مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

اختصاصات: هكذا تختار اختصاصك


حوراء غازي*


غالباً ما يبدأ التلميذ باستكشاف ميوله المهنيّة من خلال طرح العديد من التساؤلات الذاتيّة على نفسه من مثل: ما هي أهم استعداداتي؟ ما هي الأهداف التي أريد تحقيقها تماشيًا مع قدراتي؟ ما هو مركز اهتماماتي؟ وسوى ذلك من التساؤلات التي من خلال إجابته عنها بطريقة عقلانيّة يتفادى الوقوع في اختيار خاطئ لا يتماشى وميوله الحقيقيّة.

* المرحلة الأساس
تمثّل مرحلة الدراسة الثانويّة، بما تشكّله من همزة وصلٍ بين مرحلتين، الأساس الذي تتبلور فيه شخصيّة التلميذ الفكريّة والاجتماعيّة والثقافيّة حيث تبدأ ميوله وقدراته بالظهور؛ وتبرز لديه التساؤلات حول كيفيّة اختيار الاختصاص العلمي المناسب. وتترتّب على عمليّة الاختيار هذه نتائج مستقبليّة مهمّة، فتبرز بالتالي أهميّة إعداد تلميذ المرحلة الثانويّة وتهيئته لرسم معالم مستقبله العلمي والمهني، بناءً على أسس علميّة متينة ليس أقلّها مراعاة قدراته وميوله ورغباته، وربط ذلك كلّه باحتياجات سوق العمل ومتطلّبات التنمية في البلد. من هنا يُعدّ التوجيه المهني من الخدمات الإرشاديّة الرئيسة ذات الارتباط الفعّال بمتطلّبات الفرد والمجتمع؛ بحيث يساعد التلميذ على اختيار المجال التعلُّمي والعملي الذي يتناسب مع طاقاته واستعداداته وقدراته، وموازنتها مع طموحاته ورغباته لتحقيق أهداف سليمة وواقعيّة. وهذا ما تسعى جمعيّة المركز الإسلامي للتوجيه والتّعليم العالي إلى تقديمه.

* لماذا تقوّيم الذات؟
إنّ معرفة الإنسان لنفسه، وفهمه لكفاءاته ولقدراته، يساعدان على التخطيط الجيّد لحياته وتقدّمه من جهة، ويحدّدان من جهة أخرى نواحي قوّته وضعفه. ومن أبرز تجلّيات معرفة الإنسان لنفسه أن يختار مساره التعلّمي، ومجاله المهني لاحقاً، بوعيٍ يعكس قِيَمه وقدراته وميوله ومميّزاته الشخصيّة. لكنّ تعدّد العوامل التي تؤثّر على عمليّة الاختيار لدى التلميذ في المرحلة الثانويّة قد يؤدي إلى تشتّته وضياع جهده ووقته، إذا ما اختار مساراً تعلُّميّاً يتعارض مع قدراته وميوله واستعداداته، فيشعر بالندم حين يرى نفسه في غير مكانه المناسب ممّا قد يسبّب له أضراراً على كافّة المستويات نتيجة سوء الاختيار الذي لا تظهر نتائجه عادةً إلّا بعد فوات الأوان، أي عندما يفقد التلميذ القدرة على التغيير، أو يصبح التغيير مكلفاً جدّاً. لأجل ذلك كلّه تبرز ضرورة حثّ التلميذ على القيام بعمليّة تقويم لذاته وتشجيعه على استكشافها كي لا يكون عرضةً لسوء الاختيار.

* كيف تقوّم نفسك؟
إنّ امتلاك التلميذ حريّة تحديد مساره التعلّمي الذي يبرع فيه ويشعر بميلٍ قوي اتّجاهه، يكون بمثابة الخطوة الأولى نحو التفوّق وليس النجاح فقط. وهذا لا يعني ترك التلميذ من دون توجيه وإرشاد، بل المقصود هنا أن تكون هذه العمليّة علميّة بامتياز، قائمة على قواعد ومعايير محدّدة، تأخذ بالاعتبار قدرات التلميذ وميوله ورغباته بحيث يصبح قادراً على تحقيق طموحاته الدراسيّة والمهنيّة والحياتيّة، ليشعر بالرضا والاكتفاء الذاتي. إذا ما أردنا أن نغوص أكثر في المؤشّرات المعينة على تقويم الذات، لوَجَبَ الحديث بشكلٍ محدّدٍ عن مجالات من مثل: قدرات التلميذ العقليّة، وميوله المهنيّة، ونتائجه الدراسيّة، فضلاً عن قدرته على اتّخاذ القرار المهني المناسب.

* تعرّف إلى قدراتك العقليّة
تتطلّب المواد الدراسيّة المتنوّعة التي يؤمّنها المنهج التعليمي مستويات مختلفة من الذكاء، فإذا ما تمّ التعرّف إلى نواحي القوّة والقصور في قدرات التلميذ العقليّة، لاستطاع أن يحدّد فرص نجاحه في مساراتٍ تعلّميّة وفروعٍ دراسيّة أكثر من سواها. وتقترح نظريّة الذكاءات المتعدّدة(1) أنّ الناس بأجمعهم يمتلكون ذكاءات متعدّدة ولكن بدرجات متفاوتة، وتوضح أنّ القدرات التي يمتلكها أيّ فرد تقع ضمن ثمانية أنماط أساس تغطّي نطاقًا واسعًا من النشاط الإنساني لدى الفئات العمريّة المختلفة وهي: الذكاء اللغوي، الذكاء المنطقي الرياضي، الذكاء البصري المكاني، الذكاء الجسمي الحركي، الذكاء الموسيقي، الذكاء الاجتماعي، الذكاء الذاتي، والذكاء الطبيعي. لا شكّ أنّ استكشاف القدرات الكامنة لدى التلميذ يساعد على تحديد أهمّ الاستعدادات التي يمكن تنميتها بمزيدٍ من الاهتمام والتدريب، وبذلك تتعزّز إمكانيّة التنبّؤ بنجاحه المستقبلي في مجالات معيّنة في حال استغلال تلك القدرات وتنميتها بواسطة برامج تدريبيّة متخصّصة، ومن ثمّ فإنّ استكشاف جوانب التفوّق لدى التلميذ والتعرّف إلى قدراته العقليّة يُعدّ مهمّة أساساً في عمليّة تقويم الذات التي تؤسّس لاختيارٍ سليم على المستوى الدراسي والمهني.

* تتبَّع مستوى تحصيلك الدراسي
يمثّل التحصيل الدراسي أحد المعايير الأساس في تقويم الذات لدى التلميذ. ويُعدّ التحصيل المرتفع في بعض المواد عاملاً أساساً للنجاح في المسار الذي يريد اختياره للتخصّص، نظراً للارتباط الدقيق بين بعض التخصّصات الجامعيّة وبعض المواد الدراسيّة ذات الطابع العلمي أو الأدبي. إنّ متابعة تطوّر التحصيل الدراسي للتلميذ وتحليل نتائجه الدراسيّة يساعد على بناء تصوّر واضح للتخصّص الجامعي لاحقاً، كما تفيد تلك العمليّة في اقتراح الأساليب الاستدراكيّة الملائمة إذا ما لوحظ لدى التلميذ نقص أو قصور جزئيّاً كان أم شاملاً في بعض المواد الدراسيّة المختلفة ذات الصلة المباشرة بميول التلميذ وتوجّهاته المستقبليّة

* اكتشف ميولك واهتماماتك المهنيّة
إنّ تفوّق التلميذ في قدرةٍ عقليّة معيّنة لا يعني بالضرورة النجاح في الميدان الذي يعتمد على تلك القدرة، ما لم يصاحب ذلك ميل التلميذ الواضح إلى ذاك الميدان. وبذلك يعدّ استكشاف الميول المهنيّة شرطاً مهمّاً وضروريّاً في عمليّة التقويم الذاتي. وقد اعتبر جون هولّاند واضع مقياس الشخصيّات المهنيّة والبيئات المناسبة لها أنّ الاختيار المهني هو تعبير عن الشخصيّة، وأنّ الاهتمامات المهنيّة هي انعكاس لشخصيّة الفرد ومعرفته وقدراته وفهمه لذاته. إنّ نظريّة هولّاند تقوم على مبدأ تفاعل الفرد والبيئة وتُصنّف الناس إلى ستّة أنماط شخصيّة: النمط الواقعي، النمط الاستقصائي، النمط الفني، النمط الاجتماعي، النمط المغامر، النمط التقليدي. وكلّ فردٍ منّا يتمّيز بنمط أو أكثر، أو بخليط من هذه الأنماط المختلفة(2). وتنقسم البيئات المهنيّة (أو البيئات التعليميّة) وفق الأنماط الستة المذكورة، وكل بيئة يغلب عليها نمط محدّد من الأشخاص الذين يبحثون عن بيئات تسمح لهم بالعمل بحسب قدراتهم ومهاراتهم، والتعبير عن قيمهم ومواقفهم، كما تسمح لهم بالقيام بأدوار تروقهم وتجنّبهم الأنشطة التي لا يرغبون بها. نختم بالقول: إنّ التقويم الذاتي الدقيق ينبع من قدرة الفرد على تعرّف المؤشّرات كافّة التي سبقت الإشارة إليها، ويتجلّى في قدرته على التوفيق بين جميع الاعتبارات المطروحة وأن يختار بنفسه ما يلائم طموحاته وتوجّهاته وحاجات مجتمعه، لا أن يختار من أجل الآخرين. نؤمّن من خلال هذه الصفحات التوجيهية قراءنا الأعزاء فرصةَ التعرف إلى خدمات المركز الإسلامي للتوجيه العالي كما يمكنكم التواصل مباشرة على الموقع الخاص بالمركز

www.orientation94.or
أو الاتصال على الرقم 01457774


(*)مديريّة التّوجيه في المركز الإسلامي للتّوجيه والتّعليم العالي
1) تعتمد جمعيّة المركز الإسلامي للتّوجيه والتّعليم العالي مقياس الذكاءات المتعدّدة كأداة تساعد الطلاّب على اكتشاف قدراتهم وميولهم تمهيداً لاختيار التخصّص العلمي ولاحقاً مهنة المستقبل.
2) تعتمد جمعيّة المركز الإسلامي للتّوجيه والتّعليم العالي اختبار الشخصيّة المهنيّة كأداة أخرى تساعد الطلاّب على اكتشاف ميولهم واهتماماتهم المهنيّة للتعرّف إلى التخصّص العلمي الأنسب والمهنة الأفضل.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع