نهى عبد الله
كانت كلمته هي الأخيرة في الملتقى الجامعيّ لعرض مشاكل
الأنظمة الحاكمة والتنمية الاجتماعيّة، بعدما تحوّل اللقاء إلى عبارات ثلجيّة...
تيقَّن أنَّ اللقاء لم تعد له نكهة العِلم، الذي بات خائفاً من التفكير أمام سطوة
سياسيّة.
جمع أوراقه التي لن يحتاجها، وحشرها في حقيبته، ثبّت "الميكروفون" وبدأ باعتذاره عن
عدم إلقاء الكلمة المخصّصة؛ لأنّه يواجه معضلة مدرسيّة مع ابنه الوحيد: "ابني طِفلٌ
صغير يا سادة، وأودّ أن أضعه في مدرسة مختلفة فيما يرفضها هو. ميزة المدرسة أنها
تتبنّى رؤية أنّ الإنسان جسد وروح، فتهتمّ بتعليمه كما بتهذيبه وتربيته بصفاء،
بنظام دقيق. ومديرها الحاليّ كان أستاذاً فيها، اشتهر بين زملائه وتلاميذه بخبرته
وفضيلته وعمق فهمه للرؤية، فاختاروه لإدارتها. فيما تحاربها المدارس الأخرى على
أنّها ذات نظام مغلق، إذ تحصر إدارتها بأفضل أساتذتها الذي يُطاع ويُحترم بسبب
خبرته وفضيلته. هل ألبّي رغبة ابني أم أتصرّف بحسب مصلحته التربويّة؟ أنا محتار!".
أجابه مدير الملتقى: "أتصوّر أنّها من أفضل الأنظمة الأكاديميّة، لِمَ الحيرة؟!
الطِفل غداً سيجد الفارق وسيشكرك"، قاطعه: "ولكنّها تفرض نظاماً للثواب والعقاب".
علّق أحد الحضور متفاعلاً: "كأيّ نظام تربويّ.. المُهِمُّ أن يكون مرناً متجدّداً".
أومأ له بالإيجاب فالمدرسة كذلك.
عندها أبدى المدير حسرته: "ربّما لو وجدنا نظاماً حاكماً كهذا يوفّر خبرة الحاكم
وفضيلته والثقة به، لما كُنَّا نناقش اليوم موضوعنا"، فثبّت المتحدّث "الميكروفون"
مجدّداً: "في الحقيقة كنتُ أتحدّث عن نظام حُكمٍ، أنا أعيش فيه وعائلتي ومدرسة
ابني... كنت أعرّفكم بنظام ولاية الفقيه كما هو... والآن إليكم التفصيل...".