ديما جمعة فوّاز
كثيرة هي المواقف التي تصادفنا وتجعلنا نحكُم على من حولنا ونطلق آراءنا ونبرّرها
بالاستناد إلى أدلّة رأيناها.
فإذا صادفنا شابّاً سرّح شعره بطريقة غريبة قد نحكم عليه بقلّة التديّن، وإذا عرفنا
أنّ جارتنا تزوجت بعد وفاة زوجها بفترة قصيرة نحكم عليها بقلّة الوفاء للمرحوم. إذا
رأينا ابن رئيس البلدية يقود سيّارة فارهة نعتبر أنّ والده سرق من المال العام،
وإذا مررنا قرب أمّ تنهَر طفلها في الشارع نعتبرها والدة قاسية عنيفة وغير مؤهّلة
لتربية أولادها..
هناك عشرات الأمثلة التي تتكرّر ولا تمر أمامنا مرور الكرام، إنّما نحفظها ونحلّلها
ونعتبر أننا كشفنا بعبقريّتنا المستور، وأنّنا محقّون في إطلاق الأحكام أو التحدّث.
ولكن.. لننظر في مرآتنا قليلاً بدلاً من التركيز على أخطاء الآخرين وتصرفاتهم..
كم مرّة تواجدنا في موقع شبهة لم نملك خيار توضيح ملابساته؟ كم مرّة تصرّفنا بقسوة،
وقمنا بأمور لسنا مقتنعين بها؟ كم مرّة تفوّهنا بسبب انفعالنا بكلمات لم نكن نعنيها؟
وكم ذنب اقترفناه في وضح النهار ثمّ ذات منتصف ليل سجدنا للرحمان طالبين العفو
والستر؟!
وكم مرّة تألّمنا إذ حكم علينا الآخرون دون أن يفهموا دوافعنا وحقيقة مشاعرنا
ونكرّر بوجع القول المشهور: "احمل أخاك المؤمن على سبعين محمَلاً من الخير حسن"؟!
إذاً، لماذا لا نُحسن الظنّ بمن حولنا؟ ولماذا لا نتفكّر قليلاً في هذا القول
المشهور، ونعتبر أنّه موجّه لنا وليس لمن حولنا؟!