محطّتي الأولى كانت المطار كي ألحق برَكب المسافرين إلى مشهد المقدّسة.
كنتُ أوّل الواصلين والحاضر الأوّل بعدي هي وزوجها وكوكبهم المنير.
اقتربتُ منهم سلّمت عليهم فكانت هي أنيستي في السفر بعد أن ودّعاها.
تحادثنا وتعارفنا وبدأت هدية الإمام الرضا تظهر لي من خلال الحاجة فاطمة التي تجمع
كلّ معاني الإيمان الخالص والعشق المحمّدي الأصيل.
أمّ لولدين... ولدها الأوّل أنجبته بعد سبع سنين، بعد أن طلبت من الإمام عليه
السلام وبغربته أن يرزقها الله الذريّة الصالحة، وفعلاً استُجيب لها،
وكان كرمه أكبر عندما أنجبت ولداً آخر.
كانت تحدّثني عنهما وأجمل ما قالته: إنّهما من جنود الإمام المنتظر عجل الله
تعالى فرجه الشريف.
مرّت الأيام وعلمتُ أنّ ذاك الكوكب الذي تشرّفتُ برؤيته مرّة واحدة في مطار بيروت
وارتفع شهيداً كان عبّاس... حامي الحوراء، هديّة الإمام الرضا عليه السلام بعد طول
انتظار.
لم يُتمّ عبّاس التاسعة عشرة من عمره وارتفع إلى الملكوت برتبة عاشق لزينب.
عندما ذهبتُ لأعزّيها... قابلتها بدموعي فقابلتني بقولها: "الحمد لله إنّني أواسي
الزهراء"
حضنْتها لأخفّف عنها فمسحت دموعي وهي تقول: إنّها أمنيته، حقّقها الله له... لقد
أوصى أن يبقى قبره على التراب حتى يؤخذ بثأر أئمّة البقيع.
وقبل شهادته أوصاني بالتأسّي بالزهراء ومواساة الحوراء.
دخلتُ إليها منكسرة... وخرجتُ من عندها منتصرة فخورة بها؛ إذْ زادتني صبراً وقد
صغرت الدنيا في نظري! نحزن لأتفه الأمور وهي التي فَقدت فلذَة كبدها صابرة محتسبة
تشكر الله على نِعمه...
أمّ عباس إنّها ملاك بثوب بشر...
ميساء زغيب