وهو أوّل الأشهر الحرم التي حُرّم فيها القتال مع الكفّار. فيه من المناسبات الشريفة ما كرّم الله عباده بها لينالوا الخير، ومن شرافته العالية أنّه جُعل ممهداً لأداء فريضة الحج المباركة والتي تُعدّ العامل العارف بنسكها لزيارة الكعبة الحقيقية التي ورد فيها أنّه "لا تسعني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبد المؤمن".
* الأعمال العامّة:
- صلاة التوبة:
وقتها في يوم الأحد من هذا الشهر، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه خرج يوم الأحد في شهر ذي القعدة فقال: أيّها الناس من كان منكم يريد التوبة؟ قيل: كلّنا نريد التوبة يا رسول الله، فقال: اغتسلوا وتوضأوا وصلّوا أربع ركعات واقرؤوا في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة، وقل هو الله أحد ثلاث مرات والمعوذتين مرة ثمّ استغفروا الله سبعين مرة، ثم اختتموا بلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم. ثمّ قولوا: يا عزيز يا غفّار اغفر لي ذنوبي وذنوب جميع المؤمنين والمؤمنات فإنّه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت.
- الصوم:
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من صام من شهر حرام أيام الخميس والجمعة والسبت، كتب الله له عبادة سنة.
- التهيئة للحج:
وذلك بمعرفة أسرار نسك الحج الموصلة إلى الزيارة الحقيقية الباطنية. (سوف نورد في نهاية هذا الكتاب ما ورد عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام سيد الساجدين في المقصود الحقيقي من كلّ واحد من أعمال الحج).
* الأعمال الخاصّة:
* الليلة الخامسة عشر:
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه في هذه الليلة: ينظر الله إلى عبادة المؤمنين بالرحمة. أجر العامل فيها بطاعة الله أجر مائة سائح لم يعصِ الله طرفة عين، فإذا كان نصف الليل فخذ (اجتهد) في العمل بطاعة الله والصلاة وطلب الحوائج.
- اليوم الثالث والعشرون:
وهو يوم وفاة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام ويستحب فيها زيارته عن قرب أو بعد.
- اليوم الخامس والعشرون:
وقد روي أنّ فيه نصبت الكعبة، ودحيت الأرض، وهبط آدم، وولد الخليل عليه السلام وعيسى عليه السلام، ونشرت فيه الرحمة.
* مستحبات هذا اليوم:
1-الغسل.
2- الصوم.
3- الاجتماع في ذكر الله.
4-زيارة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام.
5- صلاة ركعتين عند الضحى: بالحمد مرّة والشمس خمس مرات ثمّ يقال بعد التسليم: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم، مع دعاء: "يا مقيل العثرات أقلني عثرتي، يا مجيب الدعوات أجب دعوتي، يا سامع الأصوات إسمع صوتي وارحمني وتجاوز عن سيئاتي وما عندي يا ذا الجلال والإكرام".
6- دعاء: "يا داحي الكعبة..."
* في المقصود من نسك الحج
روي عن الإمام سيّد الساجدين عليه السلام برواية الشبليّ:
"لو لم تأتِ هذه الأعمال بهذه القصود، كأنك لم تأتِ بها أصلاً، فأول نزول الميقات: بالانخلاع عن المعصية، ولبس ثوب الطاعة. ونزع الثياب، بالتجرد من الرياء والنفاق. والغسل: بالتطهير من الخطايا والذنوب. والتنظّف بالنّورة: بالتوبة الخالصة لله.
والإحرام: بتحريم كلّ ما حرّمه الله. والعقد على الحجّ: بتحليل عقد غير الله والدخول في الميقات بعد الإحرام: بقصد زيارة الله. والصلاة عند ذلك بالتقرّب إلى الله. والتلبية: بالنطق لله تعالى لكلّ طاعة والصون عن كلّ معصية. والدخول إلى الحرم: بقصد تحريم كلّ غيبة لأهل ملة الإسلام.
ورؤية البيت: برؤية بيت الله وقصد الله سبحانه والقطع عن غير الله. والسعي: بالهرب إلى الله. والاستلام بالحجر: بالمصافحة بالله.
والوقوف على مقام إبراهيم: بالوقوف على كلّ طاعة والتخلّف عن كلّ معصية. والصلاة في المقام: بقصد صلاة إبراهيم الخليل عليه السلام. والإشراف على زمزم والشرب منها: على الإشراف بالطاعة والغضّ عن المعصية.
والمشي بين الصفا والمروة: بالكون بين الخوف والرجاء. والخروج إلى منى: بتأمين الناس من اللسان والقلب واليد.
والوقوف على عرفة: بمعرفة الله واطّلاع الله على السرائر والقلب.
والطلوع إلى جبل الرحمة: باعتقاد أن الله يرحم كلّ مؤمن ومؤمنة. والمشي إلى المزدلفة والتقاط الحصى: برفع كلّ معصية وجعل وإثبات كلّ علم وعمل. وإلى المشعر: بتشعير القلب شعائر أهل التقوى والخوف.
والوصول في منى ورمي الجمار: بالبلوغ للمقصود وقضاء الحوائج.
وحلق الرأس: بالتطهير من الأدناس والخروج من الذنوب وتبعات بني آدم. ومسجد الخيف: بعدم الخوف إلاّ من الله وعدم الرجا إلاّ منه...
والذبح: بذبح الطمع والاقتداء بخليل الرحمن في ذبح ولده. والرجوع إلى مكة وطواف الإفاضة. بالإفاضة برحمة الله والرجوع إلى طاعة الله والتقرب إلى الله تعالى".