الشيخ محسن قراءتي
* فوائد البلاء
ماذا نفعل عندما تواجهنا حوادث أليمة؟
قد توضع على المائدة أطعمة متعددة، منها ذو المذاق الحلو والبعض الآخر ذو مذاق حامض أو مر، وعندما يجلس الطفل على المائدة يتناول الأطعمة الحلوة ويعتبر أن الأطعمة الأخرى لا سبب لوجودها. لكن الكبار يعلمون أن لوجودها فائدة، لا بل وجودها ضروري.
وعلى هذا فالحوادث الأليمة لا تخلو من بركات منها:
1 - أنها تساعد في زيادة التفات الإنسان إلى اللَّه تعالى.
2 - أنها تساعد في صناعة الإنسان وإظهار استعداداته الكامنة.
3 - الحوادث الأليمة كفارة لذنوب وأخطاء سابقة.
4 - وبها نعلم أهمية وعظمة النعمة التي تحيط بنا.
يمكن تصنيف البشر عند مواجهتهم الحوادث الأليمة إلى ثلاثة أصناف. فكما أن الطفل يتألم بمجرد أن يتذوق الفلفل نشاهد أن الشاب يتجرأ على تذوقه بينما الكبار يدفعون المال لشرائه. يبيّن القرآن الكريم أن البعض يعلو صياحهم بمجرد تعرضهم لمشكلة: ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا﴾ (المعارج: 20) ويصبر البعض الآخر على المحن: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ (البقرة: 154-155)، والبعض الثالث قد هيأ نفسه لقبول المصاعب: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾ (الأحزاب: 23). كان يأتي بعض الأشخاص إلى الرسول صلى الله عليه وآله وقد هيأوا أنفسهم للجهاد، لكن بمجرد أن يعلمهم الرسول صلى الله عليه وآله بعدم وجود فرس أو سلاح أو عدة تمكنهم من الذهاب كانوا يجهشون بالبكاء لعدم تمكنهم من المشاركة.
ويمكن الاستفادة بشكل مطلوب من الحوادث الأليمة والمصائب بالتوسل، والتدبّر، والصبر، وطلب المعونة من اللَّه تعالى، كما نصنع العصير اللذيذ من الحامض. ونعود إلى تجربة السيدة زينب عليها السلام حيث اعتبرت في قصر الظالمين أن كل المحن والمصائب التي أصابتها قد زلزلت عرش بني أمية. وعندما أُحضر الإمام السجاد عليه السلام إلى مسجد الشام صعد المنبر وبدأ الخطابة مديناً بني أمية لما ارتكبوه. عندما شعر يزيد بالخطب طلب من المؤذن أن يرفع الأذان بصوت عالٍ ليُسْكِتَ الإمام. أما الإمام فقد استفاد من الأذان حيث قام بتفسير وتوضيح مقاطعه مما أحدث زلزالاً في المسجد، بالأخص عندما قال المؤذن: أشهد أن محمداً رسول اللَّه، عندها خاطب الإمام عليه السلام يزيد قائلاً: محمد هذا جدي أم جدك؟ وهل هؤلاء الأسرى من نسل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أم ليسوا من نسله؟ وعندما وُضع الإمام الكاظم عليه السلام في السجن بمفرده قال: ما أفضل هذا المكان للعبادة.
* ثقافة التكليف
هل يمكن ترك صلاة الاستسقاء حفاظاً على ماء الوجه؟
لا يمكن للاعبي كرة القدم أن يقولوا: لن ننزل إلى أرض الملعب خوفاً من الخسارة، فاللاعب يجب أن يشترك في المسابقة سواء سدد هدفاً أم لم يسدد. واللاعب يكرر مشاركته في المسابقات حتى وإن تتالت هزائمه. يقول نابليون: هُزمت في أربع عشرة عملية عسكرية حتى انتصرت في النهاية. جاء في الروايات التوصية بصلاة الاستسقاء عند الجفاف، لكن هذا لا يعني أن لا نقوم بوظائفنا وتكاليفنا. أما هل تمطر السماء أو لا تمطر؟ فهذا أمر يعود إلى اللَّه تعالى