نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مع إمام زماننا: شرح دعاء العهد(18): وَنَرَاهُ قَرِيباً


الشيخ محسن قراءتي


سنكمل في هذا المقال شرح الجزء الأخير من دعاء العهد: "وَمُشَيِّداً لِمَا وَرَدَ مِنْ أعْلامِ دِينِكَ وَسُنَنِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وآله وسلم، وَاجْعَلْهُ اللَّهُمَّ مِمَّنْ حَصَّنْتَهُ مِنْ بَأْسِ الْمُعْتَدِينَ. اللَّهُمَّ وَسُرَّ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم بِرُؤْيَتِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى دَعْوَتِهِ، وَارْحَمِ اسْتِكَانَتَنَا بَعْدَهُ. اللَّهُمَّ اكْشِفْ هَذِهِ الْغُمَّةَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِحُضُورِهِ، وَعَجِّلْ لَنَا ظُهُورَهُ، إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. الْعَجَلَ الْعَجَلَ يَا مَوْلايَ يَا صَاحِبَ الزَّمَانِ".

•"وَمُشَيِّداً لِمَا وَرَدَ مِنْ أعْلامِ دِينِكَ"
يكون الدين في عصر الظهور قويّاً ومُحكماً؛ لأنّ الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف يبيّن دين الله بكلّ ما أوتي من قوّةٍ وجهدٍ وعلمٍ إلهيّ فائض، وتكون له الغَلَبة على سواه على الدوام، ويبلغ من الإحكام والنفوذ بحيث لا يشوبه أيّ خللٍ إلى يوم القيامة. ومن هنا، فإنّ الداعي حينما يدعو بذلك، فهو يدعو للظهور بنحوٍ آخر.

•"وَسُنَنِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وآله وسلم"
لقد كان أحد أهداف أهل البيت عليهم السلام إحياء سنّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم واستحكامها، والمثال البارز على ذلك ثورة الإمام الحسين عليه السلام. كما أنّ سعي العلماء وجهدهم كانا في هذا المضمار كذلك، والمثال البارز هو الإمام الخمينيّ قدس سره الذي أحيا وأحكم بثورته المباركة القرآن وسنّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. أمّا في عصر الظهور الذهبيّ، فالعالم سيتذوّق طعم السنّة الواقعيّة للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وسوف تكون سيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وطريقته هي الحاكمة على الوجود، ولن يكون بين المسلمين اختلاف على سنّته صلى الله عليه وآله وسلم.

•"مِمَّنْ حَصَّنْتَهُ مِنْ بَأْسِ الْمُعْتَدِينَ"
يتعرّض الحقّ على طول التاريخ للهجوم والعداء. وفي عصر الظهور سيستقرّ الحقّ بشكلٍ تامّ، وسيسبّب ذلك اجتماع أعداء الإسلام مع الأعداء الآخرين لحجّة الله لإجراء الحرب الأخيرة. وهنا، نعتقد أنّ حزب الشيطان سيزول، وأمّا حزب الله، فسيغلب وينتصر ويفلح، قال تعالى: ﴿حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ (المائدة: 56)، وقال سبحانه: ﴿حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (المجادلة: 22):

ولا يتحقّق النصر إلّا بشرطين:
1- لا بدّ لحزب الله لكي يحكم ويغلب من تحقيق عناصر التنظيم، والإدارة، والقوّة، والوحدة، والجرأة...

2- علينا أن نرفع أيدينا بالدعاء للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف كلَّ يوم لأجل حفظ سلامته ونصرته وعدم خذلانه. والأئمّة الأطهار عليهم السلام كانوا دائماً يدعون لحفظ إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وسلامته، فعن الإمام الرضا عليه السلام: "اللهم ادفع عن وليّك... وأعِذْه من شرّ جميع ما خلقت... واحفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه ومن تحته، بحفظك الذي لا يضيع من حفظته به"(1).

•"وَسُرَّ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم بِرُؤْيَتِهِ"
في أيّ زمان يُستجاب هذا الدعاء؟ قطعاً أحد مصاديقه يوم الظهور، عندما يعلم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّ جنود الله في سائر أرجاء الدنيا عَلَتْ أصواتهم بالتوحيد، فإنّه يُدخل عليه السرور.

•"وَارْحَمِ اسْتِكَانَتَنَا بَعْدَهُ"
بعد رحيل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، غُصب حقّ أهل البيت عليهم السلام، وبدأت محنتهم وشدّتهم. ففي دعاء قنوت الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام: "اللّهمّ، وقد عاد فيئنا دُولَةً بعد القسمة، وإمارتنا غَلَبة بعد المشورة، وعدنا ميراثاً بعد الاختيار للأُمّة، واشتُريَت الملاهي والمعازف بسهم اليتيم والأرملة. وحكَم في أبشار المؤمنين أهل الذمّة، ووَلِيَ القيامَ بأمورهم فاسقُ كلّ قبيلة، فلا ذائد يذودهم عن هلكة، ولا راع ينظر إليهم بعين الرحمة، ولا ذو شفقة يُشبع الكبد الحرّى من مسغبة، فهم أولو ضرع بدار مضيعة، وأسراء مسكنة، وخلفاء كآبة وذلّة"(2).

•"اللَّهُمَّ اكْشِفْ هَذِهِ الْغُمَّةَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِحُضُورِهِ"
الحضور هنا بمعنى الظهور، الذي حينما يحصل ستنجلي غمومنا وغصصنا كلّها إلى الأبد؛ لأنّ غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف هي سبب الغمّ والغصّة، وظهوره هو أساس فرحتنا وسعادتنا، وزوال المتاعب والشدائد جميعها في العالم.

•"وَعَجِّلْ لَنَا ظُهُورَهُ"
إحدى وظائف المنتظرين الدعاء لتعجيل الفرج، فعن الإمام العسكري عليه السلام أنّه قال لأحمد بن إسحاق في حديث عن الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف: "يا أحمد بن إسحاق، مثله في هذه الأمّة مثل الخضر عليه السلام، ومثله مثل ذي القرنين، والله ليغيبنَّ غيبةً لا ينجو فيها من الهَلَكة إلّا من ثبَّته الله عزَّ وجلّ على القول بإمامته، ووفّقه [فيها] للدعاء بتعجيل فرجه"(3). وقد تعرّض القرآن الكريم للسرعة والسبق إلى بعض الأعمال فقال: "سارعوا"، "سابقوا"، "فاستبقوا"؛ فحُسن السرعة والسبق إنّما هو في المواطن التي تكون فيها الأمور كلّها قد تمّت مراجعتها وتنظيمها، فلا ينبغي تضييع الوقت والفرصة. وأمّا التعجيل والعجلة في أمر لم يحن موعده بعد، أو أنّه يحتاج إلى مزيد من العمل أو المراجعة، فهنا لا بدّ من التأنّي.

•"إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً"
وردت هذه الجملة في القرآن الكريم بحقّ الكافرين الذين يستبعدون أصل المعاد، ويعتبرونه أمراً بعيداً عن الذهن والعقل، في حين أنّ القيامة عند الله تعالى أمر قطعيّ وواقع لا محالة، وقادم وقريب. كذلك ظهور الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف يعتبره بعضهم أمراً بعيداً، في حين أنّ كلّ فرد يوفّق لقراءة هذا الدعاء يقرّ ويعترف بظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف، لا بل بقرب هذا الظهور، وذلك لأنّ الروايات طلبت من المنتظِر أن يتوقّع ظهوره صباحاً ومساءً. نعم، الاعتقاد بقرب هذه المسألة لا ينبغي أن ينجرّ إلى أمور سقيمة وفاسدة، كالتعجيل والتوقيت.

•"بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ"
ذكرت هذه الجملة في كثير من الأدعية لكي تقول إنّ استجابة الدعاء إنّما هي من خلال رحمة الله تعالى الذي ينظر بلطفه وعطفه ويستجيب لدعاء الجميع؛ ولذا ففي الأدعية والطلب منه تعالى لا بدّ من التوجّه إلى رحمته ومحبّته؛ لأنّ من بين الأسماء النورانيّة الإلهيّة خصّ اسم الرحمن بالذكر.

•"الْعَجَلَ الْعَجَلَ يَا مَوْلايَ يَا صَاحِبَ الزَّمَانِ"
ورد مع نصّ الدعاء توضيح: "ثمّ يضرب بيده ثلاثاً على فخذه ويقول...". في هذه الجملة توجد أمور ثلاثة: أوّلها، الدعاء بتعجيل ظهور إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف منه وهو وليّه. ثانيها، هو مولى وقائد. ثالثها، هو صاحب العصر.

•"أنصار الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف: يدعون ويعملون"
في الختام، هل كلّ من يقرأ دعاء العهد يصبح من أنصار إمام العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف، وفي حال مات فإنّه يرجع حتماً بعد ذلك؟ لا بدّ من أن نعلم أنّ أحد شرائط استجابة الدعاء هو المواءمة بين الدعاء والعمل والسعي، ففي الكلمات القصار لأمير المؤمنين عليه السلام: "الداعي بلا عمل كالرامي بلا وِتْر"(4). وإذا عرفنا أنّ الوتر هو سبب حركة السهم وواسطة رميه باتّجاه الهدف، يتّضح لدينا دور العمل في التأثير في الدعاء. كما ويجب توفير شرائط استجابة الدعاء؛ إذ على الإنسان أن يعمل بوعوده؛ فهل حفظنا علاقتنا مع الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف؟ هل نحن الآن صادقون حينما تلونا عهدنا وعقدنا؟ هل سنفي لصاحب الزمان بعهدنا وعقدنا؟ هل عملنا بوظائفنا؟ هل لدينا توجّه كامل وتامّ لمضامين هذا الدعاء؟ هل لاحظنا الشروط الأخرى للرجعة؟


1.مصباح المتهجّد، الطوسيّ، ص49.
2.(م.ن)، ص157.
3.كمال الدين وتمام النعمة، الصدوق، ص384.
4.نهج البلاغة، الحكمة: 337.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع

انهم يرونه بعيدا

ابو يس البصري

2022-09-09 06:05:51

السلام عليكم انهم يرونه بعيدا ليس معناه يوم المعاد بل ان اكثر الكافرين يؤمنون بيوم المعاد ووضعوا معهم في القبور طعام وحلى وذهب بل انهم كفروا بيوم الدين ويوم القيامة وغيرها من أيام الإمام المهدي المذكوره في القرآن الكريم. راجعوا كتاب طور الاستخلاف لعالم سبيط النيلي