عندما يحلّ شهر رمضان تتغيّر كلّ تصرّفاتنا من المأكل
والمشرب، وانتهاء بالمسلك الاجتماعيّ؛ ما يعني أنّ هذا الشهر الفضيل هو شهر التجديد
في كل شيء. فالذين كانوا عن صلواتهم ساهين يرجعون إلى الصلاة تائبين مستغفرين، ومَن
كانوا يمضون ليلهم بالسهر واللّهو تعود بهم مشاعرهم إلى التأمّل في عظمة الله
وقدرته.
ففي هذا الشهر الميمون تُغسل النفوس من الحقد، وتتباين نظرات العيون إلى الأشياء،
فكأن ما كانت تراه بالأمس غير مُرضٍ أصبح مُرضياً، وما كان سبباً للغضب أصبح سبباً
للتراحم والتسامح.
شهر رمضان، شهر الحدّ من الرغبات الصاخبة، وشهر التجاوب مع الذات الأصيلة الإيمان،
البعيدة عن الشهوات.
في شهر رمضان، حيث يتغيّر كل شيء، يرى الصالحون في القرآن الكريم خير أنيس في
الليل، ويرون في ظلمات الليل قلوبهم منيرة، توهّجت بالدعاء، وصلواتهم متواصلة.
والنفس ترتاض وتخضع إلى إرادتنا، تلك هي راحة الروح.
أمّا بهجتك يا شهر رمضان، فليست وقفاً على مأكل بعد حرمان، وليست ثواباً على شهر
التوبة الذي أنزل فيه القرآن فحسب، إنّما لك فوق كلّ فضائلك فضيلة خاصّة؛ تجديد في
الحِس وتجديد في الطاقات وتجديد في تطهير النفس من أرجاس التهافت على المغريات.
فهنيئاً للذين عرفوك صيامهم، فهم الخارجون منك ويستقبلهم عيد الله.
سالم محمد النجفي