مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

قضايا معاصرة : جنون الأسعار: حاميها حراميها!

نبيل سرور(*)

 

 
 
تنص المادة الثانية من قانون حماية المستهلك اللبناني، الصادر بالمرسوم رقم 13068 تاريخ 5/8/2004 على الآتي نصه: "يتمتع المستهلك بالحقوق التالية التي يمارسها وفقاً لأحكام هذا القانون:
ـ الحق بالحفاظ على صحته وسلامته عند استعماله، بشكل ملائم، للسلعة أو الخدمة، لجهة الجودة أو النوعية..
ـ الحق بالاستفادة من معاملة عادلة ودون تمييز من قبل المحترف، للمنتج المعد للاستعمال المحلي أو للتصدير..
ـ الحق بالاستحصال على معلومات صحيحة وواضحة ووافية، تتعلق بالسلعة أو الخدمة وثمنها وميزاتها وطرق استعمالها والأخطار التي قد تنتج عن هذا الاستعمال..
ـ الحق بتعويض كامل ومناسب عن الأضرار الناتجة عن استهلاك سلعة أو الانتفاع من خدمة لدى الاستعمال بشكل سليم.
ـ الحق بإنشاء جمعيات لحماية المستهلك والانتساب إليها..
ـ الحق بالتقاضي مباشرة أو بواسطة جمعيات المستهلك جماعياً، لصون حقوقه أو التعويض عليه عن الأضرار التي تكون قد لحقت به...".

هذه بعض من الحقوق التي كفلها القانون للمستهلك اللبناني. ولكن السؤال الذي لا يزال معلقاً يبحث عن جواب: إلى أي مدى يطبَّق القانون الذي يحمي حقوق المستهلك اللبناني، لجهة ثمن وجودة سلعة ما في الأسواق اللبنانية؟ وهل الجهة المخولة تطبيق أحكام ونصوص القانون تقوم بمهمتها على خير وجه؟

مؤشرات على ركود اقتصادي محلي:
الملاحظ أنه بالرغم من التراجع الكبير في أسعار السلع والمواد الأولية والمشتقات النفطية عالمياً، إلا أن السوق اللبناني لم يلحظ أي انعكاس إيجابي تجاه هذا الانخفاض. ولا يزال المواطن اللبناني يشكو من ارتفاع حاد في الأسعار التي تكوي جيوب ذوي الدخل المحدود، وتخلق فجوات كبيرة في القدرة الشرائية لدى الأفراد، مما يرفع نسب تراجع القدرة الشرائية بين المواطنين، وتزيد في تردي الأوضاع الاقتصادية، وهذا ما قد يشكل دافعاً في المستقبل القريب إلى مؤشرات ركود اقتصادي قد يطال مختلف القطاعات الاستثمارية المنتجة (العقارات السياحة الخدمات المصرفية القطاعات الصناعية تأمين نقل.. الخ). والملفت أن من شأن الواقع الاقتصادي المتردي في لبنان، وتدني القدرة الشرائية لدى المواطنين، إبراز الكثير من المؤشرات الاقتصادية التي لا تدل على صحة الاقتصاد اللبناني، ومنها: لجوء الكثيرين إلى الاستدانة أو الاقتراض بهدف الإنفاق على التعليم أو الرعاية الأسرية أو سد متطلبات الحياة اليومية، وكذلك تبرز انعكاسات الأزمة الاقتصادية من خلال مؤشرات زيادة وقائع السرقات والنشل بشكل شبه يومي، وارتفاع معدلات تفشي الجريمة، التي يكون دافعها الأساس مادياً، وقد تكررت وقائع الكثير من الجرائم المفجعة بدافع مادي على مختلف الأراضي اللبنانية.. ولعل المؤشرات الاقتصادية والإحصائية التي تنشرها جمعية المستهلك اللبنانية، أو تلك التي تصدر شهرياً عن المصرف المركزي، أو الدراسات التي تصدر عن المكتب الفني لسياسة الأسعار في وزارة الاقتصاد اللبنانية كلها تشير إلى بقاء نسب الأرباح على الأسعار على حالها من دون أي تراجع. هذا بالرغم من التراجع الحاد الذي أصاب الكثير من السلع عالمياً، مما يطرح السؤال الذي انطلقنا منه: من يضع حداً للفلتان الحاد في جنون الأسعار!؟ من يضبط جشع التجار، ويعيد التوازن إلى القدرة  الشرائية لدى المواطن الذي أصبح أسير لقمة العيش، ورهين السعي لتأمين المسكن والطبابة والاستشفاء في رحلة معاناة لا تنتهي فصولها مع مطلع كل شمس؟!! والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هو دور مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والتجارة في مراقبة الأسعار والسلع، وما هو مستوى الفعالية في أداء هذا الدور من قبل مراقبي المديرية؟

* غياب الدور الفعلي للمراقبة:
من خلال الواقع العملي، تلاحَظ المحدودية الفعلية لدور المراقبة الملقى على عاتق مراقبي المصلحة المذكورة. وهذا عائد لعدة أسباب منها:
1-العدد المحدود لعناصر المراقبة في المصلحة المذكورة.
2-غياب عنصر التخصص لديهم.
3-اقتصار دورهم على التأكد من إعلان الأسعار دون مراقبة صلاحية المنتج.
4-تقدم معظمهم في السن، حيث سيحال ما يزيد على 60% منهم إلى التقاعد نهاية العام 2010.
5-العقبات الإدارية والفساد والمحاصصات التي تقع في صميم واقع النظام السياسي والإداري اللبناني..

فمن أصل ماية وستين مراقباً يلحظهم القانون، لا يوجد في المديرية المذكورة فعلياً سوى حوالي 54 مراقباً يتوزعون على مختلف الأراضي اللبنانية في المحافظات الخمس اللبنانية. ويقومون بمهام الرقابة على الأسعار، من دون أن يكون هناك صرامة من قبلهم في قمع المخالفات، أو إنزال العقوبات القانونية التي يلحظها القانون بحق التجار  الذين لا يتقيدون بنسب الأرباح على السلع الموجودة في السوق اللبناني. وهذا عائد كما أسلفنا إلى جملة من الأسباب المتعلقة بالواقع الوظيفي للمراقبين وغيرها من الأمور ذات العلاقة ببنية الإدارة، وعدم التخصصية، وضعف الرقابة الوظيفية.. الخ. هذا على المستوى البشري، أما على المستوى الإداري، فيرأس مديرية حماية المستهلك حالياً مدير (رئيس مصلحة)، وبالاستناد إلى الجدول المعدل، الملحق بالقانون المنفذ بالمرسوم رقم 6821 تاريخ 28/12/1973 (تحديد مهام وملاكات وزارة الاقتصاد والتجارة)، تتشكل في المديرية المصالح الملحقة التالية:
ـ مصلحة الدراسات والتوعية.
ـ مصلحة المراقبة.
ـ مراقب أو مراقب أول في حماية المستهلك (العدد 120).
وبالطبع، وبحسب قانون حماية المستهلك الوارد بالمرسوم رقم 13068 تاريخ 5 آب 2004، تتوزع في المديرية مجموعة من الأقسام والدوائر من أهمها:
ـ دائرة قمع الغش.
ـ دائرة مكافحة الاحتكار والغلاء.
ـ دائرة المصوغات.
ـ قسم مراقبة الأسعار.

وما يجدر ذكره في هذا المجال هو أن مستوى فعالية أو ضعف هذه التقسيمات يخضع لإرادة وتوجهات الوزراء المتعاقبين الذين توالوا على الوزارة، حيث فعّل البعض منهم هذه الوحدات الإدارية التي تُعنى بحماية المستهلك، بينما ضربها الكثير من الوزراء بعرض الحائط، وذلك بعنوان "الحرية الاقتصادية" أو ما يعرف بالليبرالية الجديدة التي تنفي أي تدخل للدولة في موضوع الأسعار ومراقبة الأسواق، وتشدد على ظاهرة مرونة "توازن العرض والطلب".. وغيرها من النظريات الاقتصادية التي طبقها كل وزير أتى إلى سدة الوزارة بحسب توجهاته السياسية والاقتصادية، وبمعزل عن سياسة واضحة أو رؤية ثابتة تنطلق من تخطيط مدروس وتوجهات محددة، وتنقل الاقتصاد اللبناني إلى مواقع متقدمة في شتى قطاعاته. وأخيراً: ينبغي أن تأخذ الدولة دورها الطبيعي، وتمارس الصلاحيات التي يخولها القانون في سبيل تأمين وضع اقتصادي سليم، تتبلور فيه رقابة دائمة على السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية، كما تشارك مؤسسات المجتمع الأهلي في تقوية ودعم هذه الرقابة.. وبهذا نأمن على مستقبلنا ومستقبل أجيالنا، ونهب مجتمعاتنا حياة عزيزة كريمة، تواجه تحديات الحياة..
 


رئيس مصلحة في وزارة الاقتصاد والتجارة

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع