أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

في رحاب بقية الله: الحبُّ والولاية للإمام عجل الله فرجه

الشيخ نعيم قاسم

 



الحبُّ علاقة عاطفية تنبع من القلب تجاه المحبوب، وتحقِّق الأنس والراحة عند لقائه، فإذا كان الله هو المحبوب فقد تعلَّق الإنسان بمصدر الحب ومؤنس المأنوسين، وإذا بادل اللهُ عبده الحب فقد سما، قال تعالى عن المؤمنين الذي يحبهم ويحبونه:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(1).

ليس الحب مجرَّد علاقة عاطفيه، فهو بلسم الروح، ونور الحياة، وعون الجوارح، ورضوان الآخرة. تنسحب علاقة الحب من الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وآله، ويُترجم الحب بالاتِّباع والطاعة، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيم(2) ثم من الرسول صلى الله عليه وآله إلى الأئمة عليهم السلام وخاصة خاتمهم الإمام المهدي عجل الله فرجه. فارتباطنا بقيادته ليس ارتباطاً آلياً، ولا بين الرعية وحاكمهم، إنما هو ارتباط الحبيب بالمحبوب، ارتباطُ القلب والجوارح وكل كيان الإنسان بصاحب العصر والزمان.

يحدونا الشوق في غيبته إلى لقائه، وكأنَّنا عَطاشى ننتظر الماء ليروينا ولا شيء غيره يمكن أن يروينا، فهو المدافع عن مظلوميتنا، والحامي لساحتنا، والأمل المنتظر لعزتنا وقيام دولة الحق. نذكره فيشتعل القلب بذكره، نذكره في كل أحوالنا وكأنَّنا نضجُّ بالطلب إلى الله تعالى أن يعجِّل الفرج في كل لحظة، هو حياتنا ورجاؤنا وأملنا، وهو أنيس وحشتنا في طاعة الله تعالى. عن الإمام الباقر، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "إنَّ الله عزَّ وجل أوحى إليَّ ليلة أُسري بي: يا محمد، من خلفتَ في الأرض في أمتك - وهو أعلم بذلك-؟  قلتُ: يا رب، أخي. 

قال: يا محمد، علي بن أبي طالب؟  قلت: نعم، يا رب.  قال: يا محمد، إني اطَّلعتُ إلى الأرض اطلاعة فاخترتُك منها، فلا أُذكَر حتى تُذكَر معي، فأنا المحمودُ وأنت محمد، ثم إني اطَّلعتُ إلى الأرض اطلاعة أخرى فاخترتُ منها علي بن أبي طالب فجعلتُه وصيك، فأنت سيد الأنبياء وعليٌّ سيدُ الأوصياء، ثم شققتُ له اسماً من أسمائي فأنا الأعلى وهو علي. يا محمد، إني خلقتُ علياً وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من نورٍ واحد، ثم عرضتُ ولايتهم على الملائكة، فمن قَبِلَها كان من المقرَّبين ، ومن جحدها كان من الكافرين. يا محمد، لو أنَّ عبداً من عبادي عبدني حتى ينقطع، ثم لقيني جاحداً لولايتهم، أدخلته ناري. ثم قال: يا محمد، أتحبُّ أن تراهم؟  فقلتُ: نعم. فقال: تقدَّم أمَامَك.  فتقدمتُ أمَامي فإذا علي بن أبي طالب، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجة القائم كأنَّه الكوكبُ الدري في وسطهم، فقلتُ: يا رب، من هؤلاء؟  قال: هؤلاء الأئمة، وهذا القائمُ، محلِّلُ حلالي، ومحرِّمُ حرامي، وينتقمُ من أعدائي. يا محمد، أحببهُ فإني أحبُّهُ وأحبُّ من يُحبه"(3).

لا بدَّ أن يكون القلب مملوءاً بالحب، على مفترق طرق بين حُبَّين: حب الدنيا وملذاتها، أو حب الله تعالى ورسوله والجهاد في سبيله. ولا نجاة إلاَّ للفريق الثاني، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين(4). فإذا اخترت حب الله تعالى ورسوله والأئمة عليهم السلام، فسيقود هذا الحب إلى الولاية والطاعة لإمامك صاحب العصر والزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء، إذ بالولاية تستقيم حياتك، فالحلال ما أحلَّه وهو ما أحلَّه الله ورسوله، والحرام ما حرَّمه وهو ما حرَّمه الله ورسوله، وعندها أنت حبيبه وحبيب الله ورسوله.

وهذه هي السعادة الحقيقية في محضر العشق الرباني والنبوي والإمامي، وهذه هي طريق الرضوان في جنة الخلد. عن الإمام الرضا عليه السلام عن آبائه عن الإمام الحسين عليه السلام قال: "قال لي أبي، قال أخي رسول الله صلى الله عليه وآله: من سرَّه أن يلقى الله تعالى مقبلاً عليه غير مُعرِض عنه، فليوالِ علياً، ومن سرَّه أن يلقى الله تعالى وهو عنه راض، فليوالِ ابنه الحسن عليه السلام، ومن أحب أن يلقى الله تعالى وهو لا خوف عليه، فليوالِ ابنه الحسين عليه السلام، (ثم ذكر الأئمة عليهم السلام) إلى أن قال: ومن أحبَّ أن يلقى الله وقد كَمُلَ إيمانه وحَسُنَ إسلامه، فليوالِ الحجة صاحب الزمان القائم المنتظر المهدي محمد بن الحسن، فهؤلاء مصابيحُ الدجى، وأئمة الهدى، وأعلامُ التقى، فمن أحبَّهم وتولاَّهم كنتُ ضامناً له على الله الجنة"(5). فإذا أردت أن تختبر نفسك، فانظر إلى قلبك، فإن كان يحب أهل طاعة الله تعالى، فأنت في خط الولاية مع الإمام المهدي عجل الله فرجه، وإلاَّ فراجع حساباتك، إذ لا حبَّ إلاَّ إذا كان مصحوباً بالولاية والعمل. عن أبي جعفر عليه السلام: "إذا أردتَ أن تعلم أنَّ فيك خيراً فانظر إلى قلبك، فإن كان يحبُّ أهلَ طاعةِ الله ويبغضُ أهلِ معصيته ففيك خير والله يُحبك، وإن كان يُبغضُ أهلَ طاعةِ الله ويحبُّ أهلَ معصيته فليس فيك خير والله يُبغضك، والمرء مع من أحب"(6).


1- سورة المائدة، الآية: 54.
2- سورة آل عمران، الآية: 31.
3- الشيخ النعماني، كتاب الغيبة، ص: 94 و 95.
4- سورة التوبة، الآية: 24.
5- شاذان بن جبرائيل القمي، الفضائل، ص: 166 و 167.
6- الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص: 126 و 127.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع