(التدشيشة شعبياً)
الدكتورة حنان المصري
الحصبة من أمراض الطفولة الشائعة والمعروفة في مجتمعنا اللبناني، تصيب عادة الأطفال الصغار في عمر المدارس وتتميز بطفح جلدي وردي اللون، ولكنها يمكن أن تصيب أيضاً الكبار. هي من الأمراض الشائعة والأكثر انتشاراً في العالم، ولها مضاعفات كثيرة يمكن أن تؤدي إلى الموت في حالات نادرة. سببها فيروس من عائلة Paramyxovira يكثر في فصل الشتاء والربيع في المناطق المعتدلة الحرارة. في حال كانت الأم مصابة أو لديها المناعة لهذا المرض، فهي تستطيع أن تحمي الطفل حتى عمر ستة أشهر.
طريقة انتقال العدوى وظهور العوارض:
تنتقل العدوى بواسطة اللعاب. ومن ميزات هذا الفيروس أنه يبقى حياً في الجو والأماكن الملوثة فترة ساعتين، لذا هو سريع العدوى. تبدأ العدوى أربعة أيام قبل ظهور الطفح وتستمر أربعة أيام بعد ظهوره(1). فترة حضانته عشرة أيام. أما عوارض المرض فهي: تعب- إرهاق- رفض الطعام- حرارة مرتفعة- سعال حاد – إسهال- وجع في البطن- بكاء عند الأطفال. والطبيب يستطيع تمييزه عن الأمراض الأخرى بواسطة Signe de koplik وهو عبارة عن حبيبات مثل السكر توجد في الفم. يبدأ الطفح وراء الأذنين ومن ثم الرأس والرقبة والجسد وأخيراً الأطراف. فترة النقاهة تمتد حتى عشرة أيام.
اشتراكات المرض المتوقعة:
من الاشتراكات الممكنة: إلتهاب رئة – سحايا - إلتهابات في الدماغ - التهابات الأذن الوسطى. تكثر الحصبة في البلدان الفقيرة والدول النامية، وخاصة في دول الحروب والزلازل والكوارث الطبيعية حيث تنقص الوقاية الصحية والمناعة السليمة من قبل الدولة كما ويظهر هذا المرض بكثرة كل 4 - 5 سنوات.
هموم الحصبة في الوطن وعند جمعية الأطباء المسلمين: أين نحن من كل هذا في لبنان؟
عام 2006 شاهدنا انتشاراً لحالات الحصبة بكثرة. قمنا بإجراء دراسة في مستشفى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله حول الحالات التي وصلت إلى طوارئ المستشفى أو أدخلت إليها وراجعنا عمر الطفل ، سبب العدوى، عدد اللقاحات، مركز تلقي اللقاح، دخوله المستشفى أم لا، اشتراكات ممكنة، نقل العدوى إلى الآخرين، مكان السكن. وتبين لنا أن 80 % من الأطفال والكبار الذين أصيبوا بالحصبة لم يكونوا ملقحين. إن العشرين بالمئة الآخرين كانوا قد أخذوا لقاح الحصبة في السنة الأولى من العمر ولم يعاودوا التلقيح من جديد. 23% من الحالات اضطرت إلى دخول المستشفى بسبب التهاب الرئة. وعدد كبير من الأطفال راجع الأطباء بسبب التهابات في الأذن. طبعاً، هذا الموضوع والدراسة حولا إلى الوزارة وقد قامت بأخذ بعض الإجراءات، منها: حملة الحصبة في شهر آذار 2008 حيث يجب تلقيح كل الأطفال حتى عمر 14 سنة، بغض النظر عن الجرعات السابقة .
الحصبة على مستوى المؤسسات العالمية: في أيار/مايو 2005، اعتمدت جلسة جمعية الصحة العالمية الثامنة والخمسون الرؤية والإستراتيجية العالميتين للتمنيع المشتركتين بين منظمة الصحة العالمية واليونيسيف. وتدعو الرؤية والإستراتيجية البلدان إلى تخفيض وفيات الحصبة العالمية بنسبة 90% بحلول عام 2010، مقارنة بالتقديرات المسجلة في عام 2000. كما حدّد إعلان الأمم المتحدة للألفية هدفاً يتعلّق ببقاء الأطفال على قيد الحياة: تخفيض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بمقدار الثلثين بحلول عام 2015، مقارنة بالمستويات المسجلة في عام 1990.
وتُستخدم التغطية التطعيمية باللقاح الروتيني المضاد للحصبة كمؤشر لذلك الهدف. الإستراتيجية الشاملة المشتركة بين منظمة الصحة العالمية واليونيسيف لتخفيض معدل وفيات الحصبة بشكل مستدام: وضعت منظمة الصحة العالمية واليونيسيف إستراتيجية شاملة لتخفيض وفيات الحصبة بشكل مستدام حظيت بتأييد منظمة الصحة العالمية في عام 2003. وتتمثّل العناصر الأربعة لتلك الإستراتيجية فيما يلي:
1- التمنيع الروتيني الشمولي(2): يتم إعطاء الجرعة الأولى من اللقاح المضاد للحصبة للأطفال عند بلوغهم تسعة أشهر أو بعد ذلك بفترة قصيرة في إطار خدمات التمنيع الروتيني. ويشكّل هذا العنصر الأساس الذي تقوم عليه الإستراتيجية المذكورة. وينبغي أن تمكّن خدمات التمنيع الروتيني، في كل عام، من تطعيم ما لا يقلّ عن 90% من الأطفال في جميع المناطق.
2- إتاحة فرصة ثانية لجميع الأطفال المتراوحة أعمارهم بين تسعة أشهر و15 عاماً للاستفادة من التمنيع ضد الحصبة: يمكّن هذا الإجراء من ضمان المناعة ضد الحصبة للأطفال الذين لم يتلقوا جرعة سابقة من اللقاح المضاد للمرض، وكذلك للأطفال الذين تم تطعيمهم ولم يطوّروا مناعة ضد المرض عقب التطعيم (حوالي 15% من الأطفال الذين يُطعّمون عند بلوغهم تسعة أشهر من العمر). وتمكّن الفرصة الثانية من توقّي ارتفاع عدد الأطفال المعرّضين لمخاطر الإصابة بالمرض إلى مستويات خطرة. إذ هناك الكثير من الأطفال الأكبر سنّاً ممّن لم يستفيدوا من التطعيم ولم يُصابوا بالعدوى، فهم يفتقرون بالتالي إلى المناعة اللازمة ضد المرض. وتتم إتاحة الفرصة الثانية للاستفادة من التمنيع ضد الحصبة إمّا في إطار خدمات التمنيع الروتيني (إذا تسنى تحقيق تغطية عالية والحفاظ عليها مع مرور الوقت) أو في إطار أنشطة التمنيع التكميلي الدورية. وتستهدف تلك الأنشطة فئات كبيرة من الناس (جميع سكان البلد أو سكان مناطق واسعة) وترمي إلى تطعيم جميع الأطفال بغض النظر عن خلفيتهم التطعيمية.
3- الترصد :لقد تم وضع وتنفيذ الدلائل المعيارية لترصد الحصبة. وتشمل تلك الدلائل جمع عيّنات دموية من الحالات المشتبه فيها وفحصها في أحد المختبرات المعتمدة من أجل تأكيد الإصابة بعدوى الحصبة أو استبعادها. ويتيح اكتشاف فاشيات الحصبة وتحرّيها على وجه السرعة معلومات هامة عن مدى تأثير البرنامج ويضمن تنفيذ أنشطة التصدي المناسبة.
4- تحسين التدبير السريري لحالات الحصبة: يشمل هذا الإجراء التغذية التكميلية بالفيتامين "ألف" وعلاج المضاعفات بالمضادات الحيوية المناسبة، عند اللزوم.
توصيات المنظمات الإنسانية لتحسين المناعة عالمياً:
ينبغي، لتحقيق مرمى 2010 المتمثّل في تخفيض معدلات وفيات الحصبة بنسبة 90 % مقارنة بالمستويات المسجّلة في عام 2000، التغلّب على التحديات التالية:
•ينبغي للبلدان الكبرى التي لا تزال ترتفع فيها معدلات وفيات الحصبة، مثل الهند وباكستان، تنفيذ الأنشطة الرامية إلى تخفيض معدلات تلك الوفيات.
•لا بد، للاستمرار في تحقيق المكاسب التي تحققت في البلدان السبعة والأربعين ذات الأولوية، وفي بلدان الإقليم الأفريقي بوجه خاص، بذل المزيد من الجهود من أجل ضمان تطعيم أكثر من 90% من الرضّع ضد الحصبة قبل بلوغهم السنة الأولى من العمر.
•يجب على البلدان ذات الأولوية الاضطلاع بحملات لمتابعة التطعيم كل سنتين إلى أربع سنوات من أجل تمنيع الأطفال الذين يولدون في فترة ما بين الحملات، وذلك حتى تصبح نُظم التمنيع الروتيني التابعة لتلك البلدان قادرة على تطعيم جميع الأطفال.
•يجب توسيع نطاق الأنشطة الخاصة بترصد فاشيات الحصبة المشتبه فيها ميدانياً وتأكيدها مختبرياً ليشمل جميع البلدان ذات الأولوية وذلك للتمكّن من رصد تلك الفاشيات بصورة فعالة.
(1)فترة الحضانة: الزمن بين التعرض للإصابة أو العدوى وظهور الأعراض الأولية: (ارتفاع حرارة إرهاق ومؤخراً ظهور الطفح الجلدي المميز).
(2)أي تقوية المناعة ضد المرض عن طريق تكرار عملية التلقيح حسب برنامج علمي ومراقبة العدوى ومناطق الانتشار.