ايفا علوية
تلتفُّ ثعابين الحضارة الزائفة حول أعناقهن عقوداً
مذهّبة تبهر عقولهن فتمتص رحيقها وتبثُّ فيها سموماً محلاّة بنكهات العسل والسكر.
لقد أعمت عيونهن نظَّارات الغفلة السوداء، فحوّلت في نظرهن الصور المشوّهة إلى
لوحات فنية رائعة وملامح الفساد إلى مشاهد تطور وحضارة، وأصمّت آذانهن الأصوات
الواهية فركضن وراءها لاهثات يبحثن عن نداءات الانفتاح حتى كبّلتهنّ بقيودها فصرْن
عبيداً لتلك الحرية الموهومة، ونزعت عنهنَّ لباس عزهنّ فأسدلن جدائلهن على أكتافهن
أوزاراً ولبسن على أجسادهن قِطعاً من ثياب ممزقة رمزاً للذّل والضياع.
هن نساء
أغرتهنّ مظاهر الحياة الخدّاعة فوقعن في شباكها، وأقفلن أبواب الحقيقة ورحن يفتّشن
عن مفاتيحها في عوالم السراب، فضاعوا في متاهاتها وتشردوا متناسيات أن الحقيقة ما
ضاع لها طريق ولم يُوصد لها باب.