مع بداية الأشهر النورانيّة الثلاث التي تُعتبر مواسماً
مهمّة للعبادة ينتظرها عباد اللَّه المؤمنين لينهلوا من بركاتها ويتزودوا من فيضها
وينعموا بخيراتها، لا بد لكل إنسان مؤمن من وقفة مع ذاته يُبادر فيها إلى استحضار
علاقته باللَّه سبحانه وتعالى، والتأمّل في حقيقة إيمانه والنظر في أفعاله وأعماله،
ورؤية موقع نفسه في عالم العبودية الحقة، والتحقيق في حال سيره في هذه الدنيا
لمعرفة مدى قيامه بالعمل للوصول إلى الهدف الذي وُجد من أجله عليها.
وفي وقفة
التأمل هذه يستطيع الإنسان استكشاف أي وجود للغفلة التي تجد طريقها إلى قلبه نتيجة
التقصير والإهمال، واكتشاف أي خلل في علاقته باللَّه عزّ وجلّ من جهة القيام
بالعبادات وتأدية الواجبات على الوجه المطلوب. وهذه الخطوة الأولى يكون استكمالها
بالرجوع إلى اللَّه تعالى بفكر واعٍ وقلب صافٍ والجلوس بين يديه للتضرع والتوسل وبث
الشكوى ورجاء العفو والمغفرة من خلال المناجاة والدعاء الذي يسَّر اللَّه لنا من
خلاله إمكانية الطلب والسؤال وأنعم علينا بقبول الإجابة.
وها هي الفرصة الأوفر تأتي في كل سنة مع حلول شهر رجب الأصبّ الذي يفتح لنا أبوابه
للدخول في رضوان اللَّه والإستئناس بذكره والانصراف إلى عبادته، وهو شهر الاستغفار
وحلول الرحمة كما جاء في حديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: "رجب شهر
الاستغفار لأمتي فأكثروا فيه الإستغفار، فإنه غفور رحيم ويُسمّى الرجب الأصب لأنَّ
الرحمة على أمتي تُصبّ فيه صبّاً فاستكثروا من قول أستغفر اللَّه وأسألُهُ التوبة".
وإلى اللقاء...