ديما جمعة فوّاز
كانت رنا تتصفّح صفحتها على الفايسبوك، والغضب بادٍ بوضوح على ملامح وجهها التي تزداد تقلّصاً إذا نظرت إلى عدد "اللايكات" التي تحظى بها صورة صديقتها سعاد، أو قرأت أبرز التعليقات على لقطة "السلفي" لابنة خالتها فاطمة، ويتضاعف حَنَقُها حين تعود إلى صورتها التي لم تحظ بإعجاب واحد رغم أنّها وضعتها منذ أكثر من ساعة!
لا يوجد أيّ تبرير يمكن أن يقنع رنا بعدم إعجاب أحد من رفاقها الخمسمئة وثلاثة وسبعين بصورها.. وهي التي لم تحرم أحداً من "لايك" ولم تبخل يوماً بتعليق مهما كان بسيطاً على المواضيع التي يطرحونها! ولماذا لم يبال أحد بها!؟ لم تستطع أن تحتمل أكثر وأجهشت باكية وهي تردّد: "ولا إعجاب واحد! ماذا يحصل!".
نظرت إليها أمّها مستغربة وهمست لها: "رنا، ألا تعتقدين أنك تبالغين بردّة فعلك؟ وما أهميّة أن يعجب أحد بصورك؟" صاحت بألم: "أمّي، عالم الفايسبوك بعيد عن اهتمامك وأنت لا تدرين أهميّة أن يهتمّ بك أصدقاؤك!" صاحت أمّها: "وهل تتوقّعين كلّما تحرّكت في حياتك اليوميّة أن يقول لك من حولك إنك جميلة ومميَّزة؟ ألا تخجلين من أن تنشري صورك ليراها الغريب فيشيد بمظهرك!" هزّت رأسها نافية وصاحت: "الإعجاب بالصورة دليل على المحبّة وأنا أفرح بتعليقات أصدقائي، ولكن فجأة لم يعد أحد يحبني!". وفجأة وجدت تعليقاً على صورتها، فتحت بحماس لتعرف ممّن هو ولتقرأ الكلمات وهي تردّد: "أخيراً!" وجمدت مكانها حين رأت أنّ التعليق الوحيد هو من عمّها الذي استشهد منذ أعوام، وبُهتت حين قرأت تلك الجملة المقتضبة التي طبعها.. فهوت عن الكرسي الذي تجلس عليه... وانتفضت رنا فجأة لتجد نفسها على الأرض، قرب سريرها.. إنّه كابوس! لقد كانت نائمة! فتحت صفحتها على الفايسبوك ووجدت أنّ صورتها حازت على أكثر من 350 لايك، والعشرات من التعليقات التي تشيد بحسنها وجمال مظهرها. لم تبال، كانت تبحث عن تلك الجملة التي رأتها في المنام، وحين لم تجدها، تنفّست الصعداء.
أزالت جميع صورها المنتشرة بكثرة على صفحتها، أنزلت صورة عمّها الشهيد ووضعت أسفلها تلك الكلمات التي هزّتها "ولا صورة.. حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض".