 
                        
            
رئيس التحرير
حينما أعلن الإمام الخميني قدس سره يوم ولادة السيدة الزهراء عليها السلام عيداً 
للمرأة المسلمة قصد تكريس حياة الزهراء عليها السلام قدوة فعلية وعملية لكل امرأة 
تلتزم الإسلام ديناً ونهجاً في حياتها، وحريٌّ بنا اليوم أن نفهم هذه الدعوة 
بالمعنى الحقيقي لنضعها في مسارها الطبيعي إلى التطبيق العملي، فالإمام لم يُعلن 
هذا اليوم كي تلتزم المرأة المسلمة بنهج السيدة الزهراء عليها السلام وترتبط بها 
نظرياً بل لتضع برنامجاً عملياً لها متمثلة بالسيدة الزهراء عليها السلام بكل 
تفاصيل حياتها.
الإمام الخميني قدس سره أشار في تكريمه المرأة بهذا اليوم إلى مظهر الكمال الذي 
يمكن أن تصل إليه المرأة عندما تقتدي بسيدة نساء العالمين عليها السلام التي 
كرَّمها الله تعالى وجعل رضاه من رضاها وغضبه من غضبها حيث أن اللّه تعالى كما لم 
يترك خلقه دون أن يبيّن لهم معالم الدين وسبل الهداية وأوضحها بقناديل مُضيئة، كذلك 
لم يستثن من ذلك النساء فجعل الزهراء عليها السلام قدوة النساء والنموذج الذي 
يُحتذى، فالذي عظَّمها هو خالق البشر، والذي بجّلها وشرّفها وأشاد بفضلها هو سيد 
البشرية محمد صلى الله عليه وآله الذي قال بحقها "إن الله يغضب لغضبها ويرضى 
لرضاها" و"فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها ويغضبني ما يغضبها" فلماذا يغضب 
ويرضى الله ورسوله لغضبها ورضاها؟ هذا لم يكن تعظيماً لها من وحي العاطفة والهوى 
وإنما لأمر وغاية كبرى علينا محاولة فهمها وإدراكها.
من هذا المنطلق تحوّلت السيدة الزهراءعليها السلام الأساس لكل مثال وفضيلة تصبو 
إليه المرأة المسلمة في كل مراحل حياتها كونها بنتاً أو زوجة أو أماً أو...، ولهذا 
كان اختيار الإمام المقدس الخميني ليوم ولادتها يوماً للمرأة المسلمة، فأحسن 
الاختيار حيث جعل منهل التقى والإيمان والصلاح رمزاً للمرأة المسلمة لأن الزهراء 
عليها السلام المثل الأعلى، فهي العابدة المطهرة التي وصلت إلى مقام القرب الإلهي، 
الصابرة، مدرسة الإيثار والزهد والتضحية، وتناول الإمام قدس سره الشخصية السامية 
والنموذج الرفيع للإنسان الحقيقي لنتعرَّف على شخصية هذه المرأة العظيمة كامرأة 
نموذجية بالمطلق والاقتداء بها بالظاهر والباطن فالحجاب والالتزام الظاهري للمرأة 
ليس كافياً مع انه مقدمة للالتزام الحقيقي الذي يحاول أعداء الإسلام دائماً تجريد 
المرأة المسلمة منه ليُسقِطوا كل الحواجز الأخرى التي ترفعها درجاتٍ عنهم لأنه 
الحصن المنيع الذي تتحدى به مظاهر حضارتهم الفاسدة، بل على المرأة أيضاً التحصُّن 
بالقيم والأخلاق والثقافة والوعي وقوة الشخصية والمقدرة الفكرية والمكانة المتألقة 
كما الزهراء عليها السلام التي ارتقت في مدارج الكمال والرفعة والسمو في كافة أبعاد 
شخصيتها وبإيمانها الواعي حيث أن عظمة المرأة هو إيمانها الواعي بالله سبحانه 
وارتباطها الدائم بسلم المعنويات والفضائل.
والدعوة اليوم مفتوحة مجدداً لكل مسلم بل لكل إنسان، كلٌّ من موقعه أباً كان أو 
أمّاً أو زوجاً أو مربياً أو عالماً أو... أن يعملوا على تعزيز الارتباط بالزهراء 
عليها السلام مظهر الجلال والجمال في نفوس نساء أمتنا وفتياتها والتمرُّد على كل 
مظاهر الفساد التي تأتي إلينا من بحر الغرب الفاسد لتحطّ على شواطئنا فتملأها 
سموماً من كل الأصناف وبألوان مختلفة، فالفساد بدأ اليوم بأساليب مختلفة تتناسب مع 
هذه المرحلة، فعلى سبيل المثال لم يعد فقط يدعو مباشرة لخلع الحجاب بل يدعو إلى 
الحجاب الذي يريد، وما نراه اليوم في مجتمعاتنا الإسلامية من ظواهر جديدة لجدير 
بالاهتمام والمسارعة إلى المعالجة الجذرية عبر الدعوة إلى الإقتداء عملياً بسيدة 
النساء عليها السلام فكراً ونهجاً وعملاً.