صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

مداد الشهداء: الوعد الإلهي المحتوم

الشهيد علي منيف أشمر

 




بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (القصص: 5). الحمد لله الذي جعلنا من المستضعفين ولم يجعلنا من المستكبرين الذين كفروا في الأرض وعاثوا فيها الفساد، فهم ملعونون منذ القدم على لسان كل نبي، وهم خاسرون في الدنيا والآخرة، إذ يقول تعالى فيهم: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (الروم: 47).

والحمد لله الذي أمرنا بالشدة معهم، حتى لا يفسدونا بمعاشرتهم، إذ يقول: ﴿فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ (محمد: 4). والحمد لله رب العالمين، الذي ألقى في قلوبنا الرحمة فيما بيننا والشدة مع الذين كفروا، فقال: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ (الفتح: 29).

إخوتي في الله:

﴿
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (البقرة: 156). إعلموا أيها الأحبة أن خطنا الجهادي وخصوصاً في هذه الأوقات العصيبة حيث تخاذل الجميع وركعوا أمام عدو الله هو خط طويل وشاق ومليء بالمصاعب والبلاءات، وهو لهذا بحاجة إلى روحية طيبة طاهرة زكية وصبر على الأمرّين. إننا نأسف إذ إن الكثيرين تراجعوا وتوكلوا على غيرهم، وذلك يعود إلى تفكيرهم المادي بالدنيا، إذ إنهم لم يختاروا هذه الطريق عن دراسة واعية، بل اختاروها ليصلوا عبرها إلى مركز أو شهوة وحاجة معينة. إن الشهداء الذين مضوا قد حملونا أمانة دمائهم وهم يرقدون الآن بسلام، هانئين، متكلين على الثلّة الباقية، فعلينا أن لا نخذلهم أو نضيع دماءهم، بل علينا أن نكمل مسيرتهم التي بدأوها. ولاستكمال هذه المهمة الإلهية، علينا أن نستعين بالصبر والصلاة، "وإنها لكبيرة إلاّ على المؤمنين".

إن الصبر الذي نحتاج إليه لنتقوى على الاستمرار في هذا الخط هو ذلك الذي فصَّله وبيَّنه أمير المؤمنين عليه السلام فقال: "الصبر صبران، صبر على ما تحب وصبر على ما تكره"، فاستعينوا بالصبر على كل شيء، وأطيعوا الله تعالى من خلال التكاليف التي تصدر إليكم من القيادة المباركة، ولا تخالفوها فتهلكوا. وأخيراً أوصيكم بأن تكملوا هذه الطريق بإخلاص وجدية حتى تنالوا إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة، وإياكم أن تقفوا، لأنه بوقوفكم ستُطفَأ الشموع، ومن الصعب إشعالها ثانية. إن الله طلب منا أن نبيعه أنفسنا وأموالنا في سبيله: ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ (التوبة: 111).

لا بد لنا من الجهاد إذا أردنا الجنة، فهناك جهاد بالمال، وهناك جهاد بالنفس، وعلينا أن نتحرك في هذين الخطين. واعلموا أنكم ستتعرضون لكثير من المشاكل والبلاءات فهي امتحان رباني، ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُم (محمد 31)، وتذكروا أن الجنة هي الموعد بعد طول شقاء مرير، فهي الوعد الإلهي المحتوم، وهناك يجزى الصابرون بما صبروا، ويجزى بها المتقون والمجاهدون، ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِين (الحجر: 45 47)

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع