إعداد: إبراهيم منصور
• من فوائد اللغة
يرى علماء مدرسة الكوفة في النحو، أنّ الاسم الثلاثي الذي أوسطُه حرْف حلْقي (يخرج من الحَلْق)، يجوز الفتح فيه، نحوَ: شَعْر وشَعَر، بحْر وبحَر، نهْر ونهَر، زهْر وزهَر... بينما يرى علماء مدرسة البصرة أن الحرف الأوسط، في جميع تلك الأسماء، ساكِن. ولكنّ القرآن الكريم يُثبتُ، في هذه المسألة، نظرية أهل الكوفة إذ يقول:
﴿الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ﴾ (القمر: 54). ويقول الأخطل الصغير:
إنّ المواهب لا فضلٌ لصاحبها |
كالنورِ للشمسِ، أو كالنَّشْرِ للزَّهَرِ |
• من أجمل شعر الرثاء
من أجمل الرثاء قصيدة قالها الشيخ محمد علي اليعقوبيّ، في مجلس شهادة الإمام عليّ الرضا عليه السلام، ومنها:
يا حجَّة الله، قد ضاق الخناقُ بنا |
فأيُّ هَوْلٍ من الدنيا نقاسيهِ؟ |
أفي كلِّ يومٍ لكم يا بن الزكيِّ دمٌ |
يُطَلُّ (1) هدراً، وما من ثائرٍ فيهِ؟! |
أفدي غريباً عن الأوطان قد شحطتْ |
به النوى عن مغانيه وأهليهِ |
الضامنَ الخُلدَ في أعلى الجنانِ لمن |
يزورُ في طوسَ مثواهُ ويأتيهِ |
لم أنسَ إذ غاله المأمون حيث غدا |
يبدي له غيرَ ما في القلبِ يُخفيهِ |
ودسَّ بالعنبِ السُّمَّ النقيعَ له |
فباتَ مضطهداً ممَّا يعانيهِ (2) |
• من نوادر العرب
كان لإعرابيٍّ مُغَفَّل حمارٌ يستقي عليه. وذات يوم مرض الحمار، فنذر صاحبُه أنه إذا عُوفي صامَ عشرة أيام. فعُوفي الحمار، وصام الرجل. ولمَّا تمَّتْ عشرة أيام مات الحمار، فقال الأعرابيُّ: يا ربّ، أهكذا تفعل بي؟ على كل حال رمضان آتٍ، والله لآخذنَّ من نقاوته عشرة أيام لا أصومُها!
• من أجمل النثر
من أجمل ما قرأتُ نثراً ما كتبه السيد عبد الحسين شرف الدين، خلال زيارته للعراق، وقد لاحت له مشارفُ الديار المقدَّسة في الكاظميَّة: "ما لاح لي أُفقُ الكاظميَّة يتلألأ بأشعَّة منائره وقببه الذهبية، حتى تلألأت أحلام صباي وشبابي البعيدة رَيِّقَةً تسعى إليَّ على مهل، وتتهادى في بِشْرٍ وإيناس، فإذا أنا منها في مهرجان ضجَّت أجراسُه في نفسي أعياداً وأعراساً، وطبَّق عَرْفُهُ تلك الآفاق طيباً وعطراً..."(3).
• من أمثال العرب
"فلان ثَبْتُ الغَدَر":
الغَدَر بفتحتين هي الأرض الرخوة ذات الأحجار والحُفَر، لا يثبتُ في المصارعة فيها إلا القويّ. يُقال: "رَجُلٌ ثَبْتُ الغَدَر" إذا كان ثابتاً في القتال أو المناظرة والجِدال ونحوهما. والإضافة هنا بمعنى في، أي: "هو ثابتٌ في الأرض الزَّلِقةِ الوعْرة"(4).
• من جمال اللغة
الدَّبْجُ: النَّفْش والتزيين، أصلُه فارسي معرّب. وقد ارتاح العرب لهذه المفردة فأسلكوها في نظام لغتهم، وأنزلوها منازلها الاشتقاقية، واستعملوها في الحقيقة والمجاز، فقالوا: دَبَّج المطرُ الأرضَ دَبْجاً، أي روَّضها (جعلها روضة زاهية). كما اشتقوا منه الديباج، وهو ضرْبٌ من الثياب (5).
• ضرورة الخوف
توجّه ثلاثة رجال إلى صومعة رجل زاهد عابد مشهور بالتقى والصلاح، فشكَوْا إليه ثلاثة أشياء تُلاحقهم باستمرار: الخوف من النار في الآخرة، والخوف من الدودة التي ستأكل أجسادهم عند الموت، والخوف من ظلمة القبر، عند ذلك ابتسم لهم الزاهد قائلاً: "إنني أغبطكم، يا إخواني، على مخاوفكم الثلاثة؛ إذ ما دام مثلُ هذه الخواطر حيّاً في نفوسكم، فإنه يستحيل أن يسيطر عليكم الشيطان أو أن ترتكبوا خطيئة".
• مفردة ثرية بالمعاني
"غرْب" و"غَرَب": من المعاني الكثيرة لكلمة "غرْب": البُعد، ونقطة مغيب الشمس، وسهْمٌ غرْب أو غَرب: لا يُدرَى راميه. والغَرَب: نوعٌ من الشجر، والذهب، والفضّة، والقدَح، والخمر، والفَرَس الكثير الجري، والماء يقطُر من الدلو. والغَرْب: أوّل كلّ شيء (حَدُّه)، والنشاط والحِدَّة، يُقال: إني أخاف عليك غَرْبَ الشباب، أي حدَّته ونشاطه. والغرْب: التمادي واللجاجة في الشيء، والغرْب: أعظم من الدلو. وهو دمع العين، وماء الأسنان وأطرافها، وهو خُرَّاج يخرج في العين (6).
1.طُلَّ الدمُ: هُدِرَ أو لم يُثأر له. لويس معلوف، المنجد في اللغة، مادّة "طَلّ".
2.مجالس الأئمة المعصومين R، ص 44.
3.موسوعة الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين، م. س، مجلد 8، ص 666 667.
4.ابن منظور، لسان العرب، مادة "غدَر".
5.ابن منظور، لسان العرب، مادة دبج.
6.المنجد في اللغة، م. س، مادة "غرب"، وكتاب العين، مادة "غرَب".