هجرةٌ تحت ظلال الجراح
بيتي وإن تهدَّم، جسدي وإن تقطَّع، ديارنا وإن أُخرجنا منها قهراً، ماذا تساوي كلها؟ ونحن ما زلنا بألف ألف خير. ننظرُ بعين القلب إلى مذبحةِ الطف، فأعود وأردد مع نفسي والأهل والإخوان: أنا لم تُسبَ نسائي إلى الطاغية يزيد! أنا لم يُذبح طفلي عطشانَ بين يديّ من الوريد إلى الوريد، أنا لم يُقدَّم رأسي المقطوع إلى طفلتي اليتيمة فتزهق روحها! أنا لم تُقطع يميني ويساري إذ أطلب الماء للأطفال! أنا كنت ولم أزل بين أيادٍ كريمة إن جُرحت داوتني، وإن احتجتُ قضت حاجتي. نحن ما زلنا تحت ظلال "الوعد الصادق" لأصدق واعد، لقيادة عظيمة لا تترك أهلها ومجاهديها للأقدار... قيادة تقاوم، تبني، تحتضن الرجاء، وتجسد الوفاء الذي جسدته من قبل. علينا نحن أن نخجل من كل آلامنا وكل معاناتنا وكل تضحياتنا عندما نستحضر جراحات وعذابات أهل البيت عليهم السلام، وعندما نتذكر ثبات وصبر وعزائم رجال اللَّه هناك عند الثغور ينازلون الأعداء، يجترحون المعجزات، ويصنعون العجائب ليذيقونا طعم الكرامة المجبول بحلاوة النصر، فهل نحن بهذا المذاق لائقون!! وفي خضم هذه المعاني تذكرت أن لي تحت ركام بيتي المهدم ذكريات عزيزة لسنين مضت، حاول الحزن أن يتسلل إلى جنبات قلبي، ولكن سرعان ما يممتُ بوجهي ناحية الغد لأعيش هذا الألم من الزاوية المشرقة، مُردداً على مسامع قلبي: أنا إنسان الغد والمستقبل، لا إنسان الماضي والحكايات... وكلنا نُردد مع سيد المقاومة: ما همَّ أن تُدَمَّر بيوتنا والأرزاق... ما همَّ أن نخرج من ديارنا ونعيش بعض المعاناة... نحن نتجرع الآلام ليسلم الدين وتفرح العيون ويبقى الوطن وتنتصر المقاومة... وهذا بأس المجاهدين ونصرهم عوضٌ لنا عن كل ما هُدِّم.
الجريح الحاج خضر صلاح أيوب
******
نغم الوعد الصادق
هذه أرض لبنان الأبي الضاربة جذوره في أعماق التاريخ، المطرز بعباءة الخامنئي المفدى والمستمد من نصر اللَّه بالنصر الآتي، والمزدهي بقوافل الشهداء، ومع فجره ينبلج أرجواناً بلون الشهادة، يحمل كل معاني الصمود والعزة والكرامة، وفي نهجه نيل إحدى الحسنيين، ليرسم آفاق الوجود، حتى يشمخ النصر بإباء الشهود، فترتفع الهوية، إنها المقاومة الإسلامية، الواعدة بالحرية، والصادقة بالقضية. وفي المشهد الآخر، وأنت تنقل عينيك بين الموجودات، يأخذك لحن هنا ولوحة هناك، وتدقق الباصرة أكثر ليقع النظر على أحلى المخلوقات، من خيار أناسنا، مجاهدين مقاومين، تنشقوا من مسك الخميني العظيم، واستمدوا الرشاد من الشيخ راغب، والسيد عباس، أعاروا جماجمهم للَّه تعالى، فانكبوا على كلامه العظيم، يسترشدون بآياته المباركات. من خصائص جهادهم، أنهم لا يهابون الموت، يعشقون الشهادة، يعطون الجهاد حقه، بارعون بارعون، يحكمون مقتضيات الجهاد، جمعوا إلى جمال تقواهم ورصانتها، جمال قوتهم وصلابتهم، متقنون محترفون. وحدهم الأبطال يستكثرون من الخير الذي لا تأكله النار، فما زالوا يقدمون في مضمار الخير نبراساً، وفي بحر الجود عطاءً، يطلون علينا بين الفينة والأخرى، فيزيدوننا شوقاً نحو الخلود، فتخفق قلوبنا لهفة، فتنتشي زهوة النصر في قلوبنا، بنصر الزحف الأصفر الشامخ عالياً، يزرع المدى عزاً وفخاراً، يزهو الدم القاني بين يباس التخاذل فواحاً، لينبئ العالم "إن تنصروا اللَّه ينصركم" ولتعلو تكبيرات النصر، لتعانق قبة الأقصى، ليصل صدى جحافل المقاومين البواسل إلى كل زاوية من زوايا فلسطين المسبية.
محمد خليل كركي
******
ولاء
إلى سماحة الأمين العام السيد حسن نصر اللَّه
سيدي أنتَ القمرُ، والهدى فينا عَلَمُ
قائدٌ فذٌّ بطلٌ، سيفُ حقٍ إن عَزَمُوا
تهتدي منكَ العربُ، ترتوي منك العَجَمُ
أنتَ عطرٌ أنتَ شَذَاً، فَاتِحٌ أنتَ الحَكَمُ
بالدِّما تبني بلداً، أرض لبنانَ القسمُ
تحفظُ الإسلامَ، وقرآننا فيه الحِكَمُ
لا تهابُ الموتَ، إن حلَّ يوماً ينهزمُ
حزبكَ الهدّار سَمَا، صارَ يغنيه القَلَمُ
سيفكَ البتَّارُ، فمعْ ذي الفقارَ يلتئمُ
إننا نعطيكَ ولاءاً، تَفتديهِ الأممُ
قلباً دوماً هتفَ، يا أبا هادي نعمُ
ديب محمد قطايا
******
أمير الجنان - مهداة إلى روح الشهيد الغالي كفاح محمود عسيلي (بنت جبيل)
أتيت إلى الدنيا لا أدري ما أتيت إليه وأنّى المصيرْ
أتيت أراقب زهو الدما وانثر من راحتيك العبيرْ
فعد يا حبيب إلى أرضنا فقد تاق قلبي وأنّ القفيرْ
ودمعي على الوجنتين سما فعمري بفقدك أمسى قصيرْ
فعد لي أخي لاكتمال السنا لنعدو عند استراح المسيرْ
ونمشي على الدرب أنت... أنا ويصحبنا كل غصن نضيرْ
أخي فلتعد ولتزر بيتنا فذا الخبز ولى بفقد الخميرْ
وما عاد بعدك في أرضنا زهور تطيب وطير يطيرْ
أخي قم بنا نحو ساح المنى فإن الأماني ملح الفقيرْ
وإمّا ترانا نغصُّ هنا فلا تعذلِ الباكيَ المستجيرْ
فجرح الفراق غدا مؤلماً كمثل القنا بات يعمي البصيرْ
أخي أنت للفجر رمز الضيا وأنت المنارة في الزمهريرْ
وأنت الأمير، وذا عهدنا أمير الجنان بوعد القديرْ
رحلت ولكن لدينا هنا ستبقى أخي كالسراج المنيرْ
فأنت الشهيد بكتك الدُّنا وأمسى بذكرك يحلو المريرْ
عشقتَ التراب فحُزْتَ الجنى وذا عهد ربٍ عزيز خبيرْ
حباك الإله بشهد السّما فكنت بما قد حباك الجديرْ
نهى عسيلي
******
مواكب النصر
هذي مواكب نصرنا
قدمت من الماضي البعيد
لتقول للدنيا اخسئي
هيهات أن يلين الحديد
هذا الحسين يقود قافلة الجهاد إلى الأزل
بيديه سيف اللَّه بتار وطيد
بدمائه العلوية كتب القصيد
الحق أقوى من الإبادة بل يبيد
أما حسين العصر
نصر اللَّه... سيدنا الفدائي للعز عقيد
نال من اللَّه نصراً
قاده الفكر السديد
بهمّة الجهد الجهيد
فخطّه جسد الشهيد
فلتفهم الدنيا بأن النصر ليس آن ساعته وليد
لكنه وبفعل جبار عنيد
لن يستكين لسطوة الديجور ذي العمر المديد
وبقوة الجبل العتيد
حمل السلاح وقاوم المحتل
بأعلى صوت صاح
عن نهج نصر اللَّه لا وذي العرش لن أحيد
ومضى لتسطع من دماه
شمس لحاضرنا الجديد
فاطمة علي خليفة
******
رثاء في ذكرى عاشوراء
دعاني أهل الرثاء لأرثي ابن الإباء
فقلت: أنا لست من أهل الشعر ولا الشعراء
وأردتُ السكوت على الكلمات
لأن الحبيب لا يوصف بالعبارات
لأن الحديث عن أهل الطهر
أرقى من أن تترنم به الشفاه العاريات
نعم أيها الأدباء سأكتب...
سأكتب على لوح القلب
لا على الأوراق
سأكتب بالدم، لا بحبر الأدباء
سأكتب عن الروح... عن الطهر
عن الحسين وارث الأنبياء
آهِ ليت شعري يفي بالمكنون
ففي الحسين سر لا تفشيه التعابير
وفي حب الحسين سعادةٌ ونشوة
وفي أعماق نفسي أنشودةٌ ترددها الأحلام
آه... آه لمن أنشدها وأنا خائف عليها من خشونة الآذان
أعلمتم أيّ أنشودة؟!
أنشودة الحب أيها الناس
فأي إسحاق ينشدها؟
وأي داوود يرتلها
أنشودة الحب أيها الناس
أنشودة الحسين
علي جابر