مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

من شعر أمير المؤمنين عليه السلام

فيصل الأشمر

 



إذا كان أحد من المسلمين بل ومن غيرهم لا يجهل علياً بن أبي طالب عليه السلام خليفةَ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين وأولَ أئمة أهل البيت عليهم السلام، وإذا كان أحد لا يجهل مكانة هذا الرجل العظيم في تاريخ الإسلام ودوره في إعلاء كلمته، فقد يكون الكثير من الناس على غير اطلاع على شاعرية باب مدينة العلم عليه السلام. فقد ترك أمير المؤمنين عليه السلام قصائد كثيرة قام العديد من الباحثين على مر العصور بجمعها في ديوان وتحقيقها وشرحها وتقديمها للناس، فممن شرح ديوان الأميرعليه السلام عبد اللَّه بن عبد العزيز البالي المعروف بالصلاحي، ومستقيم زاده سليمان بن سعد الدين الرومي، كما قام آخرون بنقله إلى الفارسية وشرْحه بتلك اللغة كحسين بن معين الدين الميبدي اليزدي. فمن شعر الإمام عليه السلام الذي يذكر فيه إسلامه وجهاده:
 

وأحمد النبي أخي وصهري‏ عليه الله صلى وابن عمي‏

لقد علم الأنام بأن سهمي‏ من الإسلام يفضل كل سهمِ‏

وقاتلُ كل صنديد رئيسٍ‏ وجبارٍ من الكفار ضخم‏

وإني القائد للناس طراً إلى الإسلام من عرب وعجمِ‏

فمن منكم يعادلني بسهمي وإسلامي وسابقتي ورحمي‏

وفي القرآن ألزمهم ولائي‏ وأوجب طاعتي فرضاً بعزم‏



ويقول مفاخراً أيضاً:
 

وجعفر الذي أضحى وأمسى‏ يطير مع الملائكة ابن أمي

محمد النبي أخي وصنوي‏ وحمزة سيد الشهداء عمي‏

وسبطا أحمدٍ ولداي منها فأيّكم له سهم كسهمي؟

وبنت محمدٍ سكني وعرسي منوط لحمها بدمي ولحمي‏


ومن قوله عليه السلام في يوم بدر:
 

بما أنزل الكفارَ دارَ مذلةٍ فألفَوْا هواناً من إسارٍ ومن قتلِ‏

ألم ترَ أن الله أبلى رسوله‏ بلاء عزيزٍ ذي اقتدارٍ وذي فضلِ‏

 

فأمسى رسول الله قد عز نصره‏ وكان رسول الله أُرسل بالعدل


ويقول أمير المؤمنين عليه السلام في رثاء والده أبي طالب:
 

لقد هد فقدك أهلَ الحِفاظ(2) فصلى عليك وليّ‏ُ النعَم‏

أبا طالب عصمة المستجير وغيث المحولِ(1) ونور الظُلَمْ‏

 

ولَقَّاك ربُّك رضوانَه فقد كنتَ للمصطفى خير عم‏


ومن شعرٍ له في الحكمة:
 

الموت يأتي بغتةً والقبر صندوق العمل

يا من بدنياه اشتغل‏ وغره طول الأملْ


وله في الحكمة أيضاً:
 

أصبحتَ ترجو الخلد فيها وقد أبرزَ نابُ الموت عن حده

يا مؤثرَ الدنيا على دينه والتائهُ الحيران عن قصدهِ

لا يُصلح الواعظُ قلبَ امرئٍ‏ لم يعزمِ اللهُ على رشده

هيهات إن الموت ذو أسهمٍ مَن يرْمِهِ يوماً بها يُرْدِهِ


ويقول الإمام عليه السلام من قصيدة له يعظ فيها ابنه الحسين عليه السلام:
 

واحفظْ وصيةَ والدٍ متحنّنِ يغذوك بالآداب كيلا تعطب

أحسينُ إني واعظ ومؤدبُ فافهمْ فأنت العاقلُ المتأدبُ

لا تجعلنّ‏َ المالَ كسبَك مفرداً وتُقى إلهك فاجعلنّ‏َ ما تكسب

أبُنيّ‏َ إن الرزقَ مكفول به فعليك بالإجمال(3) فيما تطلب

والرزقُ أسرعُ من تلفّت ناظرٍ سبباً إلى الإنسان حين يسبب‏

كفلَ الإلهُ برزق كل برية والمالُ عارية(4) تجي‏ء وتذهب

فاقرأ كتاب الله جهدَك واتْلُهُ‏ فيمن يقوم به هناك وينصب

أبنيّ‏َ إن الذكر فيه مواعظ فمَن الذي بعظاته يتأدبُ ؟

واعبد إلهك ذا المعارج مخلصاً وانصت إلى الأمثال فيما تضرب

بتفكرٍ وتخشعٍ وتقربٍ إن المقرَّب عنده المتقرب

وإذا مررت بآية في ذكرها وصفُ الوسيلة والنعيمُ المعجب

وإذا مررت بآية وَعْظيةٍ تصفُ العذاب فقف ودمعك يُسكب

واجهدْ لعلك أن تحل بأرضها وتنال روح مساكنٍ لا تخرب

فاسأل إلهك بالإنابة مخلصاً دارَ الخلود سؤالَ من يتقرب

بادرْ هواك إذا هممتَ بصالحٍ خوفَ الغوالب أن تجي‏ء وتغلب

وتنال عيشاً لا انقطاع لوقته وتنال ملْك كرامةٍ لا تُسلب

واخفض جناحك للصديق وكن له كأبٍ على أولاده يتحدب

وإذا هممتَ بسي‏ءٍ فاغمِضْ له وتجنب الأمر الذي يتجنب

واجعل صديقك مَن إذا آخيته‏ حفظ الإخاء وكان دونك يضرب

والضيفَ أكرمْ ما استطعت جواره حتى يعدّك وارثاً يتنسب(5)

ولقد نصحتك إن قبلتَ نصيحتي والنصحُ أرخصُ ما يباع ويوهب

واحفظ صديقك في المواطن كلها وعليك بالمرء الذي لا يكذب


وللإمام عليه السلام مناجاة منظومة ذكرها الشيخ عباس القمي رحمه الله في كتابه مفاتيح الجنان يقول الإمام عليه السلام فيها:
 

إِلهي وَخَلاّقي وَحِرْزي وَمَوْئِلي إلَيْكَ لَدى الاْعسارِ وَالْيُسْرِ اَفْزَعُ

لَكَ الْحَمْدُ يا ذَا الْجُودِ وَالْمجْدِ وَالْعُلى تَبارَكْتَ تُعْطي مَنْ تَشاءُ وَتَمْنَعُ

إلهي تَرى حالي وَفَقْري وَفاقَتي وأَنْتَ مُناجاتي الخَفِيَّةَ تَسْمَعُ

اِلهي لَئِنْ جَلَّتْ وَجَمَّتْ خَطيئَتى فَعَفْوُكَ عَنْ ذَنْبي اَجَلّ‏ُ وَاَوْسَعُ

اِلهي لَئِنْ خَيَّبْتَني اَوْ طَرَدْتَني فَمَنْ ذَا اَّلذي اَرْجُو وَمَنْ ذا اُشَفِّعُ

اِلهي فَلا تَقْطَعْ رَجائي وَلا تُزِغْ فُؤادي فَلي في سَيْبِ جُودِكَ مَطْمَع

اِلهي فَانِسْني بِتَلْقِينِ حُجَّتي إذا كانَ لي في الْقَبْرِ مَثْوَىً وَمَضْجَع

اِلهي اَجِرْني مِنْ عَذابِكَ اِنَّني أسير ذَليل خائِف لَكَ اَخْضَعُ

اِلهي اَذِقْني طَعْمَ عَفْوِكَ يَوْمَ لا بَنُونَ وَلا مال هُنالِكَ يَنْفَعُ

اِلهي لَئِنْ عَذَّبْتَني اَلْفَ حِجَّة فَحَبْلُ رَجائي مِنْكَ لا يَتَقَطَّعُ

اِلهي إذا لَمْ تَعْفُ عَنْ غَيْرِ مُحْسِن فَمَنْ لِمُسي‏ء بِالهَوى يَتَمَتَّعُ

اِلهي لَئِنْ لَمْ تَرْعَني كُنْتُ ضائِعاً وَاِنْ كُنْتَ تَرْعاني فَلَسْتُ اُضَيَّعُ

اِلهي لَئِنْ اَخْطاْتُ جَهْلاً فَطالَما رَجَوْتُكَ حَتّى قيلَ ما هُوَ يَجْزَعُ

اِلهي لَئِنْ فَرَّطْتُ فِي طَلَبِ التُّقى فَها اَنَا اِثْرَ الْعَفْوِ اَقْفُو وَاَتْبَعُ

اِلهي يُنَحّي ذِكْرُ طَوْلِكَ لَوْعَتي وَذِكْرُ الْخَطايَا الْعَيْنَ مِنّي يُدَمِّعُ

اِلهي ذُنُوبي بَذَّتِ الطَّوْدَ وَاْعتَلَتْ وَصَفْحُكَ عَنْ ذَنْبي اَجَلّ‏ُ وَاَرْفَعُ‏

اِلهي أنِلْني مِنْك رَوْحاً وَراحَةً فَلَسْتُ سِوى أبْوابِ فَضْلِكَ اَقْرَعُ

اِلهي اَقِلْني عَثْرَتي وَامْحُ حَوْبَتي فَاِنّي مُقِرّ خائِف مُتَضَرِّع

اِلهي حَليفُ الْحُبّ‏ِ في اللَّيْلِ ساهِر يُناجي وَيَدْعُو وَالْمُغَفَّلُ يَهْجَعُ

اِلهي لَئِنْ أْصَيْتَني أوْ أَهَنْتَني فَما حيلَتي يا رَبّ‏ِ أمْ كَيْفَ اَصْنَعُ

وكُلُّهُمْ يَرجُو نَوالَكَ راجِياً لِرَحْمَتِكَ الْعُظْمى وَفِي الْخُلْدِ يَطْمَعُ

اِلهي وَهذَا الْخَلْقُ ما بَيْنَ نائِم وَمُنْتَبه في لَيْلَهِ يَتَضَرَّعُ

اِلهي فَاِنْ تَعْفُو فَعَفْوُكَ مُنْقِذي وإلا فَبِالذَّنْبِ الْمُدَمِّرِ اُصْرَعُ

اِلهي يُمَنّيني رَجائِي سَلامَةً وَقُبْحُ خَطيئاتِي عَلَيّ‏َ يُشَنِّعُ

اِلهي بِحَقّ‏ِ الْمُصْطَفى وَابْنِ عَمِّهِ وَحُرْمَةِ أبْرار هُمُ لَكَ خُشَّع

اِلهي بِحَقّ‏ِ الْهاشِميّ‏ِ مُحَمَّد وَحُرْمَةِ أطهار هُمُ لَكَ خُضَّع

وَلا تَحْرِمْني يا اِلهي وَسَيِّدي شَفاعَتَهُ الْكُبْرى فَذاكَ الْمُشَفَّعُ

إلهي فَاَنْشِرْني عَلى دينِ اَحْمَد مُنيباً تَقِيّاً قانِتاً لَكَ اَخْضَعُ

 

وَصلّ‏ِ عَلَيْهِمْ ما دَعاكَ مُوَحِّد وَناجاكَ أخْيار بِبابِكَ رُكَّع


 (1) المحول: الجدب، إنقطاع المطر ويباس الأرض.
(2) أهل الحفاظ: المحامون والمدافعون عن محارمهم.
(3) الإجمال: الإعتدال في الطلب.
(4) عارية: شي‏ء معار.
(5) تنسب: يدعي النسب والقرابة

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع