مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

تسابيح شهادة: طيفُ شهيد وقلبُ أُمّ

الشيخ عبد القادر قطيش


لاح طيفه في سماء القلب، وهاج شوق الأمّ إلى وليدها، فحملت صورته واستحضرت في فكرها وجوده يَمثُل أمامها...

خاطبته: ولدي!
أجابها بحرقة قلب: لبّيكِ لبّيكِ، حاشاكِ أن تناديني فلا أُجيبك.

- ولدي! اشتقت إليك.
أجابها: عذراً يا أمّي، سامحيني إنْ جعلتُ الفراغ يدخل إلى قلبك، أنا هنا في عليائي أرسم صورتك في وجداني وعالمي، وأنتظر اللقاء لأشعر بدفء يديكِ على شفتَيّ... وألثم التراب من تحت قدميك.

- ولدي! كيف أنت؟ وماذا تصنع؟
أجابها: أمّي! لا تسألي عن الشهيد: كيف هو؟ وأين هو؟ وماذا يصنع؟ بل قولي لي: هنيئاً لك عالمك الجديد، وإخوتك الجدُد.
أنا في رَوحٍ وريحان، أجلس مع أصدقائي الشهداء، نأنس بجوار الله تعالى، في جنّة ورضوان...

- ولدي! كيف عبرت؟
أجابها: أمّي! كانت رحلتي سريعة، فقد انتقلت من عالمكم إلى هنا أسرع من البرق، واستقبلتني الملائكة والشهداء ببهجة وسرور وقد علّقوا أشعاراً كُتب عليها:
أهلاً بالضيف الجديد، عبرتَ بسلام...

- ولدي! هل تألّمت حينما سقطت إلى الأرض مضرّجاً بدمك؟
أجابها: لا يا حنونة! أنا لم أسقط إلى الأرض، بل وقعت في أيدي الحور، ودمي تطاير في السماء راسماً حروف نور بلونٍ أحمر وكلمة "شهيد".
يا حبيبتي لا زلتِ تخافين عليّ؟

- ولدي! وهل تنسى الأمُّ ولدَها الذي حملته وربّته وسهرت عليه؟ يا بنيّ! كل قطرة من دمك فيها قطرات من دمي ودمعي وروحي.
أجابها: آهٍ يا أمّاه! لو تعلمين بما يشعر الشهداء حينما يعبرون وكيف تتزيّن الملائكة لاستقبالهم!
نعم يا أمّاه! تستقبلهم استقبال الفاتحين، العابرين نحو ساحة الرحمة والخلود.
لكن اعلمي يا أمّي أنّي لم أمتْ، بل أنا حيٌّ في جوار الله.
أمّي! الأموات هم الذين أخلدوا إلى الأرض، ورضوا بالذلّ والهوان، أما الشهيد فإنّه عاش حرّاً ورحل شهيداً، وترك وراءه أرضاً تعيش الحريّة.
يا حبيبتي! أنا ما تركتكم زهداً بكم، بل قدّمت نفسي لتعيشوا أحراراً، وقمت بواجبي...

- ولدي! هل التقيتهم؟
أجابها: مَنْ؟

قالت: أئمّة الشهداء والمجاهدين؟
أجابها: بلى يا أمّاه! وهل تحلو المجالس بغيرهم! إنهم يجلسون على منابر من نور، والشهداء يحومون حولهم كالفراشات.

- ولدي! أشتاق إلى ذلك النور.
أجابها: أمّاه! كتبت اسمك في قائمة الشفاعة وعلى رأسها، وقدّمتها للمصادقة، فإنّ للشهيد خصوصيّة هنا، إنّه يشفع لأربعين مؤمناً، وأنا ولدك الذي ربّيتِه على الإيمان... وأنت مؤمنة.

- ولدي! كيف أراك؟
أجابها: أمّي! إذا أردتِ رؤيتي فانظري إلى صفوف المجاهدين ستريني بينهم، فإنّي أشتاق إليهم كلّ يوم، أذهب لأكون معهم مدافعا ًعن ديني وأهلي ووطني ولأنال وسام الجهاد مرّات ومرّات.

- ولدي! هل يرونك هم؟
أجابها: أمّي! إنّ المجاهدين يحومون حول الشهادة لينالوها، وأجسادهم لا تقدر على حمل الشوق إليها، وأرواحهم وقلوبهم حولنا، يخاطبوننا بلهفة شوقاً إلى اللقاء.

- ولدي! أتركك في أمان الله، ولا أحبّ فراقك.
أجابها: نامي قريرة العين، ولتهدأ عيونكم، فإنّنا لم نستشهد إلّا لذلك ولننال الرضا الإلهيّ، في أمان الله يا أجمل كلمة: أمّي...
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع