اخرج إلى الضوء | عندما يكون القائد والداً للمجاهدين مهارات | المساندة النفـسيّة في الأزمات والحروب الملف | كيف نواجه إشاعات الحرب؟ الملف | بصبركنّ... ننتصر الملف | دعاء أهل الثغور: مدد المجاهدين الملف | الشهداء المستبشرون معالم المجتمع الصالح في نهج البلاغة الملف | قيم المقاومة آخر الكلام | تحت الركام.. الافتتاحية | الصبر حليف النصر

شباب: اضبط منبّهك


ديما جمعة فوّاز


اقتربَتْ بخطىً بطيئة نحو مهْد حامد، تأكّدَتْ أنّ حرارته قد انخفضت، قدّمت له الدواء بأصابع مرتجفة وسرعان ما غطّ سريعاً في نوم عميق.. تسلّلتْ بهدوء وأغلقتِ الباب خلفها ثمّ توجّهتْ نحو المطبخ حيث كانت والدتها تتوضّأ لتصلّي الفجر.

نظرت والدتها إليها بعينين مرهقتين سائلة: "هل أعطيتِ حامداً دواءه يا سارة؟ أنا لم تغفُ عيناي الليلة، خفت أن تنسي ضبط المنبّه فلا تعطيه جرعة الدواء". هزّت رأسها بعتب وأجابتها قائلة: "أمّي، قلت لك إنني مسؤولة عن مراقبة أخي ليلاً! أرجوكِ أن تثقي بي وتخلدي إلى النوم فأنتِ مرهقة.. وغداً إن شاء الله سيطمئننا الطبيب بعد ظهور نتيجة الفحوصات".. لمَعت عينا والدتها بفخر، فسارة أثبتت خلال الأشهر الماضية، أثناء مرض حامد، أنّها جديرة بالثقة ويمكن الاعتماد عليها في الملمّات.

دخلت سارة غرفتها ووقفت لتصلّي الفجر ثم ارتمت تحت لحافها الثقيل لتنام وهي تتلو أدعية الصباح.

في مساء اليوم التالي، كانت فرحة العائلة كبيرة. حملت سارة أخاها ذا السبعة أشهر بين يديها وكانت تحادثه بسعادة: "الحمد لله، صغيرنا الجميل أصبح أفضل.. كمْ أتعبتنا أيُّها الغالي.. شهر كامل في المستشفى وعلاج مكثف لعشرين يوماً في المنزل..". اقترب منها والدها وتناول الرضيع وأخذ يقبّله قائلاً: "ستنام الليلة يا عزيزي ولن يزعجك مذاق الدواء السيّئ".. التفت إلى ابنته قائلاً: "وأنت أيضاً، نامي الليلة يا عزيزتي ملْء جفونك.. لن تضطري إلى الانتباه فجراً لتعطيه الدواء".

دخلت سارة غرفتها وضبطت المنبّه عند الساعة الثامنة. كم كانت سعيدة أنّها ستنام دون قلق أو أرق، لازمها أسابيع مضت. غفت سارة لتستيقظ على صوت حامد يهمس في أذنها: "اضبطي المنبه..". انتفضت من سريرها. وجدت أنّ الساعة الخامسة فجراً. هرولت من غرفتها متوجّهة نحو غرفة حامد.. كان يغطّ في نوم ملائكي. وقفت تتأمّله بحذر ثم خرجت من غرفته لتجد أمّها تبادرها بالسؤال: "هل نسيتِ أنّ الطبيب طمأننا اليوم؟ لماذا أنت مستيقظة؟"، أجابتها سارة بتردد: "أمي لن تصدّقي ما حصل معي، طوال الفترة الماضية، كنت أضبط منبهي عند الخامسة فجراً، وأبقى طوال الليل أتقلّب في فراشي خوفاً من أن أغفل عن إعطاء أخي جرعة الدواء في وقتها.. كنت أطمئنّ إليه فجراً ثمّ أصلّي.. اليوم، حامد أيقظني ليطمئنّ إلى أنّني صلّيت!". لم تفهم الأمّ ما قالته.

ولكنّ سارة، في تلك الصبيحة، أدركت أنّ صلاة الفجر ينبغي أنْ لا تفوتها.. كيف نغفو ملْء جفوننا ليلاً ولا نضبط المنبّه لنأخذ جرعة التوفيق طوال يومنا وجرعة النجاة بعد مماتنا؟!


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع