أنا الباحث عن وحدة أعشقها ولا تترك لي هوية أو رسم،
دخلتُ في متاهات الحجب الكبرى، وصرت أحمل على ظهري كنوز قارون.
يفتتني تلألأ أحجارها فانبهر بما جمعت،
حتى خيل لي أنني الموحد الحق، الذي طوى مراتب الهجرة فصار من الأخلاق قاب قوسين أو أدنى.
لو لم تدركني رحمة الباري لكنت في المنسيين، أختم على نفسي بخيوط الحرير..
لو لم تسعفني أمطار هداية الرب الودود لقسوت أشد من الحجارة..
فشتان بين الحصول والوصول..
وما حصلت عليه ليس إلا سراباً بقيعة،
ربما يروي خيال شاعر أو يعكس لغيري ضياء نور..
أما أنا فسأبقى ظمآناً، لأن روحي لم تدرك من الوصول شيء..
أما عقلي فقد حمل حجج الميثاق، وأصبح الشاهد على بعد الفطرة المظلومة.
وأنا أكتب هذه الكلمات، شعرت أنني أكتب لنفسي، وأحملها هموم الفراق، فأبث منها لها كل ألم، فما يزداد الجمر إلا اتقاداً..
أخي لماذا تكتب، ولا نفهم منك شيئاً؟
أجيبك،
لأنها أسرار مبثوثة للعاشقين الذين أسكرهم هجرهم، ولوعهم الفرق وآنسهم النداء وأيقظهم الضياء..
أكتب لهم لأعرفهم بأن واحداً يبحث عن قافلة تمر سراعاً تطوي مدن العشق السبع، تأخذ بيده وتكشف عن وجهه حجب الأزقة ورسوم الجمال..
أقص لك يا أخي كيف أدركتني رحمة الباري فكشفت لي عن حجاب أكبر كان يلتف على آفاقي ليقتلها.
هي قصة طويلة لا أعرف من أين بدأت لأن من عميت بصيرته لا يرى انطلاقه الشعاع.
كل ما رعفه أن نوراً أحاط بي في لحظة فأراني شروق شمس الذات تتصل بحقيقة فقرها بعين الاتصال.
فرأيت أنها لا شيء لوحدها، وهي كل الأشياء معه.
وحملت حينها مصباحاً قوياً كان ينثر أمامي في كل آن حزمة ضوء لتريني تقصيري وإسرافي..
فأنا المقصر المذنب
والفقير الجاهل..
وتلك خطوتي الأولى أيها الأصدقاء..