الإمام الخامنئي "دام ظله"
عندما تدافع دول، مثل أميركا، عن حقوق الإنسان، فإن هذا الدفاع أمر مضحك مبكٍ للشعوب وكافة المظلومين في العالم. فهو مضحك لأن هذا الدفاع يصدر عن منتهكي هذه الحقوق أنفسهم، الذين تتلطخ أيديهم بدماء الشعوب من خلال ما ارتكبوه في الشرق والغرب، في إفريقيا وآسيا، وأماكن أخرى، من قتل للشعوب واستهتار بحقوق الإنسان. إن الكيان الصهيوني يمارس وبدعم من أميركا وحلفائها أشد الضغوط وأفظع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني. ومع ذلك، يتحدث هذا الكيان عن حقوق الإنسان... ألا يدعو هذا الأمر إلى السخرية؟
هذا الدفاع مبكٍ أيضاً. فهل يواجه البشر مصيبة أفظع من أن يتلاعب هؤلاء السياسيون بالمفاهيم والقيم الإنسانية؟ يتهمون إيران الإسلامية بانتهاك حقوق الإنسان، في حين أن الإسلام هو أكبر حام لحقوق الإنسان. نحن، كثورة، لماذا ندافع عن الشعوبالمظلومة؟ لماذا ندافع عن الشعب الفلسطيني؟ لماذا ندافع عن المظلومين في مناطق العالم المختلفة، الذين لا يجرؤون على الالتزام بالمظاهر الإسلامية، كونهم يرزحون تحت سيطرة حكومات خبيثة تدعي الديمقراطية وتمارس الفاشية؟ أرأيتم كيف منعوا الفتاة المسلمة في فرنسا من ارتداء الحجاب؟ أرأيتم كيف يضرب رجال الشرطة الأميركيون المسلمين في أحد المطارات الأميركية، بسبب قيامهم بأداء الصلاة في المطار؟ لماذا نتحرك بدافع الواجب كلما سمعنا استغاثة مظلوم؟ أليس ذلك من أجل مساعدته ما أمكن، أو على الأقل إيصال صرخة؟ كل هذا استناداً إلى الأمر الإسلامي القائم على أساس حماية حقوق الإنسان.
•حقوق الإنسان لعبة الاستكبار
أنتم، يا سادة الظلم والاستكبار، تنتهكون حقوق الإنسان. أنتم الذين جعلتم منظمة الأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان والمفاهيم الإنسانية لعبة بأيديكم، وأداة لتحقيق أهدافكم. إن موضوع حقوق الإنسان كان، ولا يزال، يحتل من الأهمية مكانة تجعلنا مستعدين لدخولالمواجهة مع جميع القوى الاستكبارية العالمية. لقد حكم في إيران وطوال سنين عديدة أذناب أميركا وباقي الدول الاستكبارية، فقتلوا من أبناء شعبنا المئات، بل الآلاف، فيالشوارع. والآن، وفي أماكن أخرى، يحدث الأمر نفسه على يد أذناب أميركا.. سجونهم مليئة بالمظلومين، لكن المحافل الدولية لا تسمع صوتاً يرتفع ضد هؤلاء. لو كنتم مناصرين لحقوق الإنسان فلماذا لا تعترضون على سياسات الأنظمة الرجعية الظالمة التي لم تشم رائحة الديمقراطية يوماً؟ لماذا توجهون سهامكم إلى إيران فقط، وهي أحد مظاهر الحرية والمشاركة الشعبية؟
عندنا انتخابات حرة ومتتالية، والشعب يدلي برأيه ويشارك في كافة المجالات. أتعترضون على كل هذا؟ أنتم لا تناصرون حقوق الإنسان.. أنتم تؤيدون كل ما هو ضد الدين، وتتوخون فرضهيمنتكم على الدول والشعوب. أنتم غاضبون لقطع أيديكم عن بلد غني وكبير مثل إيران، غاضبون لأنكم تواجهون التحدي والتهديد في العديد من الدول. إن قضية حقوق الإنسان هي ذريعة بيد القوى الاستكبارية. فهل تعلمون معنى الإنسان وحقوقه؟ الكثيرون يدعون الدفاع عن حقوق الإنسان، لكن ادعاءاتهم ليست صادقة ولا واقعية. فإن الدول التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، اليوم، هي الأكثر إهانة للبشر. والأنظمة التي ترفع عقيرتها بالدفاع عن حرية الرأي والفكر هي التي ترعى أعتى الأنظمة الاستبدادية فيالعالم. ما هي الدول التي كانت تدعم الاستبداد البهلوي في إيران على مدى عقود طويلة؟ ألم تكن أميركا وبريطانيا تفعلان ذلك؟ وكانت هاتان الدولتان حينذاك تدعيان الدفاع عن حقوقالإنسان وحرية الرأي.
•من يغطي جرائم إسرائيل؟
واليوم، من الذي يدعم الكيان الصهيوني الغاصب، والعديد من الأنظمة الاستبدادية في آسيا وإفريقيا؟ من الذي يغطي جرائم إسرائيل التي تحتل جنوب لبنان وتنتهك حقوق أهله، وتقصف تجمعات الأطفال في أفظع ممارسات إجرامية عرفتها البشرية؟ من البديهي أنه لولا دعم أميركا لإسرائيل، لما كان بإمكان هذه الدولة أن تبقى. وللحقيقة، إن أميركا هنا هي التي تقصف جنوب لبنان وتعتدي عليه. يا لها من وقاحة عندما تدعي دول، مثل أميركا وانكلترا والدول المماثلة لهما، الدفاع عن حقوق الإنسان واحترام حرياته! والجميع يعرف إن هذه الادعاءات فارغة. إن احترام الإنسان بحق، لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل الإسلام. لا يكفي أن يدعي أي طرف أنه يحمي حقوق الإنسان.
إن رفع راية حقوق الإنسان، من قبل زعماء أميركا، هو دائماً مجرد دكان للمتاجرة، فهؤلاء لا يعترفون للبشر بأي حقوق. هؤلاء يرون كيف يمارس الكيان الصهيوني القتل والتعذيب ومصادرة حقوق الفلسطينيين، من دون أن يدينوا هذه الممارسات ولو بالكلام فقط. أليس الفلسطينيون بشراً؟ ألا يشمل موضوع حقوق الإنسان الفلسطينيين أيضاً؟!
•ادعاءات كاذبة
إن أميركا والعديد من القوى الكبرى لا تعترف بأن للإنسان حقوقاً. إنهم يكذبون في ادعاءاتهم، فهم يطرحون قضية حقوق الإنسان لخداع الآخرين أو للضغط عليهم، ويستخدمونها أداة للضغط على أي نظام، من خلال إثارة الرأي العام ضده، واتهامه بانتهاك حقوق الإنسان، فيما يطرحون أنفسهم كحماة لحقوق الإنسان في العالم. وإذا ما اقتضت مصالحهم التدخل العسكري وقلب نظام حكم ما فإنهم لا يتورعون عن القيام بذلك، بذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان. نحن لا نملك أدنى ثقة بادعاءات الدفاع عن حقوق الإنسان التي تصدر عن بعض الدول والمنظمات المرتبطة بالدول الكبرى، وننظر إلى هذه الادعاءات على أنها مجرد خديعة وكذبة كبريين. نحن نعتقد أن الارهاب ينمو في أحضان النظام الأميركي والعديد من الأنظمة الغربية وقوى الهيمنة الدولية. بأي حق يتعرض الشعب الذي لا يرتبط بأي من القوى العالمية، ويدافع عن حدوده واستقلاله، ويريد أن يخط مصيره بيده، إلى إجرام مجموعة تخريبية تقوم باغتيال رموزه وعلمائه، ثم تحظى هذه المجموعة بدعم الدول الغربية التي تتعامل معها، وبكل صلافة ووقاحة، كمنظمة عادية، وتوفر لها التسهيلات على كافة الصعد؟! إن المحافل الدولية، مثل البرلمان الأوروبي، وباقي الأطراف التي تتولى تمويل هذه المجموعة، إنما تدين نفسها أمام التاريخ، وأمام جميع المنصفين والواعين، وإن ما فعلته سيبقى وصمة عار على جبينها. لقد اتضح أن ادعياء حقوق الإنسان والمنظمات العاملة تحت هذا الاسم، والتي تنفق الأموال الطائلة تحت هذه الذريعة، إنما تسعى إلى أهداف أخرى، وأنها تتستر بهذه العناوين البراقة، لتنفيذ أهدافها الدنيئة.