهندسة النفسية"، أو "البرمجة اللغوية العصبية"؟
البرمجة اللغوية العصبية، هي مجموعة مهارات وضعها في منتصف السبعينيات من القرن الماضي العالمان الأميركيان (جون غريندر) و(ريتشارد باندلر)، الأول عالم لغويات والثاني عالم رياضيات، وقد بنيا أبحاثهما على نتائج أعمال علماء آخرين، منهم عالم اللغويات الشهير (نعوم تشومسكي)، والعالم البولندي (الفريد كورزيبسكي)، والمفكر الإنكليزي (غريغوري باتيسون) والخبير النفسي الدكتور (ميلتون اركسون) والدكتورة (فرجينيا ساتير9 ورائد المدرسة السلوكية الألماني الدكتور فرتز بيرلز. ونشر غراند وباندلر اكتشافهما عام 1975 في كتاب بعنوان "The structure of magic"، أي "بنية السحر" ومنذ ذلك الحين خطا هذا العلم خطوات كبيرة في الثمانينات، وانتشرت مراكزه، وتوسعت معاهد التدريب المتخصصة في مجاله في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وبعض البلدان الأوروبية، ولا يوجد اليوم بلد من بلدان العالم الصناعي إلا وفيه عدد من المراكز والمؤسسات التدريبية لهذه التقنية الحديثة.

* ما هي أهم مبادئ هذا العلم؟
قلنا إن البرمجة اللغوية العصبية هي مجموعة مهارات مأخوذة من علم اللغويات، وعلم النفس الحركي، وعلم النفس التصوري وهذه المهارات تستند إلى جملة من المبادئ والافتراضات، منها مثلاً، مبدأ (الخارطة ليست هي الواقع)، وقد وضع هذا المبدأ العالم البولندي (الفريد كورزيبسكي) ويعني أن صورة العالم في ذهن الإنسان هي ليست العالم، فخارطة العالم في أذهاننا تتشكل من المعلومات التي تصلنا عبر الحواس، ومن اللغة التي نسمعها، وغيرها من العوامل، والتي يكون فيها في أحيان كثيرة الخطأ والصواب، وهذه الخارطة بطبيعة الحال تختلف من إنسان لآخر، واستناداً إلى هذا المبدأ، فإن بوسع الإنسان أن يغير العالم عن طريق تغيير الخارطة، أي تغيير ما في ذهنه ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ (الرعد: 11). وفي الهندسة النفسية أكثر من خمسة عشر افتراضاً من هذا النوع تقوم على أساسها خطوات عملية تعيد بناء الشخصية النفسية للإنسان، وهي تتناول محتوى الإدراك لدى الإنسان، وحدود المدركات الزمانية والمكانية، والحالة الذهنية للإنسان، وعلاقة اللغة بالتفكير، وكيفية استخدام الحواس في عملية التفكير، والقيم الإيمانية للإنسان، ودور اللغة في تحديد أو تقييد خبرات الإنسان والعديد من وسائل تنمية المهارات وشحذ القابليات ورفع الأداء الإنساني.

* حاولتم الاستشهاد بآية قرآنية لتوضيح فرضيات اللغة العصبية، فهل يمكن أسلمة الهندسة النفسية؟
البرمجة اللغوية العصبية يجب أن لا تعتبر علماً نظرياً، وهي في الواقع ليست علماً نظرياً، بل علم آلي يشبه المنطق والرياضيات ولذلك يمكن الاستفادة منها بشرط الحفاظ على أصالة القيم والمبادئ الإسلامية، وذلك عن طريق جسرنة هذه المبادئ والقيم، وتحويلها إلى آليات عملية تساهم في بروزها إلى أرض الواقع... فمن الملاحظ في هذا المجال أن هناك فجوة إذا صح التعبير بين الخط القيمي والخط الآلي أو العملاني في الثقافة الإسلامية المعاصرة، فالخط الآلي أو العملاني ينبهر بالآليات الحديثة لقدرتها على التواؤم والانسجام على أرض الواقع، أما الخط القيمي فهو يمارس الوعظ والإرشاد من دون جسرنة للقيم والمبادئ بآليات عملانية... ومن هنا ينبغي علينا أن نقلص هذه الفجوة بين هذين الاتجاهين للوصول إلى القدرة على تحريك القيم والمبادئ الإسلامية وتأصيلها في المجتمع اعتماداً على نظام وبرنامج تربوي له أثر في الواقع.

* هل حاولتم القيام بدراسة جسرنة للعلوم التربوية الإسلامية النظرية، باعتبار أنكم تجمعون بين الدراسة الحوزوية والتخصص الأكاديمي في مجال الهندسة النفسية؟
في الواقع أسعى، لكوني مرتبطاً حالياً بالدراسات الإسلامية الحوزوية والأكاديمية في مجال التدريب على آليات البرمجة اللغوية العصبية، أسعى لوضع تصور جديد لمبادئ التربية النفسية في الإسلام. فنحن في الواقع لدينا مضمون إسلامي ثري، وخطوط عملانية عريضة لكل ما يطرح من آليات حديثة، مثلاً، فيما يتعلق بالتفكير الإيجابي، هناك الحديث المشهور: "تفاءلوا بالخير تجدوه" وهذه قاعدة أصلية للتفكير الإيجابي، ومن هنا ينبغي لنا أن نعتني بوضع آليات وخطوات عملية تسهل عملية التفكير الإيجابي للمسلمين انطلاقاً من هذه القاعدة العظيمة. ولا بأس هنا من الاستفادة من الآليات الحديثة، شرط أن لا تصاحب الآليات مبادئ فلسفية أو رؤى تتعارض مع رؤيتنا الإسلامية.

* الحقيقة أن هذا الموضوع بحاجة إلى المزيد من الأسئلة والأجوبة، وهو جدير بالمتابعة، ولضيق المجال نعتذر من جنابكم ومن إخوتنا القراء الأعزاء، فهل من كلمة أخيرة؟
أشكر مجلة بقية اللَّه على هذا اللقاء، وأنا شخصياً من قراء المجلة، ولها حضور فاعل في البحرين، وهذا ناتج عن أصالة المواضيع المطروحة فيها، واستمرار تطور المجلة، سواء موسوعية مواضيعها وتعرضها للشؤون كافة التي تخص المسلمين على أرض الواقع، أو أسلوب طرح هذه المواضيع بطريقة سهلة وممتعة ونافعة. فنحن نلاحظ أن المجلة تطرح حلولاً وعلاجات لمشاكل نفسية واجتماعية وأسرية ونلاحظ أنها تواكب العصر في التعرض لقضايا معاصرة تهم القارئ وهذا ما يعطيها ميزة حقيقية سواء في البعد القيمي النظري أو البعد الآلي العملاني.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع