مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

شهيد الوعد الصادق مصطفى علي زلزلي

نسرين إدريس قازان




شهيد الوعد الصادق: مصطفى علي زلزلي (السيّد صادق)
اسم الأم:
فاطمة عبد الجليل
محل وتاريخ الولادة:
دير قانون النهر - 15/12/1977
الوضع العائلي:
متأهل وله ولدان
رقم القيد:
20
مكان وتاريخ الاستشهاد:
وادي السلوقي - 22/7/2006


باكراً جدَّاً قرَّر أن يصطفي نفسه من الدنيا، فعمل على ذلك صادقاً، وهاجر في طريق ذات الشوكة، لم يستوحش قلّة السالكين، فإنَّ الله ربَّه معه؛ وهو سيهديه.. صغير العائلة، ومدلَّل والده، الذي أحاطه بمحبَّة مكلّلة بخوفٍ كبير. هذا الخوف أربك الفتى الذي وجد نفسه بعد سنوات مُقيّداً في خياراته متجنّباً التفرّغ الكامل في المقاومة الإسلاميَّة احتراماً لوالده الذي كان يشعر دوماً بأنَّ كلَّ ميزات طفله الصغير وسكناته تدلّ على أنَّه سيكون شهيداً. لقد اتَّخذ مصطفى؛ الفتى الهادئ والخجول منذ عمر التاسعة، المسجد مركزاً له، فقضى معظم أوقاته فيه، ولم يكن يقصده للصلاة فحسب، بل أيضاً كان يرافق أصدقاءه لحضور الدروس الثقافيَّة والتعبويَّة، فأدرك باكراً جداً أنَّ الوصول إلى هدفه المنشود إنَّما يبدأ من المسجد، فحدَّد لنفسه زاوية فيه ليصلِّي ويقرأ الدعاء وحديث الكساء الذي واظب عليه وأوصى كلَّ من حوله بضرورة ذلك لأهميَّته التي لا يدركها قلب بشر، وليجلس متأمِّلاً متفكِّراً واهباً نفسه السكينة والصفاء في تلك البقعة الصغيرة البعيدة عن الدنيا مؤكداً على ضرورة إقامة الصلاة في أوّل وقتها وإلحاقها بالمستحبَّات.

* كشاف ودورات جهادية
حمل الشهيد مواصفات شخصيَّة فريدة، امتلك منها القدرة على محاورة وإقناع الآخرين بسلاسة. وفي عمر الخامسة عشر التحق بصفوف كشافة الإمام المهدي عجل الله فرجه ليتدرَّج في صفوفها ويصبح عميداً لفوج أمير المؤمنين عليه السلام، وإزاء ذلك كان يلتحقُ سراً بالدورات الجهاديَّة. وقد جُرح في إحدى الدورات وهو في الرابعة عشر، ولكنه لم يخبر أحداً عن سبب جروحه. لم يُكمل مصطفى دراسته الثانوية، وكان يساعد والده في بعض الأحيان في عمله، وهو يتحيّن فرصة نيل رضاه في التفرّغ الكامل في صفوف المقاومة، خصوصاً وأنَّه التحق بجميع الدورات التأهيليَّة والاختصاصيَّة وبرزت براعته وقدرته على الاستيعاب السريع وسرعة بديهته.

* عمليَّات جهاديَّة
بعد رحيل والده الذي صَدَع فؤاده، تحوَّلت حياة مصطفى إلى غيابٍ شبه دائم، فمن العمل في الجنوب إلى دورةٍ تأهيليَّة إلى مركز الكشافة حيث قام بدورٍ مهم في تنشئة جيل مؤمن ملتزم مجاهد، إلى المسجد وزاويته. وكان له دور بارز في العديد من العمليَّات العسكريَّة والمهمات الجهاديَّة، أبرزها عمليَّة البيَّاضة في العام 1999 والتي أُصيب فيها في قدمه، ونقل عنه رفاقه أنَّه أثناء قيامهم بالعملية كان مصطفى يكرِّر جملة واحدة: "يا حجة الله". أمّا في عملية الغجر في العام 2005، فقد تأثَّر كثيراً باستشهاد عدد من رفاقه ومنهم الشهيد يوسف بركات الذي كان مصطفى قد نام بالقرب منه قبل ليلة من العملية.

* ارتباطه بأهل البيت عليهم السلام
لفت مصطفى نظر من عرفه بمحافظته الدقيقة على بعض التفاصيل التي تركت الكثير من التساؤلات حول سببِ ذلك، غير أنَّ للسالكين أحوالاً لا يعرفها إلا الله عزَّ وجل، فهو عندما تقدّم لخطبة زوجته، أصرَّ على الجلوس معها أربعين جلسة - لما يعني له هذا الرقم - قبل عقد القران، وكان يفتتح كلَّ جلسة معها بحديث الكساء. فعلاقته بأهل البيت عليهم السلام تميّزت كثيراً إذ اهتمَّ في إبرازها وتعليمها لمن حوله، فإذا ما مرّ يوم ولادةٍ لأحد الأئمَّة ارتدى الحلّة الجديدة وقدّم الحلوى، وفي يوم الوفاة أبدى الحزن والانكسار. وكان ينشدُ جملةً واحدة ويكرّرها على الدوام: "يا عليّ... لا عذّب الله فؤاداً أنتَ فيه".  بعد الزّواج تقدّم مصطفى لامتحانات الشهادة الثانويَّة والتحق بالجامعة – كليّة العلوم الاجتماعيّة، فاجتهد في دراسته وقد وضع نصب عينيه أن ينال شهادة الدكتوراه، ورفض أثناء تقديم بحوثه لأساتذته فصل الدِّين عن العلم. حمل مصطفى همّ الأخوة المجاهدين من حوله، وكان يدّخر شهرياً مئة دولار من راتبه الشهري ليعطيها لأي أخٍ يهيّئ نفسه للزواج من رفاقه. وبعد أن رزقه الله عزّ وجلّ طفله الأوّل عامله وكأنّه رفيقه في الحياة وليس ولده، فكان يصطحبه معه إلى الأماكن المناسبة لوجود الأطفال، وإلى المسجد ويخرج معه في نزهات على انفراد، وحينما ولدت ابنته اهتمّ كثيراً وصرّح بأنّ مسؤولية الفتاة تفوق كثيراً بحساسيّتها عن مسؤوليّة الصبي. شارك مصطفى في بعض حملاتِ الحجِ كمعرّف للحجاج، وكان في البيت الحرام يتنقل بين الزوايا سائلاً الله تعالى أن يرزقه الشهادة، ويلوذ بشقِّ الكعبة، فكان إذا ضيّعه أحد وجده هناك.

* بوابة العبور:
كان مصطفى يستأنس بتأمّل البحر والنجوم ويتفكَّر بأحوال الدنيا، ولكم تحسّر وهو يعدّ سنوات عمره ويتذكَّر الذين سبقوه من رفاقه إلى عليين. ولكن كيف لشابٍ، كان إذا ما سجد في صلاته غاب لربع ساعةٍ عن كلِّ ما حوله، أن لا يعشقه الله فيأخذه إليه؟ فكانت حرب تموز 2006 بوابة عبوره إلى ربِّه، فما إن دقّ نفير الجهاد، حتى كان مصطفى في وادي السلوقي مع مجموعة من المجاهدين يدكّون المستعمرات الإسرائيليَّة بالصواريخ، وفي يومه الأخير ذهب إلى الحقل ليرمي الصواريخ على العدو، وعينه على صديقه الذي أوصاه بأن يجلس في مكان آخر. ما إن اتَّخذ وضعيّة رمي الصواريخ، حتَّى أغار الطيران الحربي على المنطقة، فأصيب رفيقه الذي سمع صوت مصطفى عالياً وهو يصرخ: "يا مهدي أدركنا.. يا حسين.. يا علي". استشهد مصطفى الصادق الأمين جالساً متهيّئاً لإطلاق الصواريخ، تاركاً الكثير من الذكريات الملهمة لفتية كشافة الإمام المهدي عجل الله فرجه، ولرفاقه من المجاهدين. ومن وصيَّته لكشافة الإمام المهدي عجل الله فرجه: إخواني في جمعية كشافة الإمام المهدي عجل الله فرجه "الله الله في نظم أمركم"(1)، هكذا أمرنا أمير المؤمنين "علي بن أبي طالب عليه السلام". تابعوا الطريق الذي سلكتموه في تحقيق ورفع راية الإسلام عالياً، وانذروا أنفسكم لصاحب العصر والزمان عجل الله فرجه، واعملوا جاهدين لأن تحافظوا على الكشافة وعلى هذا النهج ولو كلّفكم ذلك وقتكم وأموالكم، ولتكن عينكم في عين صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه لأنَّه هو بالتأكيد معكم أينما كنتم.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع