مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

التداعيات الثقافية للوعد الصادق على المجتمعات الغربية

 مقابلة مع الدكتور أليستر كروك‏

حوار: موسى حسين صفوان‏


بعد حرب تموز 2006م ورغم كل الحصار الإعلامي، استطاعت هذه الأمة بمجاهديها وشعبها الانتصار رغم فظاعة العدوان، مما حطَّم العديد من الحواجز الإعلامية، وفتح الباب لصوت الحق ليتسلل إلى آذان العالم، ويقلب المفاهيم وينتصف للمظلومين... فهل كان أحد ليصدق أن وسائل الإعلام العالمية ومئات الشخصيات على اختلاف انتماءاتها، كانت لتولي هذه البقعة من العالم اهتمامها، لولا ذلك النصر الإلهي المعجز الذي صمد صانعوه ثلاثة وثلاثين يوماً أمام أعتى آلة عسكرية في العالم؟!! هذا بعض ما حاول أن يقوله أحد المهتمين بقضايا العالم الساخنة. إنه السيد "أليستر كروك" البريطاني الجنسية والمستشار السابق للممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي لشؤون الشرق الأوسط ومؤسس منتدى حل النزاعات ويهتم بشكل خاص بمشاكل الشرق الأوسط. وقد ساهم في المفاوضات التي أدت إلى إنهاء حصار كنيسة المهد وشارك في حوارات تلفزيونية ومنتديات ومؤتمرات حول النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

* بداية، يسرنا أن نرحب بكم في لبنان ونتعرف عليكم، وعلى طبيعة عملكم.
أعمل لدى منظمة تعنى بالصراعات السياسية. ومن خلال هذه المنظمة، نسعى إلى أمرين: الأول هو الاستماع والتحليل لما تقوله الحركات الإسلامية حول منهجها، والثاني، يهتم بالمحاولة الحثيثة لإيقاف هذا العزل غير الطبيعي للإسلام في عالم الغرب، ومحاولة الوصول إلى حالة فضلى من التفاهم.

* ما الذي يمكنك إطلاعنا عليه، من ردّة فعل المجتمع الغربي وتحديداً الأمريكي والأوروبي، خاصة المثقفين، وذلك بعد انتصار آب غير المتوقع؟ كيف يمكنك تصوير الأمر لنا؟ وكيف رأيتم هذا الانتصار؟
أعتقد أن كلا المجتمعين، الأوروبي والأميركي، كانا متفاجئين إلى حدٍ بعيد. لقد توقعوا أن إسرائيل مع كل قوتها العسكرية الهائلة، ستربح الحرب بكل سهولة. لقد شاهدوا الأعمال العسكرية بما فيها الطائرات والقنابل الذكية، واعتقدوا أنها ستحقق انتصاراً حتمياً، ولكنهم تفاجأوا كثيراً بالنتائج. فقد رأوا لأول مرّة انهزاماً استراتيجياً لإسرائيل، فلأول مرّة في منطقة الشرق الأوسط، تُهزم إسرائيل على يد مجموعة مقاومة عسكرية مسلحة، مثل حزب اللَّه، معتمدة على الذكاء والتخطيط والدقة والسرية بشكل عام وفي جميع النواحي العسكرية والسياسية. لذا كان ذلك كما أعتقد اتجاهاً جديداً نحو حركات تصحيحية جديدة على مستويين: الأول: جعل الغرب يصدق بأن أيديولوجيا المنطقة قد تغيرت بفعل هذه الحركة الجديدة. والمستوى الثاني: التطور باتجاه فهم روح الإسلام والمقاومة لدى المثقفين الغربيين، وهذا ما جعلهم يعلمون كم يملك هؤلاء الناس من العزم والقدرة على تغيير مجتمعات، وهذا ما أعطى مثقفي الغرب الدافع للسؤال الحثيث لمعرفة ما يجري. ولكن أعتقد من جهة أخرى، أن ما حصل هدد الغرب ولو قليلاً، فقد شعروا بأن هناك قوى جديدة لا يعرفون ماهيتها قد شرعت بالتبلور والظهور، وهم طبعاً لا يفهمونها، ولا يريدون فهمها لأنهم لا يحاولون.

* لكنهم يريدون الآن فهمها والتعرف عليها!
نعم، هم يريدون ذلك، ولكنهم خائفون، لأنهم لا يعرفون ثقافة ومغزى وقيمة المقاومة الفعلية، خاصة مبدأ استعداد المقاومين للتضحية بأنفسهم فداء لمسألة ما!...

* لكن... هل يعلمون أن إسرائيل احتلت أرضنا، واغتصبتها وقتلت الأطفال والنساء والشيوخ، وهي تفعل ذلك كل يوم؟
كلا، لا يعلمون... أعتقد أنك إذا نظرت إلى الصحافة الأمريكية وبعض الأوروبية، تراها تعتبر أن حزب اللَّه هو من بدأ الحرب، والشعب لا يفهم غير ذلك، بسبب هذه الوقائع المعكوسة عبر الصحافة.

* ألا يتابعون وسائل الإعلام التي تعكس وجهة النظر الأخرى؟
كلا، وهذا أمر غريب ثقافياً، ولكن كان من المهم جداً معرفة أرضية الحرب، ما أسميه حرب إثبات الهوية المسلمة. إننا في عصر الاتصالات الواسعة جداً، ولكن التخوف من تأثر الإسلام الداخلي في المجتمعات الغربية بالإسلام الخارجي عميق جداً، لذلك ترى أن التواصل محدود جداً، وأعتقد أن المكان الوحيد الذي يبعد كل البعد عن كبت الصحافة هو الإنترنت، ففيه يمكنك معرفة كل شي‏ء.

* هل تعتقد أن هناك فرقاً شاسعاً بين المقاومة عندنا وبين الإرهاب الذي يلبس الثوب الإسلامي في مناطق أخرى من العالم؟
نعم، بالتأكيد، فالعالم يحلل مفهوم الإرهاب بشكل خاطئ، وقد أصبح الآن جلياً أن الفرق بين مقاومة الاحتلال والإرهاب المتعمد هو فرق شاسع. وأعتقد أن من أهم نتائج الحرب على مثقفي الغرب، هو أن القدرة على التفرقة بين حزب اللَّه والقاعدة أصبحت أفضل، فهم لم يكونوا يعرفون الفرق بين حماس في فلسطين ومجموعة الزرقاوي في العراق... نحن نحاول أن لا نتواصل، ونسي‏ء استعمال اللغة لكي لا تتوضح الصورة لشعوبنا، وهنا سلاح يملك نفس قوة البندقية إن لم يكن أكثر فعالية. فتصوير الإسلام بلا هوية ولا قيم هو الطريقة المستعملة عندنا.

* ينتقد فوكوياما في بعض مقالاته الجديدة الحرب على العراق.. والسؤال: هل يمكن تطبيق الديمقراطية عن طريق الحروب؟ وكيف يفكر فوكوياما وأمثاله بالحضارة والديمقراطية؟
فوكوياما كان بروفيسوراً ولم يكن محاوراً، لقد كان هو من توقع نتيجة الحرب الباردة، وهو كما أعتقد وجه امبريالي، وقد كان مخطئاً... فالأميركيون يقولون باستثنائية أميركا وتميزها، بمعنى أنها فوق القوانين كلها، وهم لم يعوا أن لدى الآخرين القوة التي تضافرت واكتملت، وكونت بعد ذلك كلمة لا، وهي المقاومة. من هنا يجب على أميركا والغرب تحسين سلوكياتهما، وهنا يكمن المستقبل الأفضل، حيث إن كلا الطرفين الغربي والإسلامي يسعى إلى تحسين سلوكياته وتوضيحها. وكما أن الغرب يعتقد أن على الإسلام توضيح صورته لتكوين مستقبل أفضل للمنطقة، على أميركا والغرب تبرير أسباب استعمال واستحواذ القوة ومفهومها.

* هل تعتقد بأن علينا أن نعمل شيئاً لنحقق تواصلاً أفضل بالعقول الأوروبية الغربية؟
نعم، يمكنكم الوصول عبر التحفيز والتشجيع على فهم ماهية ومفهوم الإسلام، عبر برامج تعرف الناس على مفهوم وعمل هذه المنظمات، مثل حزب اللَّه وحماس، وطريقة تعاطيها الإنساني مع قضايا الإنسان والمجتمع والمحيط. وباعتقادي أن هناك طرقاً عدّة يمكن أن يتلاقى فيها الغرب مع الإسلام، خاصة لدى أولئك الذين يؤمنون بأهمية الكائن الحي. أعتقد أن في الغرب حاجة ماسّة لتطبيق العدالة، والمحاربة من أجلها، خاصة وأنها مفقودة هناك. إنهم بحاجة لتطبيق العدالة على السياسة وليس الاقتصاد على السياسة. والأمر الآخر، هو التصديق بأنه ليس هناك قانون أو نظام عالمي واحد. هناك أنظمة عدّة تقتضي الاحترام للشعوب والأديان، وهذا أمر مشترك على الغرب والإسلام الالتفات له. ولكن لسوء الحظ هذه الأمور لا تنفذ بالكلام والنية الحسنة وحدهما، بل بالفعل وتخطي الصعاب، فالأعمال بالأفعال لا فقط بالأقوال، وأحياناً عليك رفض الكلام المنمق لكي تصل مباشرة إلى مبتغاك.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع