مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

بأقلامكم‏: نورُ من نور...



مشهد من رحلةٍ إلى الأراضي المحرّرة برفقة حبيباتنا بناتِ الشهداء... صعدت الباص وعجزي يسبقني، والوجل يحرسني، فأنا في محضر الشهداء وفيه ما عساي أقول؟! لم يكن هذا الموقف الأوّل لي، لكنّ نور الشهيد الساطع يُفحم عينيّ عن الجرأة ويخجلها... بدأت أؤدّي تكليفي بعد أن طلبت من الشهداء رعايتي فحلّوا عقدةً ونطقوا على لساني...

ومن بين العيون نادتني نديّتان، سمع صمتهما قلبي، فرحت أوزّع نظراتي تأدّباً وتعود إليها شغفاً... تلك كانت عيني "نور" ابنة الشهيد... أثناء الرحلة أخبرتني مرشدتها أنّها (نور) حافظة لأجزاء من القرآن الكريم ولا تزال... ومع كلّ نظرة إليها كان قلبي ينبض حبّاً وتقديراً لتمايزها بين مثيلاتها... جلنا بقاع الجنوب التي اكتسبت قداستها من قداسة أقدام المجاهدين، حمّلنا هدايانا مندوباتٍ للنسيم ووريقات السنديان الراحلة...

ناجينا كلّ صخرة، وَشْوَشْنا كلّ زهرة، غَمَرَنا عبق الرفيع وحنّينا للحنين... عند آخر محطّة حملتُ سُبَّحة التربة الكربلائيّة، حملتها، ودّعت حبَّاتها، وأخرجتها من قلبي هذه المرّة وقد أوقدته نارُ الشوق من جديد... أودعتها راحة كفِّ "نور" فضمّتها بحنان طمأنني... حبيبتي في أمان...

تغيّرت وجهة السير لنعود إلى بيروت، واقتربت لحظات الوداع... للبعد حنان لا جفاء، فلا زلت في محضر الشهداء محاطة ببناتهم... ووجود نور في كياني... حتّى انتبهت لصوت السائق: من ينزل هنا؟" وكأنّه صافرة الرحيل... نزلت من الباص، كدتُّ أغفل عن حناجر الفتيات وكلمات المرشدات تودّعني، فقلبي مشدود إلى شبّاك "نور" وخطواتي تعاني طول الطريق، يرافقني شوق ورهبة... أبحث عن "نور". وصلت إليها ووصلت معي، تسابقت أيدينا للتصافح وسبقتها قلوبنا للعناق، والأسرع كانت شفتيّ تختم على يدها قبلة الشهيد "عباس الوزواز" على أقدام وأيدي أخوته المجاهدين... لتبقى "نور" رفيقة لَيْلِي، وأيّامي المقبلة...

 

فاطمة حمادي‏

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع