نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

شهيد الدفاع عن المقدَّسات حسين محمد البرزاوي (سيف)


نسرين إدريس قازان


اسم الأم: هويدا رعد.
محل وتاريخ الولادة:
بعلبك 25/12/1989م.
الوضع الاجتماعي:
خاطب.
رقم السجل:
47
تاريخ الاستشهاد:
21/5/2013م.



هي معركة "القصير".. معركة رسمت أولى خطوط الانتصار العظيم.. فالحسينيّون الكربلائيّون، قد عقدوا عِصابة الشهادة، ومضوا إلى محبوبهم الأوحد يتسابقون إلى المنيّة، وخلفهم أهل يدعون لهم بالسداد والتوفيق.

* اليوم سنكون مع الحسين عليه السلام
الحاج محمّد، واحد من أولئك الذين وقفوا لتوديع أبنائهم؛ ولكنه لمّا رأى في ابنه حسين عزيمة الرحيل رقّ قلبه، فقال له بنبرة رجاء: "لقد مضى إخوتك.. فابقَ أنتَ إلى جانبي، أنت مريض...".

رماهُ حسين بنظرات من الشفقة والعتب في آن واحد وردّ قائلاً: "مضى ألف وأربعمائة عام ونحن نبكي الحسين عليه السلام، فهذا هو يومنا، إمّا نثبُت معه، أو نكون من المتخلّفين..". فنكس الأب رأسه وطلب إليه أن يعجّل بتحضير الثياب لكي يوصله بنفسه إلى نقطة الانطلاق.

* أريد أن أكون شهيداً
بهذه البساطة العميقة، كان حسين ينظر إلى الأمور. وكم تكون الحياة جميلة عندما تنساب كماء الجدول بهدوء ودون حذر، تتمايل مع الأرض بتعرّجاتها الصعبة، وتمضي رقراقة في سهولها، بكلّ تسليم.

ببساطة وهدوء، شقَّ حسين طريقه في الحياة، دون عُقَد، لم يثنِه شيء في مسيرته التي حدّدها مُذْ كان طفلاً صغيراً، فكلّما سأله أحد عمّا يريد أن يصبح عليه في المستقبل يجيب بلغة الواثق: "شهيداً"، فيضحك السائل والسامع ظنّاً منّهم أنّه لا يدرك ما يقوله.

ولكن ذلك الطفل مع اشتداد عُوده أثبت أنّه يعي كلّ ما يقول، وأنّ قلبه القويّ والشجاع لم يمسسه زيغٌ ولا شكٌّ، فالعبادة الخالصة التي شبك حياته بها، منذ ما قبل التكليف، جعلته يعي الكثير من أمور الدنيا على حقيقتها، فعاش حالة من التخلّي، وكأنّه في دنيا غير هذه الدنيا.

* عطاءٌ معنويّ
عندما شرع بالصلاة، وهو صغير، طلب إليه أبوه أن يهدي ثواب أعماله إلى الأرحام المتوفّين المنسيّين. وكان هذا نوعاً من العطاء المعنويّ الذي جاد به، إذ عُرف عنه أن الإيثارَ من طبيعته، تراهُ يعطي واجباً وليس كأمر مستحبّ، والأمر عنده سيّان إنْ كان في جيبه مال أم لا.

ما إن أنهى حسين المرحلة الثانويّة حتّى التحق بالعمل في المقاومة، وخصّص مبلغاً من المال لعائلة من أيتام، وقد تزامن ذلك مع عقد قرانه، وفي ظلّ حالة مادية صعبة، فباع سيارته للشروع في بناء منزل، وقسّم راتبه بما يتناسبُ والمستحقّات المتوجبة عليه دون أن يمسّ المبلغ المخصّص للأيتام.

احتلّ حسين محبّةً في قلوب كلّ من عرفه، لطيبته وشفافيّته التي كانت بطاقة له إلى قلوب الناس. وكان ذا رأي يؤخذ به إذا ما استشاره أحد بأمر ما، فهو على الرَغم من قلّة كلامه، تلمع الحِكمة في طيّات حديثه وهو ينتقي كلماته بدقّة. وهذا ما جعله يتربّعُ على عرش المحبة بين الأهل والأقارب والأصدقاء على حدٍّ سواء.

* مهمّاتٌ جهاديّة
صاحب تلك الروح الرقيقة، كان ذا بنية جسديّة قويّة، فما إن بلغ حسين سنّ التكليف حتّى التحق بالدورات العسكرية، متنقلاً من مستوى إلى آخر، ما أهّله للمشاركة في العديد من المهمّات الجهاديّة في البقاع والجنوب. وقد أصيب غير مرّة وتعرّض لعدّة حوادث كان يجدُ لكلّ واحدة منها طريقاً يخفي فيه ذلك على من كان يقلق عليه.

أحبَّ حسين عمله في المقاومة بشدّة، ما دفعه إلى إخفاء حقيقة خطورة الإصابة في ركبته وحاجته الملحّة إلى إجراء عمليّة جراحيّة، خوفاً من تغيير مجال اختصاصه، ولكنّه رضخ في نهاية الأمر للحقيقة المرّة واعترف بالأمر الواقع، باذلاً جهده في تقبّل العمل الجديد الذي أُنيط به.

* فرح المشاركَة
لم يُخفِ حسين عن والديه حقيقة مشاركته في الحرب ضد التكفيريّين؛ فالدفاع عن مقام العقيلة زينب عليها السلام أولويّة في العيش الكريم. وكان يُفرح قلب أمّه عندما يخبرها ببعض التفاصيل التي تعزّز الحالة الروحيّة لديها وترفع من معنوياتها، وكان يغبطه أبوه على ما منّ الله به على أولاده من جهاد مقدّس، وقد صار البيتُ في أغلب الأحيان خالياً من الشباب. فالمعركةُ قاسية، في حرب طويلة، والتضحيات جسام، والصبرُ زاد وإن زادت الأيام قساوةً.

ذات يوم أحد من شهر أيار، أشرقت الشمس على وجه الوالدين وهما يرتشفان قهوتهما الصباحية على شرفة المنزل، وقد لفت نظرهما أنّه كلّما مرّ أحد من أهل القرية وقف قليلاً، محدقاً بهما، قبل أن يصبّح عليهما؛ فينظران باستغراب إلى الآخر. وكان من عادة حسين أن يتواصل معهما يومياً ليطمئنّ إليهما، ولكن في ذلك اليوم لم يستطيعا معرفة أيّ خبر عنه، سوى أنّ أخاه عليّاً الذي كان موجوداً في المعركة مع أخيه طمأنهما أنّ كل شيء على ما يرام وأنّهما سيعودان، قريباً، معاً.

* طوبى للعابرين!
لم يتأخّر في الوصول إلى القرية، مصطحباً أخاه "حسين" جثماناً ليكون أحد أبطال معركة القصير. وكم عزّ على عليّ أن يحملَ أخاه، وقد زفّوه عريساً إلى مثواه الأخير، حيث أودع عليّ ما تبقى من أيامه بين حبّات تراب بلّلتها دموعه لفراق أخيه، وقد صعب عليه تخيّل الحياة دون ابتسامة حسين ورنين صوته.. فكانت معركة أخرى... بانتظاره، فتحت له باب العروج فالتحق بأخيه بعد أشهر قليلة من استشهاده.

هي حربٌ برز فيها الخُلّص من الإخوة والأصحاب، وقضوا في طريق الحسين صالحاً بعد صالح.. وصادقاً بعد صادق، فطوبى لمن كان عبوره على الصراط نظرةً من حفيدة بني هاشم السيدة زينب عليها السلام.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع