ديما جمعة فواز
حين ترتبط سعادتنا وشقاوتنا بمن هم حولنا، وتتأرجح أمانينا بحسب ظروف العيش، تصير الحياة ثقيلة ويصعب علينا تحملّها، وتمسي أرواحنا ذابلة لا تنعشها سوى المهدّئات ولا يخفّف عنها سوى النوم لساعات وساعات، وتغيب عنّا للأسف أحياناً حقيقة محورية ولشدة بساطتها لا تستوقفنا، حقيقة أن حياتنا ليست معادلة رياضية توصلنا دائماً إلى نتيجة صح أو خطأ، لأننا لا ندرك، مهما راجعنا حساباتنا، عند أي رقم سهونا وأي قاعدة أغفلنا، فكل لحظة نعيشها ترسم الملامح الأولية للحظة التالية، ويمكن لغمضة عين، في بعض الأحيان، أن تغير المعادلات، أن تقلب الصفحة أو.. تغلق الكتاب!
ولكل منا خطة بعيدة المدى وتصورٌ لحياته لأعوام قادمة. وقد حضّنا الإسلام على التعلم والعمل والتخطيط وعدم اليأس.. ولكن من المؤكّد أننا جميعاً مررنا في لحظة معينة تغيرت فيها آفاق مستقبلنا نتيجة متغيرات، سياسية، اجتماعية أو أمنية.. بعضنا شعر بالهلع، فبعض الأحداث تحصل دون سابق إنذار، تزلزل حياتنا وتوقظ فينا ترقباً دائماً وتحسساً لدرب المستقبل الضبابي فلا نعلم إلى أين نتجه أو أين ستوصلنا السبل، إلى هاوية أو سهل، إلى سلم أو ثعبان؟! ولعل أكثر الناس سعادة من يسير بخطىً واثقة وعيناه تستبصران الغد الآتي ببريق أمل وقلبه مشرق بأنوار التوكل على الله..لا يبالي إن بات بشدة أو رخاء فهو مدرك يقيناً أن ثمة رباً رحيماً ينظم أموره وسيقوده إلى برّ الأمان.. وقليل منا يعيش على يقين أنه عبدٌ لجبار السماوات والأرض..
يستفيد من قناة الاتصال الدائمة به، ويلبي بشوق نداءه للقائه خمس مرات في اليوم، ينفرد به لساعات حين تنام الجفون، يناجيه ويدعوه.. لا يرجو قرباً من مخلوقات لا تملك لنفسها نفعاً أو ضراً، إنما قناة اتصاله مباشرة مع الخالق الذي يقول للشيء كن فيكون! وحده من يعيش هذه الحقيقة يكون أسعد البشر!