إعداد: الجريح حسين عباس ناصر الدين
بطاقة الهوية
الاسم: تنال موسى رباح.
اسم الأم: فاطمة نون.
محل وتاريخ الولادة: الجوبانية البقاع 1-10-1965.
الوضع العائلي: متزوج.
تاريخ الإصابة: 22-12-1986.
في قرية صامدة من قرى البقاع الشمالي المنسي سجلت في صفحات التاريخ عنفوان أبنائها البواسل... ابتدأت الحكاية، فكانت القصة ينبوع حنان لجرح زُف فوق تلال الجنوب والبقاع الغربي... جرح لم يشأ أن يركع أمام عنفوان العواصف والثلوج القارسة، بل تحوّل إلى مدرسة، صمدت بوجه الزوابع حيث الإمام الحسين عليه السلام عانق الشهادة والظمأ دخل موضعه من روحه الطاهرة النقية...
لشموخ شجر السنديان ألف قصة وقصة... ذاك الذي شهد عمق التاريخ ببطولاته بوجه الظلم والطغيان والسفح الدموي، وللجرح ذاكرته... وقصته... أوليس هو مداداً لحبر الشهادة.. وظلاً ظليلاً لكربلاء الكرامة والعزة الحسينية، وهو جاء بين يدي تنال موسى رباح زاخراً بالعزيمة والإيمان والتضحية، رغم قساوة الطبيعة... وحلكة الظروف. ولد الجريح تنال موسى رباح وسط أسرة مؤمنة تقيه... تربت على عظمة الجهاد. شرب من كأس الإيمان مرتوياً في ظل حنان المجد والتضحية، حنان أمه التي لم ترضَ أن يكون ولدها عادياً كسائر الأبناء، وكانت له الأم والأب... حيث ربَّته وعوضته عن فقد أبيه ومدّته بالحنان والقوة... بل بالعزيمة الزهراوية والصبر الزينبي.
أتى الخبر ولم يكن بالبال... إنه النبأ من مملكة المقاومة الصامدة... إسرائيل تشن هجوماً على ميدون: يا تنال، يا بضعة الإيمان... تعال لأُشِّم صدرك كما فعلت زينب عليها السلام مع أخيها الإمام الحسين عليه السلام، أترك الدنيا لمن يلهث لها والتحق بركب المجاهدين الشرفاء، التحق بأبطال المقاومة الإسلامية الذين أخذوا من مدرسة الأنبياء والأئمة عليهم السلام معنى الطاعة والالتزام بطريق الحق وكيفية العبادة الحقة التي لا يدخل بها شوائب من صدق الإيمان والجهاد والإخلاص والولاية المطلقة للأئمة عليهم السلام فتعلموا من مدرسة كربلاء الإمام الحسين عليه السلام ومن أمير المؤمنين عليه السلام ومن العباس عليه السلام الصبر وكذلك تعلموا من علي الأكبر عليه السلام الاستشهاد والفداء والتضحية في سبيل اللَّه.
وأتى الوداع الذي التفَّ وحرارته الصامدة حول قلبها فهو اليتيم الذي فقد والده، اغرورقت الوجنات بالدموع ولكن الفخر طمأن قلبها بنداء الواجب والتكليف الشرعي، بكت... لأنها تذكرت السيدة زينب عليها السلام عندما ودَّعت الإمام الحسين عليه السلام ترى من واساها وكيف كان حالها ولا أحد بجوارها: اذهب يا بني إني خجولة من الزهراء والحوراء زينب عليها السلام لأنك لم تستشهد بعد... أما هو فهناك في أرض المقاومة دمعت عيناه، فرق قلب الإخوة له... سألوه... لم تبكِ يا أخاه...؟! أبكي لحزني على الحسين عليه السلام، لسروري بلقاء الشهادة ولو بعد حين...
في كانون الثاني عام 1986 رعدت السماء على غير عادتها ولمعت وكأن بالنجوم اقتربت من الأرض وماجت الجبال الشامخة المتناثرة من الصواعق والأصوات القوية وشع نور الفجر. وكأن يوم القيامة حان... إنها ميدون وبدأت المعركة. كان القدر أسرع من الحلم... إنها مشيئة اللَّه تعالى... دُحر العدو الغاشم، ودمرت له آليات عسكرية، وأصيبت له مروحية. استشهد اثنان من الأبطال المجاهدين. وأصيب تنال في ظهره وبطنه وحلمه بالشهادة لم يتحقق... وأتى الليل... النجوم تحركت في الفضاء دون أن تدري أين مسيرها والقمر... ذاك البدر حجبته الغيوم الداكنة استلقت الأم على الوسادة بعدما توضأت بماء الوعد الإلهي إنها الرؤية، حلم جعلها تعيش واقعة كربلاء... أتى إليها نوراً... كأنه كوكب يبشرها بالفرح واستيقظت في الصباح منتظرة قدوم أحد إليها ليبشرها بشهادة ولدها... وأتى الخبر... تنال في المستشفى ابتسمت قائلة: الحمد للَّه على هذه النعمة التي منّ اللَّه بها عليّ، أوليس الجريح شهيد حي، الحمد للَّه لقد فزت بتربيته مواسية به أم البنين والأئمة عليهم السلام.