مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

في رحاب بقية الله: السنن الإلهية وبشائر الظهور

السيد هاشم صفي الدين


من الأمور الملفتة في هذه الأيام هو التغيرات الهائلة التي تحدث في العالم والتي تتم بسرعة قياسية سواء كان ذلك مرتبطاً بالتطورات العلمية ونتائجها وآثارها على فكر الإنسان وحركته أو كان مرتبطاً بمفاهيم الحياة والمعادلات التي تحكم مسار البشرية في مختلف الاتجاهات مما ولد شعوراً عارماً بأن كل يوم جديد سيحمل معه مفاجآت غير متوقعة.

 والجديد الغريب هو قدرة أي إنسان الاطلاع عليها من خلال الوسائل المتاحة، وبأشكال متعددة، حتى وصلنا إلى مرحلة من الإحساس المتنامي بعدم قدرة البشر على التحكم بما هو آتٍ وهذا لا يعني أن ما يحصل خارج دائرة الإرادة الإنسانية التي كانت وستبقى في سلسلة العلل لكل التغيرات التي تحصل على هذه الأرض وفق السنن الإلهية وتوسط الإنسان في تحققها. وهذا يفسر بشكل واضح مسؤولية الإنسان عن أعمال ونتائج قد لا يكون حسب لها أي حساب، ومن الأمور التي ينبغي مراقبتها بدقة قدر الإمكان هو ملاحظة التغيرات السياسية التي تحصل في العالم، وفي منطقتنا الإسلامية والعربية تحديداً، لترى أن العقود الثلاثة الماضية حملت معها مجموعة من الأحداث الكبيرة والضخمة وكشفت عن مفاجآت لم تتمكن كل قوى العالم أن تقدرها بشكل جيد ودقيق على الرغم من تراكم التجارب الإنسانية وتوفر الأدوات العلمية.

ونلحظ مع هذه المتغيرات أن عنصراً جديداً دخل إلى قلب المعادلة وبقوة ليفرض نفسه وليتجاوز كل المحاولات المضادة لإنهائه أو إخماد شعلته أو إطفاء نوره وليشق طريقه بثبات ونمو مطرد في سياق أحداث عالمية معاكسة تماماً وهذا العنصر هو الحركة الدينية الأصيلة التي تنتمي إلى الإسلام العزيز والى الفهم القائل بأن قوة الإيمان لا يمكن قهرها أو إلغاؤها فيما إذا كان المؤمنون حاضرين في الساحة ويؤدون واجبهم، إذن نحن أمام حركتين متقابلتين الأولى شقت طريقها في صراعات سياسية وعالمية وهي حركة الاستكبار العالمي الذي تجسد أخيراً بمصداق لا لبس فيه وهو الولايات المتحدة الأميركية والتي تسعى بكل ما أوتيت من قوة مادية واقتصادية وسياسية وعسكرية إلى فرض هيمنتها على كل الواقع السياسي في العالم وهي تمعن في إطلاق مفردات سياسية وفكرية لم تكن معهودة في السابق وتحث الخطى باتجاه الإعلان عن السيطرة الكاملة على كل هذا العالم؛ بل تتعدى ذلك لتقدم نفسها أنها القادرة على فعل أي شي‏ء وعلى التحكم بكل المعادلات ورسمها للمستقبل.

وهذا ما يفسر الكلة التي أطلقها بوش انه (سيد التوقعات في العالم) في الوقت الذي يوجه الرسائل القوية إلى كل الأطراف الدولية ليخرجها من ساحة الشراكة والتأثير وليخضعها لإرادته وقراره، والملفت في هذا الموضوع هو سرعة الأحداث والإصرار الأميركي على المضي في هذا الطريق غير آبه بكل التحذيرات وغير مستفيد من كل التجارب الإنسانية التي مرت حتى يخيل للمتابع والمراقب إن الأمور تساق إلى مصير يبدو وكأنه خارج عن إرادة أمريكا دون أن تعترف الإدارة الأميركية بذلك.

هذا الاتجاه يمثل مفردات الظلم العالمي والاستكبار والطغيان والهيمنة وسلب الحقوق للآخرين والتصرف بكل مقدرات العالم وتسخيرها لمصلحة القوة التي تعتبر أن من حقها أن تخضع كل العالم لإرادتها. والحركة الثانية تتمثل في الجهة المقابلة والمواجهة لهذا الطغيان والتي خاضت صراعاتها في إطار ساحاتها ليتمخض عنها حركة الانتماء إلى الدين والفطرة والأصالة ولتحمل هذه الجهة تعاليم الأنبياء والرسل والأولياء عبر التاريخ في وقفة مبدئية وجريئة تعتمد على الحق والعدل وعدم الرضوخ أو الاستسلام للوقائع التي فرضها الاستكبار وان تطور ونمو هذا الاتجاه في العالم الإسلامي يسير أيضاً بسرعة قياسية ويحمل معه ما قد يبدو أنه مفاجآت غير متوقعة لكنه يتبلور يوماً بعد يوم بنهج إيماني وجهادي يشق طريقه وسط هذا العالم الإسلامي المظلوم الذي يكابد ويعاني من غطرسة المستكبر وأدواته.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل أن كل ما يحصل هو من قبيل الصدفة ؟ من الطبيعي أن يكون الجواب غير ذلك إذ لا مكان للصدفة في حركة الشعوب والأمم بل هي حركة الصراع بين الحق والباطل، حركة التدافع وفق سنن الله تعالى لكن هذه المرة نجد أن ساحة الصراع كبيرة جداً وآفاقها واسعة جداً وبالتالي فإن متغيراتها ستكون كبيرة وفي مجالات مختلفة.

إن ما يحصل يقرب لنا الفكرة التي نعتقد بها وهي فكرة خلاص العالم على يد الإمام المنتظر عجل الله فرجه حيث من الضروري أن تظهر قوى الشر والظلم والغطرسة بكل ما فيها وعلى أوسع ساحة بل على امتداد العالم كله حيث تملأ الأرض ظلماً وجوراً وبالمقابل فإن إمكانية أن تملأ قسطاً وعدلاً تصبح واردة كنتيجة طبيعية للصراع وتجليات أدواته العالمية وليتضح لنا أن الأمل الموعود والذي قد يبدو للبعض انه مجرد فرضيات ومفاجآت غير متوقعة هو في الحقيقة نتيجة طبيعية لأحداث متسارعة وتغيرات غير عادية لكنها في كل الأحوال خاضعة لإرادة الخير والإيمان والعدل الذي يجب أن نسعى بكل ما أوتينا من قوة لإيجادها وحفظها حتى نكون الطرف الجدير بالقيام بهذه المهمة.

 ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾.

والله ولي التوفيق‏

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع