مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

تسابيح شهادة: "ساجد الدوير" والأرض على كتفه

ندى بنجك

لو قدّر للمكان أن يمسك القلم ويكتب سيرة إنسان، ماذا كان يمكن أن يكتب عنك "إقليم التفاح" و"البقاع الغربي"؟ ماذا كانَت ستدوّن للتاريخ "بنت جبيل"؟ معك وعنك أيها الشهيد القائد محمد قانصو "الحاج ساجد"، يستحيل كل التراب كتاباً، والحروف دمك، والصفحات بعدَد نبض قلبك، والعنوان هو ما كنتَ تصنع، وأنت كنت تحمل الأرض على كتفك، من معركة إلى معركة، ومن نصر إلى نصر.

*حيث كنت... خلاصة المقاومة
كنت مجاهداً بحجم القضية التي انتميت إليها، وقائداً بحجم الميادين التي أشعلتها.. كنت تاريخاً لا يُكتب ولا يُقرأ لأنه ضوء، وهواء.
صاحب حكاية محفورة في القلب.. والدرب جليل، بدايته الغيم والثلج في الإقليم، وختامه ضفة النصر الإلهي في تموز.

أبدأ من بدايتك في إقليم التفاح، وفي إقليم التفاح بداية كل عاشق وكل واصل وكل مجد. في الإقليم، خلاصة المقاومة. في الإقليم، النوم فوق الثلج، والطعام المفقود لأسابيع، والشمس التي تكوي الجلد، والأيام الممتدة بين وديان الشوك، والدروب الموحشة. لا فصل بين الأوقات، لا انقضاء للتعب، ولا استراحة بين النفس والنفس.

*قائد في الاستطلاع.. ساجد
أن تكون قائداً، فتشتغل تفاصيل من مهام عنصر، وأن تكون عنصراً، فتحمل همّ مسؤول. توليت في الإقليم مسؤولية الاستطلاع، وهو واحد من أخطر المهام وأدقها في قيادة الميدان. وعندما تولّيت المسؤولية، أوجعت الصهيوني في صميم جرحه، وكنت بين عناصرك حضن أمّ.
صاحب العمليّات الكبرى في منطقة الإقليم ساجد. أول سقوط لأسطورة الميركافا في سجد، كان باسم يديك، وفي معظم المنعطفات والضربات التي أحدثت تحوّلاً في مسيرة المقاومة، كنت أنت.

للحكايات حنين، وفي الحنين أنت يا حاج ساجد. نراك تخطّط وتُهندم العملية، وتودّع الإخوان، تقبّلهم واحداً واحداً، بعد أن تطمئن على الرصاصة في جعبته وعلى ربطة الحذاء العسكري، وعلى قطرة الماء في "المطرة".
تودعهم.. ثم تدخل، لتسخن لهم الماء، كي يستحموا بعد نار ودخان، وتطهو لهم بيديك، وتمسح على رؤوسهم ووجوههم، مع أول طلة، وتبكي، بلى تبكي مثل طفل، عندما يعود المجاهد شهيداً...

*ومن ميدان إلى ميدان
زمن العمليات التي خاضتها القوّات التي درّبتها، هي الحق والحقيقة في عين الزمن. عملية الغجر، واحدة، تختصر كيف تحوّل الأسر في قبضة المقاومة إلى حريّة، وكيف صارت القوّة إلهيّة. وفي تموز 2006، وأنت ملك الزمان في بنت جبيل، وبنت جبيل كانت عنوان مقاومة.
في بنت جبيل، المجاهدون بحر، سلاح وصلاة. كان الحاج ساجد شعلة لا تعرف انطفاء. أحاط بهم من تلة إلى تلة، كانوا يلاحقونه بالطيران وينادونه عبر مكبرات الصوت، وهم صوتهم من نار وحديد، وهو صوته من قرآن.. حامل زيارة عاشوراء في جيبه هذا الساجد، مهما كانت الأحوال.

قاد المعركة في بنت جبيل وهو في حالة إصابة أيضاً، واطمئن على مجريات النصر، فكان طلبه ملحاً أن يكمل من منطقة بيت ياحون.. ولأنه كان يعلم من قبل الحرب بأيام، بأن يوم اللقاء قد حان، أوصى رفيقاً له بسلاحه...

*هكذا يختم الحسينيون حياتهم
مضى إلى كونين، اغتسل غسل الشهادة، وفي طريق إكمال الخطى الأخيرة في معركة بنت جبيل، تمّ استهداف المنزل بصاروخ..
إذاً.. هكذا يختتم الحسينييون حكاياتهم.

استشهد الحاج ساجد في الساعات الأخيرة من إعلان هزيمة الكيان الصهيوني في حرب تموز، وقيام النصر الإلهي.. وعاد إلى الضيعة التي لم تعرفه مجاهداً، فعرفته شهيداً قائداً..

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع