تنهّدت من ألم الجراح وعذابات الفراق، سئمت الحياة والحبيب بعيد وضجرت من عشقي للمستحيل فما أحلى الموت في أحضان التربة. غمرتني السّكينة الأبدية، وكفّنت بلباس العرس الأبيض. رُفعت على الأكفّ ثم أدخلوني إلى منزلي الجديد وغطّوني بتربة الثّرى.
نمت في فراشي الأبدي وحيدة تؤنسني ظلمة القبر وعتمة اللحد، وإذ بصوت رخيم رنان يخرق قلبي بسهم عذب ويخاطبني. نور يشقق جدران لحدي ودم نابض يجتاح عرقي. نفضت الغبار عن كتفي وقمت من غفوتي وإذ بالحبيب قادم نحوي. هوذا الحسين الذي نبض باسمه قلبي وخُطّ اسمه على لحدي "عاشق الحسين". ما لتربة كربلاء تناشدني وتغفو جراح الحسين على صدري؟! ما لدمه الزكي ينثر العطر على كفني؟! وما لي حائرة هكذا في أمري؟!
اهدأ يا قلبي وأنشد مرثية كربلاء على شفتي وأنثر رياحين على تربة الحسين واسقه من دمع العين بكأس الوصال فريحانة العمر وزهرة القلب يشقّ عليها أن ترى الحبيب عطشان قرب شطّ الفرات. نظرت إلى كربلاء من البعيد وإذ بزينب حائرة، ترى الأجساد على الرَّمضاء مقطَّعة مهشَّمة يقطر منها الندى المخملي وتسمع صدى الصوت يتردد في الأذن "ألا من ناصر ينصرنا".
غدير الحاج حسين