الشيخ أحمد وهبي
قلّما يمر في التاريخ أشخاص يتركون تأثيراً على الناس، وتبقى أسماؤهم حيةً في أمتهم، وأندر من هؤلاء هم الأشخاص الذين يصل تأثيرهم إلى خارج محيطهم واتباع دينهم أو مذهبهم، ويحدثون تحولاً في الآخرين. الإمام السيد موسى الصدر هو من هؤلاء الأقلة الذين امتلكوا شخصية جذابة وعلماً موسوعياً ولغة مؤثرة ومتناسبة مع الزمان والمحيط. ولم تنحصر أبعاد شخصيته في حدود الجغرافيا أو الدين أو المذهب بل اتسعت ولم تحدّها حتى جدران السجن وسنين الغياب، وهو صاحب الدور الكبير بإحياء الدين في لبنان في زمن الاستيراد الجنوني للأفكار المادية والإلحادية والعلمانية المنافية لتعاليم الأديان السماوية.
رفع شعار الدين بمفهومه العام الشامل منطلقاً نحو الأديان الأخرى فأحدث تفاعلاً بينها. أعطى للدين الإسلامي بعداً إنسانياً واسعاً ترك أثره لدى الأديان الأخرى والشباب، فجذب الشباب وبالأخص المتعلمين منهم. تابع مسيرة الوحدة الإسلامية التي قربت بين المذاهب الإسلامية. عرف العالم على المذهب الشيعي بصورة مشرقة وناصعة مزيلاً ما حاول المغرضون إلصاقه به بثّاً للتفرقة بين المسلمين.
جاب البلاد الغربية بالفكر الإسلامي بلغة معاصرة محاوراً ومحاضراً. عمل على إنشاء عمل منظم للمؤمنين المتدينين على أساس مبادئ الدين الإسلامي ومذهب أهل البيت عليهم السلام من أجل تنظيم الحركة الدينية لإيصالها إلى أهدافها الرسالية. دعا لمقاومة العدو الإسرائيلي وساعد على تأمين السلاح للمقاومين المؤمنين. نصر المقاومة الفلسطينية ودعاها للمسك بالدين منهجاً لتحرير القدس الشريف. إلى غير ذلك من الدروس التي تعلمها وورثها من الأئمة عليهم السلام والقادة أمثال الإمام الخميني قدس سره وتركها لنا منهجاً نسلكه ونتبعه. ولا زال فينا إسلاماً وإيماناً ومقاومة.