وهو أفضل القربات وأشرف السعادات، ولذلك ورد ما ورد من الحث عليه، والترغيب إليه
قال اللَّه سبحانه:
﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ
ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾.
وقال:
﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي
الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا
مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا ً﴾
وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: "بر الوالدين من الصلاة والصوم والحج
والعمرة والجهاد في سبيل اللَّه". وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "من أصبح مرضياً
لأبويه، أصبح له بابان مفتوحان على الجنة". وعن أبي عبد اللَّه عليه
السلام
قال: إن رجلاً أتى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول اللَّه أوصني.
فقال: لا تشرك بي شيئاً وإن حرقت بالنار وعذبت إلا وقلبك مطمئن بالإيمان، ووالديك
فأطعهما وبرّهما حيين كانا أو ميتين وإن أمراك أن تخرج من أهلك فافعل فإن ذلك من
الإيمان".
والأخبار في ثواب بر الوالدين غير محصورة. فينبغي لكل مؤمن أن يكون شديد الاهتمام في تكريمهما وتعظيمهما واحترامهما، ولا يقصر في خدمتهما، ويحسن صحبتهما، وألاّ بتركهما حتى يسألاه شيئاً مما يحتاجان إليه بل يبادر إلى الاعطاء قبل أن يفتقرا إلى السؤال، كما ورد في الأخبار، وإن أضجراه فلا يقال لهما أف، وإن ضرباه لا يعبس وجهه، وقال: غفر اللَّه لكما، ولا يملأ عينيه من النظر إليهما إلا برحمة ورقّة، ولا يرفع صوته فوق صوتهما، ولا يده فوق أيديهما، ولا يتقدم قدامهما، بل مهما أمكن له لا يجلس عندهما، وكلما بلغ في التذلل والتخضع كان أجره أزيد وثوابه أعظم.
وبالجملة فإن إطاعتهما
واجبة وطلب رضاهما حتم، فليس للولد أن يرتكب شيئاً من المباحات والمستحبات بدون
إذنهما، ولذا أفتى العلماء بأنه لا يجوز السفرفي طلب العلم إلا بإذنهما، إلا إذا
كان في طلب علم الفرائض من الصلاة والصوم وأصول لعقائد، ولم يكن في بلده من يعلمه،
ولو كان فير بلده من يعلمه لو تجز المسافرة. وقد روي: "أن رجلاً هاجر من اليمن إلى
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وأراد الجهاد، فقال له ارجع إلى أبويك
فاستأذنهما، فإن أذنا فجاهد، وإلا فبرهما ما استطعت، فإن ذلك خير مما كلف به بعد
التوحيد" وجاء آخر إليه للجهاد، فقال: "ألك والدة؟" قال: نعم! قال:
"فالزمها، فإن
الجنة تحت قدمها" وجاء آخر، وطلب البيعة على الهجرة إلى الجهاد، وقال: ما جئتك حتى
أبكيت والدي. قال: ارجع إليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما". ولو وقعت بين الوالدين
مخالفة، بحيث توقف رضى أحدهما على سخط الآخر فينبغي أن يجتهد في الإصلاح بينهما بأي
طريق أمكن، ول بالعرض على فقيه البلد حتى يعظهما ويبقيهما على الوفاق، لئلا ينكسر
خاطر أحدهما منه.
وحق كبير الأخوة على
صغيرهم عظيم، فينبغي المحافظة عليه. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم "حق
كبير الأخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده".
سئل الإمام الصادق عليه السلام:
أي الأعمال أفضل؟ فقال: الصلاة لوقتها، وبر الوالدين والجهاد في سبيل اللَّه عز وجل.