مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

اللاَّمبالاة Unconcern عبثية الحياة المعاصرة، سلاح الصهيونية القاتل‏

موسى حسين صفوان‏


فجأة، استيقظ العالم من سباتٍ يبدو أنه كان عميقاً، ليجد مقدرات الإنسانية وثرواتها وقراراتها السيادية باتت مرتهنة في أيدي فريق يتحكم وحده بالعالم، وتتحكم به في ذات الوقت مراكز نفوذ، وقوى ضاغطة تتحرك من خلال أهدافها السياسية ومشاريعها السلطوية...

فجأة، استيقظ العالم بجماهيره العريضة ليجد "بوش" وأعضاء إدارته قد اتخذوا قرار الحرب ضد العراق بذريعة أو بدون ذريعة، ونصب عينيه وأعينهم مصالح إسرائيل ومصالح القوى الاستكبارية التي تتزعمها اليوم أميركا بكل مشاريعها الاستكبارية... عشرات الآلاف، مئات الآلاف، ملايين من شعوب العالم يملأون الشوارع والساحات في مختلف عواصم العالم، والتي منها واشنطن ونيويورك وسياتل وغيرها من المدن الأميركية الرئيسة؛ بيد أن تلك الملايين الصارخة في الشوارع، والتي سقط منها عشرات الجرحى والقتلى، لم تكن لتؤثر في القرار السياسي الأميركي، أو توقف حمَّى الحرب المسعورة لدى القيادة الأميركية فالذي يمتلك القرار السياسي في مركز القرار العالمي، هو الذي يملك التأثير في مصير الرئيس الأميركي، وبالتالي في المشروع السياسي الأميركي برمته... لقد بات واضحاً "أن مصير الرئيس الأميركي القادم بل ومصير العملية الانتخابية برمتها في أكبر وأقوى (ديمقراطية) في العالم كما يدّعون مرتبط بأصوات أربعة آلاف يهودي يحملون الجنسية الأميركية ويعيشون على أرض فلسطين المغتصبة(1).

من جهة أخرى فقد "اعتنق الكثير من المثقفين اليهود الأفكار المحافظة وبدأوا يعملون في أوساط اليمين المسيحي (الأميركي) المتطرف الذي يؤمن بأن عودة المسيح تعتمد على عودة اليهود إلى الأرض المقدسة ولذلك أصبح اللوبي اليهودي جزءاً من قوة ضغط أكبر هي اللوبي الصهيوني الذي يضم قوى اليمين المسيحي وقطاعات من رجال الأعمال المحافظين الذين يدعون إلى سياسة عدوانية في العالم لتعزيز مصالح الولايات المتحدة(2)... هذا إضافة للطبقة الرأسمالية التي تهيمن على آليات صنع القرار وتسعى لتوطيد مصالحها وتعزيز قدراتها داخل الولايات المتحدة وخارجها، لكن شكل ممارستها لسياستها الخارجية يختلف جذرياً، حيث إن استخدام العنف أمر عادي في متابعتها لمصالحها، فلا يوجد تقريباً رئيس أميركي لم يقد بلاده إلى حرب عدوانية أو مؤامرات انقلابية على بلدان العالم الثالث لأهداف الهيمنة الاقتصادية والسياسية(3).

وفي الوقت الذي نجد فيه أن حوالي ثلاثين مليوناً على الأقل من أنصار اللوبي الصهيوني المسيحي شاركوا في الانتخابات الرئاسية عام 2000، نجد أنه في الولايات المتحدة الأميركية حوالي مائتين وخمسة ملايين مواطن في سن الانتخاب، منهم حوالي مئة مليون لا يهمهم من يكون الرئيس(4) وبالتالي لا يعنيهم المشاركة بالقرار السياسي، وهذا ما جعل نسبة الاقتراح تتراوح حول ال50%، وحيث أن أياً من الحزبين الرئيسيين لا يمتلك قدرة حسم المعركة لصالحه، تبرز قيمة اللوبي اليهودي من جهة، واللوبي الصهيوني المسيحي من جهة أخرى، ويسهل بهذا على تلك القوة الضاغطة التأثير ليس فقط باسم الرئيس القادم ولكن أيضاً بالبرامج الانتخابية والمناهج السياسية للحكومات اللاّحقة فيما بعد... خاصة إذا علمنا أن نسبة ال15% تقريباً من المقترعين من اللوبي الصهيوني المسيحي تتقاطع مع فئات وجماعات ضغط مختلفة من جمعيات بيئيّة ونقابات عمالية وجميعات مناهضة للعولمة، ووسائل إعلام، والأهم من الجميع نفوذ أرباب المال وأصحاب الشركات المتعددة الجنسيات وبهذا تتضاعف هذه النسبة لتصل إلى أكثر من 40% ساهمت في رسم نوع ومنهج الحكم الاستكباري في أميركا...

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال يدور حول نسبة ال50% التي لا تشارك في العادة في الاقتراع، وبالتالي لا تساهم في صنع القرار السياسي من المحايدين Neutralitiest أو المقاطعين لأسباب سياسية أو غير سياسية boycottest أو العابثين carelessness، وبهذا نجد الشارع العام يصاب بالصدمة نتيجة القرارات السياسية التي لا تمثل مصالحه ولا رأيه السياسي... والحقيقة، يمكن القول، إن الإعلام الاستكباري من خلال ما يطلق عليه الغزو الثقافي، وثقافة التيتي انترتينمنت titty intertainment الذي تنشر ثقافة البوهيمية Bohemianism واللامبالاة والاستهلاك، أفقدت الإنسان المعاصر واحداً من أهم عناصر حريته وحقوقه المدنية civial Rights وبالتالي في تقرير مصير العالم الذي ينتمي إليه Self Determination، وذلك بتخليه عن حق الاقتراع وانصرافه عن متابعة المتغيرات السياسية التي يشهدها العالم من حوله...

وطبيعي أن عناصر الخير في الإنسانية جمعاء متوفرة بالشكل الكافي للدفاع عن وجودها وقيمها، وهذا ما نلاحظه من خلال قلّة من المستنيرين الذين يشاركون في النشاطات السياسية ويعبِّرون عن مواقفهم حتى من خلال دمائهم عندما يقتضى الأمر كما حصل بالنسبة للمناضلة الإنسانية "راشيل كوري" التي وقفت في وجه الدبّابة الصهيونية وهي تهدم أحد بيوت الفلسطينيين. من هنا تبرز أهمية التوجه نحو العقل الإنساني والضمير البشري خاصة ونحن في عصر المعلوماتية والاتصالات التي جعلت من العالم قرية كونية صغيرة، فإذا كانت القوى الاستكبارية تحاول أن تستفيد من ثورة المعلومات لمصالحها وغزوها الثقافي، فلماذا لا نقوم نحن بدورنا في هذا المجال، ونسعى من أجل عالم مكترث يهتم بتقرير مصيره، ولا يترك الساحة السياسية للوبي الصهيوني في مركز القرار العالمي بعد الحرب الباردة...

إن العالم الثالث ربما، يستحيل أن يلحق بمضمار السبق التكنولوجي الذي سبقته به أشواطاً الدول الصناعية، ولكن يستطيع أن يساهم بالتأكيد في إعادة إحياء البنية الإنسانية التي هي وحدها قادرة على كبح جماح النهم الاستكباري.


(1) عبد اللَّه رشيد، "مجرد حدث" 4000 يهودي يحددون مصير العالم؟! جريدة الاتحاد 26 11 2000، المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق رقم 429533.
(2) د. خالد عبد اللَّه البنية السياسية الأميركية ودورها في صنع القرار، اللواء 25 10 2002، المركز الاستشاري 525001.
(3) تقرير سياسي، السفير 8 11 2000، المركز الاستشاري الرقم 426877.
(4) المصدر نفسه.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع